مهرجان "قافلة بين سينمائيات" يبرز مساهمات المرأة في السينما العربية والعالمية

تسعى مبادرة "قافلة بين سينمائيات" التي اختتمت أعمالها في لبنان إلى إبراز مساهمات المرأة في السينما العربية والعالمية في عرض القضايا التي تطرحها مخرجات من كافة أنحاء العالم ولا سيما العالم العربي.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ اختتم مهرجان "قافلة بين سينمائيات" الثاني أعماله أمس الأحد 1 أيلول/سبتمبر في عاصمة الشمال طرابلس، حيث انطلقت عروضه في 29 آب/أغسطس الماضي، من خلال عرض العديد من الأفلام التي تجسد قضايا المرأة وواقعها.

شهدت فعاليات قافلة بين سينمائيات في يومها الأول، عرض فيلم كذب أبيض للمخرجة أسماء المدير، وفي يومه الثاني فيلم "قبل والآن وبعد ذلك نانا" للمخرجة كاميلا أنديني، أما في اليوم الثالث والرابع فعرضت أفلام بيئية وثائقية لمخرجات لبنانيات كانت قد شاركت في مهرجان "التنوع البيولوجي والسينما" في حمانا، ففي اليوم الثالث عرض فيلم "تلة الحيات" لجويل أبو شبكة، وفيلم "منثور بيروت" للمخرجة فرح نابلسي، و"أفق" لشيرين بو رفول وموسى شابندر، وفي اليوم الرابع "ذاكرة المي" لريبيكا طوق، وفيلم "مغارة للبيع" لموريال حنين و"حائكات الأرض" لريما قديسي، كما تم عرض "أحلام المنفى" للمخرجة الفلسطينية اللبنانية مي المصري، و"احكي يا عصفورة" للمخرجة الفلسطينية عرب لطفي.

وعلى هامش المهرجان، قالت مؤسسة القافلة آمال رمسيس من مصر إن "قافلة بين سينمائيات هو نشاط بدأ في عام 2008، ونقوم بعرض أفلام نساء من بلاد مختلفة من العالم العربي وإسبانيا وأمريكا اللاتينية، وهي المرة الرابعة التي تعرض في لبنان، وكانت النسخة الأولى من المهرجان في بيروت والثانية في بيروت وصيدا، والنسخة الثالثة والرابعة في طرابلس".

وأوضحت أن "هناك تنوع على مستوى البلاد التي تعرض منها الأفلام، وبهذا يمكن للجمهور أن يتعرف على واقع بلاد ثانية لا يعرف عنها شيئاً، لكن من وجهة نظر النساء، لأن هذا هو الشرط الأساسي للمهرجان، وهناك جانب ثاني لجهة الجودة الفنية للعمل بأن يكون له رؤية سينمائية مختلفة غير معتادين على مشاهدتها في أفلام ثانية، ومناقشة قضية لا نعرف عنها الكثير"، قائلة "نحاول على مدى أيام مهرجان القافلة أن يتعرف الجمهور على أكبر عدد من قضايا النساء وواقعهن والذي يختلف بشكل كبير بين بلد وأخر، فهي أفلام تعبر عن وجهة نظرهن بطريقة مختلفة عن الأفلام التجارية في صالات العرض التجارية وفي منصات أخرى مثل النتفلكس وغيرها، كما أنها تحرك العقل والروح ولا يرغب صانعوها بأن يراها الجمهور، لأنها تدفع الجمهور ليس إلى التفكير فحسب، بل أن يكون لديه تصوراً نقدياً لواقعها، وبالتالي فهذه الأنواع غير موجودة".

 

 

من جانبها، أوضحت المخرجة الفلسطينية اللبنانية مي المصري أن المهرجان يضم هذا العام العديد من الأفلام من العالم العربي، وهناك ورشة تدريب لشابات في مجال الإخراج والتصوير وغيرها.

وعن فيلمها "أحلام المنفى" قالت "الفيلم يسلط الضوء على تجربة أطفال المخيمات في لبنان وفلسطين، وتم تصويره في لحظة تاريخية عام 2000، التي تزامنت مع تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي والانتفاضة في فلسطين، وصورت مشاهد للقاء العائلات ولم الشمل على الحدود، ورسالة الفيلم هو توثيق لهذه الفرحة المهمة في تاريخنا المشترك، والتركيز على الأمل بالتحرير والمستقبل وتجربة الأجيال الفلسطينية في المنفى وأحلامهم وطموحاتهم للمستقبل".

وبينت أن "معظم أفلامي تتمحور حول الطفل أو على التجارب النسائية خصوصاً التي تعبر عن معاناتهن وتمردهن على الواقع الذي تعشنه، كما أن هناك أفلام تدور حول دور المرأة في فلسطين، وأنجزت الكثير من الأفلام عن الأسيرات في سجون الاحتلال، وهو موضوع منسي ولا يتم التركيز عليه".

وأكدت "نعيش مرحلة فيها تغيرات هامة، وتشهد السينما حضور لسينمائيات عربيات، ومنهن عدد كبير في كل من فلسطين ولبنان، ونصف الأفلام الجديدة من إنتاج نساء، وهذا أمر مشجع بأن نستطيع كسر القيود والنمطية وضغوطات المجتمع، والتركيز والحديث عن قضايا المرأة التي تعاني من اضطهاد كبير، والأهم أن نستطيع معالجة القضايا من الداخل، وليس أن يأتي الغرب ويعلمنا إعداد أفلام عن واقعنا".

وعن مشاريعها المستقبلية قالت "أكتب حالياً سيناريو لفيلم روائي يروي ما يحصل في قطاع غزة والضفة الغربية من منحى إنساني مع التركيز على الأمور التي لا نراها في الأخبار، والتي يمكن لنا أن نوصل فيها رسالتنا".

فيلم "احكي يا عصفورة" يتناول لقاء مع مناضلات وأيقونات فلسطينيات في الكفاح المسلح، ومنهن ليلى خالد، وداد قمري، أمينة دحبور، تيريز هلسة، رشيدة عبيدة، عائشة ورسمية عودة وهن تروين مسيرتهن وذكرياتهن في أجواء منزلهن العادية، وما دفعهن لمسيرة النضال.

 

 

وفي هذا المنحى أوضحت المخرجة الفلسطينية عرب لطفي أن فكرة الفيلم جاءت بعد احتلال لبنان من قبل القوات الإسرائيلية عام 1982 وتغير الأوضاع السياسية في المنطقة "أنا أوثق تجربة النساء اللواتي لعبن أدواراً في فترة الكفاح المسلح والتأكيد على استمراريتهن، حيث كانت في وقتها تحدياً كبيراً، خصوصاً بعد خروج أصوات تشير إلى انتهاء هذا الكفاح النسوي".

وأشارت إلى أنها سعت من خلال الفيلم إلى إبراز الخصوصية التي لعبتها المرأة في المجال الثوري العربي في كل من مصر والجزائر وفلسطين ولبنان، والتركيز على تجربة النساء الفلسطينيات مع لفت النظر إلى امتداد النضال للجزائريات "حاولت تسليط الضوء على أنهن نساء أتين من مهن وحياة طبيعية، مثل المعلمات والموظفات في مصارف وفي المحل التجاري، أي أنهن نساء عاديات وضعن بظرف غير عادي بسبب الاحتلال أدى إلى تغيير مسار حياتهن، واخترن الانضمام للكفاح من أجل تحرير المنطقة".

والمحور الأخير الذي ركزت عليه في الفيلم هو أهمية الكفاح المسلح "كيف يمكن إقناع المحتل بالخروج بغير الكفاح المسلح، فهناك عناصر كثيرة أدت إلى المساهمة في تبلور الفكرة، وملاحظة أن هؤلاء النساء اللواتي ظهرن في هذا الفيلم ليست جميع النساء، فهناك أفلام وأعمال أخرى، فهدفي هو توثيق التجربة النسوية بشكل أوسع".

وأوضحت أن "النساء ببلادنا من كل الفئات من الأمهات والزوجات والفتيات تناضلن والسجون الإسرائيلية مليئة بالنساء، وكذلك المعتقلات في جنوب لبنان، ويومياً في غزة تتولى النساء الحمل الأكبر، لتدفع الشعب للتماسك بمواجهة الإجرامية التي تحصل، فلم تتوقف المرأة يوماً عن المشاركة في الكفاح، ولكن بسبب هيمنة الأفكار الذكورية على المجتمع تهمش أدوارهن، وهذا لا يعني عدم وجوده".