مهرجان سلا الدولي لفيلم المرأة يناقش وضع الناقدات السينمائيات

أكدت المشاركات في الندوة أن النساء في المجال النقدي السينمائي المغربي قليلات جداً لا يتجاوز عددهن خمس ناقدات، بالرغم من تواجدهن في مختلف مجالات السينما بشكل عام، داعيات إلى اعتماد التمييز الإيجابي والاهتمام أكثر بالأفلام التي تصنعها النساء.

رجاء خيرات

المغرب ـ على الرغم من التقدم النسبي الحاصل في مجالات النقد السينمائي، إلا أن الناقدات ما زلن تواجهن عقبات مهنية كبيرة، منها التمييز بين الجنسين ونقص الفرص الوظيفية والتهميش في الدوائر النقدية.

طالبت المشاركات خلال الندوة التي نظمت أمس الخميس 26 سبتمبر/أيلول على هامش المهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا المتاخمة للرباط، بمكافحة كافة أشكال التمييز وعدم المساواة وخلق بيئة مواتية وعادلة تضمن للناقدات السينمائيات التعبير عن أصواتهن بحرية واكتساب الشرعية ضمن منظومة الصناعة السينمائية، ولا سيما أنهن تقدمن وجهات نظر فريدة ومتنوعة لتحليل الأفلام وتقييمها، فيما يتعلق بتناول موضوعات الحركة النسوية، وتمثيل النوع الاجتماعي وقضايا الجنس وغيرها من الموضوعات ذات الصلة، حيث يعد وجودهن في المجال النقدي إثراء للنقاش كما يساهم في الفهم الدقيق للفن السينمائي. 

وأكدت المتدخلات خلال الندوة أن وضعية الناقدات السينمائيات قد تطورت، لكن حجم التحدي مازال كبيراً في ظل الهيمنة الذكورية الواسعة على النقد السينمائي بشكل عام.

وتساءل المشاركون ما إذا كانت هناك خصوصية تطبع النقد السينمائي النسوي على مستوى آليات التعبير واللغة المستعملة وكذلك المواضيع التي تنجذب لها النساء نقدياً، وإلى أي حد يوجد هناك نقد نسوي سينمائي يختلف من حيث المنهج وطرق الكتابة عما يكتبه النقاد.

وأشار المتدخلون إلى أن هذا النوع من الممارسة السينمائية ظهر متأخراً في المجتمعات العربية مقارنة بالمجتمعات الغربية كأمريكا مثلاً، مع العلم أن الممارسة السينمائية ظهرت بشكل مبكر سواء بالنسبة للعاملات أمام الكاميرا أو خلف الكاميرا، فضلاً عن أن واقع الممارسة السينمائية النقدية النسوية في العالم العربي يختلف عنه بأمريكا مثلاً، التي بدأت تظهر فيها مؤسسات مهنية للناقدات السينمائيات منذ عام 2004، حيث وضعت بعض هذه المؤسسات معايير صارمة من أجل الانخراط فيها، منها أنها تشترط على الناقدة أن تكون قد كتبت مائة ملخص فيلم وأن تكون وتيرة الكتابة لديها هي ثلاث مقالات على الأقل في الشهر.   

وأكدت الصحفية والناقدة السينمائية المغربية أمينة بركات أن حضور المرأة في اللقاءات الخاصة بالفن السابع أصبح مسألة ضرورية وحتمية، حيث يحيل الحديث على مشاركة النساء في تطوير السينما للإشارة إلى وجودها بشكل متميز في إحدى الوسائل التي تدعم تطور السينما وهو تواجدها أيضاً في إحدى ركائز هذا الفن باعتباره عنصراً فعالاً في نضج الحركة السينمائية، ويتعلق الأمر بالنقد السينمائي.

وبينت أن النقد السينمائي يعد مسألة ضرورية لتقييم الفيلم ابتداءً من الكتابة السينمائية "الحوار والسناريو" ثم الإخراج، لافتةً إلى أن النساء في المجال النقدي السينمائي المغربي قليلات جداً لا يتجاوز عددهن خمس ناقدات، بالرغم من تواجدهن في مختلف مجالات السينما بشكل عام.

وعن اهتمام العنصر النسوي بالفن السينمائي، أكدت على أن هناك العديد من الدراسات التي تناولت الحركة النقدية النسوية في السينما، حيث ناقشت هذا التواجد باعتبار أن المرأة عنصر مهم التحقت في الأعوام الأخيرة بزملائها اقتناعاً منها بأهمية النقد السينمائي ومحباً لهذا المجال الذي أصبح له دور مهم في الدفع بالعمل السينمائي إلى الأمام.

وأشارت إلى أن الحديث عن السينما المغربية بتاء التأنيث أصبح مسألة ثابتة ترتبط بارتفاع عدد النساء العاملات في مجال الفن السابع الذي عرف قفزة نوعية في السنوات الأخيرة.

ولفتت إلى أن هذا التطور لم يواكب عدد الناقدات السينمائيات الذي لا يزال خجولاً ولم يرقى إلى مستوى العدد الموجود على الساحة السينمائية من متتبعين ومهتمين بهذا الفن، رغم أن الأفلام الموقعة بأسماء نسائية حققت نجاحاً وحضوراً ملفتاً سواء على المستوى الوطني أو الدولي.

 

 

من جانبها، أكدت الناقدة الصحفية المصرية انتصار دردير أنه لا يمكن أن تكون صناعة السينما مزدهرة وقوية في غياب نقد سينمائي لأنه يكتسي أهمية بالغة بعد الإنتاج والتوزيع والعرض.

وحول مواكبة النقد السينمائي للزخم السينمائي المصري الموجود، أوضحت أن الحكومة في مرحلة ازدهار السينما المصرية دعمت المجال عن طريق القطاع العام لعقود، ونفس الشيء فعله العديد من الفنانين الذي أسسوا شركات إنتاج خاصة، وهو ما أفرز حركة نقدية مهمة شملت الناقدات مثل إيريس نظمي وخيرية البشلاوي.

ونفت أن تكون هناك هيمنة ذكورية في مجال النقد السينمائي، باعتبار أن مصر يوجد فيها ومنذ مرحلة مبكرة (خلال السبعينيات) معهد النقد الفني التابع لأكاديمية الفنون الذي احتفل هذا العام بذكرى تأسيسه الخمسين، وقد تخرج منه النقاد في كل أنواع النقد منها السينمائي والمسرحي والموسيقي، مما يفتح المجال لدراسة النقد أمام الطلاب إناثاً وذكوراً.

ولفتت إلى أن هناك تراجع للنقد السينمائي بشكل عام في مصر، حيث لم يعد هناك نقاد بمستوى الذين سبق وأن ذكرتهم، وبالتالي فالأجيال الجديدة لم تعد لها نفس القوة والحضور باستثناء القلة القليلة.

وعن الحضور النسوي في النقد السينمائي قالت إن "هناك جيل ثان ظهر مثل ماجدة خير الله وماجدة موريس، كما أن هناك خريجي المعهد الذين يمارسون النقد ويكتبون لكنهم ليسوا لامعين أو مؤثرين في هذا المجال كما هو الشأن بالذين سبقوهم". 

وأعادت هذا التراجع في النقد خلال الأعوام الأخيرة إلى التغيرات التي حصلت في العالم كله بسبب "مواقع التواصل الاجتماعي" التي أفسدت أشياء كثيرة من ضمنها أن كل شخص أصبح بإمكانه أن يمارس النقد دون دراسة ويخلق زوبعة وجدل، حيث يهاجم أو يشتم، مما نتج عنه أن النقاد سواء رجال أو نساء فقدوا تأثيرهم بسبب هذه الفوضى التي عمت "السوشال ميديا".

 

 

وعن المكانة التي تحتلها النساء الناقدات في السينما أشارت الناقدة السينمائية والصحفية الأنغولية البلجيكية دجيا مامبو أنها ضعيفة، شأنها شأن المكانة التي تحتلها النساء في مختلف المجالات سواء الثقافية أو السياسية أو الاقتصادية.

ولفتت إلى أن النقد السينمائي الإفريقي عموماً ظهر بعد الحركة السينمائية والطفرة التي عرفتها بعد حصول العديد من الدول الإفريقية على استقلالها، حيث ظهرت السينما كشكل من أشكال التعبير النضالي الذي يجعل الشعوب تحكي تاريخها بشكل مختلف عم يرويه المستعمر الغربي.

وأكدت أن الناقدات السينمائيات ما تزلن تناضلن من أجل أن تتحدثن عن أفلامهن الخاصة وتتمكن من عرضها وتمرير الرسائل عبرها، خاصة فيما يتعلق بالصور النمطية والنظرة الدونية للنساء، لافتةً إلى أنه تماماً كما هو الشأن بالنسبة لباقي المجالات لازالت النساء تعشن في مجتمع أبوي "بطريركي" ليس فقط في الدول الإفريقية، بل حتى في الدول الغربية.

ودعت إلى النضال من أجل انتزاع المرأة للمكانة التي تستحقها ومناهضة التمييز في مجال النقد السينمائي، لأن هناك أشياء تكتسي بالنسبة للنساء أهمية أكبر مقارنة بالرجال.

وتطرقت إلى المواضيع التي يمكن تناولها سينمائياً ولا يستطيع الرجل بحكم تكوينه البيولوجي المختلف أن يخبرها مقارنة بالمرأة، كالأمومة مثلاً والتمييز بسبب الجنس، مبينةً أنها كمواطنة أفريقية تعيش في دولة أوروبية لا زالت تعاني من التمييز بسبب اللون، وهي أشياء لا يمكن للناقد الرجل الغربي أن يتطرق إليها.

وخلصت إلى أن جميع النساء هن نسويات مع عدم حصر مفهوم النسوية في الوصول إلى مراكز القرار السياسي، بل في الدفاع عن القضايا الإنسانية العادلة، مشيرةً إلى أن النساء يمكنهن الحديث عن تجارب عشنها سواء كن أمام أو خلف الكاميرا "ممثلات ومخرجات"، كما أن صانعات الأفلام تتملكهن، مما لا يدعو للشك أن هناك رغبة أكيدة في معرفة رأي ناقدات نساء أكثر من الرجال أحياناً.

ودعت النساء الناقدات إلى اعتماد التمييز الإيجابي والاهتمام أكثر بالأفلام التي تصنعها النساء، بحكم أنهن تتوفرن على رؤيا سينمائية وتوعوية فنية تختلف عن تلك الموجودة عند الرجل.