مغربيات تؤكدن على أن التمكين الاقتصادي للنساء من شأنه أن يحد من ظاهرة العنف
أكد المشاركون/ات في اللقاء التواصلي الذي نظم في المغرب، على أن ظاهرة العنف ضد المرأة والأطفال لا تزال متفشية بشكل لافت في المجتمع، وهو ما يستوجب تكثيف الجهود من قبل الحكومة والمجتمع للحد منها.
رجاء خيرات
مراكش ـ أجمع المشاركون/ات في لقاء تواصلي حول موضوع "دور المؤسسات والمراكز في التأطير والخدمات للنساء والأطفال ضحايا العنف" على أن الفقر والهشاشة وضعف التمكين الاقتصادي للنساء تبقى من بين الأسباب التي تحول دون الحد من ظاهرة العنف ضد النساء.
نظمت جمعية "النور والعرفان" التي تعنى بمناهضة العنف ضد النساء، أمس الأحد 11 شباط/فبراير، بمدينة مراكش في المغرب لقاء تواصلي حول موضوع "دور المؤسسات والمراكز في التأطير والخدمات للنساء والأطفال ضحايا العنف".
وقالت رئيسة جمعية "النور والعرفان" نورة الشباني إن الأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية والتي تخص ظاهرة العنف ضد المرأة باتت مقلقة في السنوات الأخيرة، حيث يتخذ العنف أشكالاً مختلفة عنف جسدي، لفظي، اقتصادي ونفسي، وعنف رقمي في غياب قانون يحمي النساء من العنف.
وأضافت أن المغرب عمل في إطار تنزيل المواثيق الدولية المتعلقة بحماية المرأة وتمكينها وفق منهج متكامل يجمع بين البعد الوقائي والحمائي والتمكيني، على مناهضة العنف ضد النساء من خلال مجموعة من الإجراءات مكنته من ضمان الترسيخ الدستوري والقانوني لمناهضة العنف ضد المرأة.
ولفتت إلى أنه رغم الجهود المبذولة في هذا الإطار، سواء من قبل الحكومة أو جمعيات المجتمع المدني الفاعلة في هذا المجال، إلا أن هذه الظاهرة لا تزال متفشية بشكل "مخيف" بعد أن كشفت نتائج البحث الوطني الثاني حول انتشار العنف ضد المرأة عن وضع مقلق (55.8% من الحضريات تتعرضن للعنف، و51.6% بالنسبة للقرويات).
وأشارت إلى أن معدل انتشار العنف بالفضاءات العامة أعلى لدى النساء اللواتي تتوفرن على مستوى تعليمي عال مقارنة مع غيرهن، حيث أنه كلما ارتفع مستوى تعليم النساء زاد معدل انتشار العنف في صفوفهن، وتتراوح هذه النسبة بين 29% لدى الحضريات اللواتي لم يسبق لهن ارتياد المدرسة، و40% في صفوف اللواتي تتوفرن على مستوى التعليم الابتدائي، و57.9% في صفوف من لديهن مستوى تعليمي عال.
وبشأن عدم فعالية التدابير ومحدودية أثرها في الحد من ظاهرة العنف، أوضحت أن ذلك يعود إلى عدة عوامل من بينها الاهتمام بوصف الظاهرة أكثر من البحث عن كيفية معالجة أسبابها، إذ لا يكفي أن تتحدث التقارير السنوية عن نسب العنف، بل ينبغي البحث في أسبابها الحقيقية.
وبينت نورة الشباني أن عدم استهداف الشريحة المعنية بممارسة العنف أثناء الحملات المنظمة حول الظاهرة يعد عاملاً أساسياً في عدم فعاليتها لأن أنشطة الحملات تكون في الغالب عبارة عن ندوات ولقاءات توعوية في مراكز ثقافية أو في الجامعات، وتوجه بشكل خاص إلى الفئة المعنفة وهي النساء، في حين أن الرجال المعنِفين هم أيضاً معنيين بحكم أن سلوك العنف يصدر عنهم وبالتالي ينبغي استهداف الرجال كذلك.
بدورها أشارت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء سناء زعيمي إلى أن الحديث عن مناهضة العنف ضد المرأة والأطفال دولياً يتطلب الحديث عن اتفاقية "سيداو"، حيث مر المغرب للمصادقة عليها بمجموعة من المراحل منذ ١٩٩٣ حتى اليوم، إلى أن وافق على جميع المواثيق والمواد المتعلقة بالاتفاقية والتي لا تتعارض موادها مع مقتضيات الدستور المغربي.
وأوضحت أن الحديث عن العنف يستوجب استحضار القانون ١٠٣ـ١٣ والذي لم يمر على إصداره إلا سبع سنوات حتى الآن، إلا أنه بدأت تبرز بشأنه ثغرات كثيرة، لافتة إلى أنه ليس قانوناً بالمعنى القانوني، بل هو مجموعة من المواد مثمنة بالقانون الجنائي وبقانون الأسرة، وبالتالي فهو بعد عامين من صدوره أفرغ من مواده التي ألحقت بالقانون الجنائي، ولم يعد قانون مستقل.
ولفتت إلى أن القانون ١٠٣ـ١٣ لا يجرم تزويج القاصرات الواردة في قانون الأسرة، علماً أن القانون الجنائي يلزم بتعليم الأطفال حتى سن ١٦ عاماً، وبالتالي فتوافق القانون ١٠٣ـ١٣ مع هذه القوانين لا يتحقق، وتبقى الضحايا هن القاصرات اللواتي يتم تزويجهن مبكراً، وهنا تصبح ظاهرة العنف معقدة ومركبة وحلها يتطلب تدخل من عدة مداخل.
وبينت سناء زعيمي أن الحكومة غير قادرة على إنشاء مراكز للإيواء للمعنفات ولا مراكز للاستماع، حيث فوضت هذه المهمة لجمعيات المجتمع المدني بالشراكة مع مؤسسات التعاون السكني بشكل أساسي وذلك بحكم أن المغرب يحتل مرتبة متقدمة في نسب العنف ضد المرأة من بين دول شمال إفريقيا.
من جهتها اعتبرت الباحثة في جامعة محمد الخامس بالرباط سكينة الهلالي أن برامج التنمية ودورها في استهداف الفئات الهشة وكذلك الخطط التي قامت الحكومات بتنفيذها من أجل إشراك النساء في التنمية المستدامة، كانت دائماً تستحضر برامج لمناهضة كافة أشكال التمييز والعنف ضد المرأة، مضيفةً أن برامج التنمية التي انخرط فيها المغرب منذ سنوات ركزت على التمكين الاقتصادي للنساء كواحد من العوامل التي تساهم في الحد من هذه الظاهرة.
وأكدت على ضرورة تمكين النساء اقتصادياً وسياسياً من أجل تحقيق المساواة وهو ما سيؤدي حتماً إلى الحد من ظاهرة العنف ضد النساء، لافتة إلى أن التجربة المغربية تبقى رائدة في هذا المجال حيث لا يمكن إنكار الجهود التي بذلت في مناهضة العنف.
وخلصت سكينة الهلالي إلى أن مناهضة العنف ضد النساء والأطفال تتطلب تكثيف الجهود لكافة المتدخلين من أجل الحد من الفقر الذي اعتبرته أحد الأسباب الهامة المؤدية إلى انتشار العنف، داعية إلى ضرورة تعليم وتدريب وتأطير النساء وتمكينهن من فرص للعمل مع وجوب قانون يحميهن داخل فضاء العمل كالتحرش الجنسي والاستغلال.