مغربيات تطالبن بتطوير القوانين وتسهيل مساطر التبليغ عن جرائم العنف الرقمي
لتعزيز قدرات النساء في التعرف على أشكال العنف، نظم اتحاد العمل النسائي فرع مراكش دورة تكوينية حول "العنف الرقمي عبر الوسائط الإلكترونية" سلطت من خلالها الضوء على أهمية التوعية حول مظاهر العنف الرقمي وتأثيراته على النساء.

رجاء خيرات
المغرب ـ أجمعت المشاركات في الدورة التكوينية حول العنف الرقمي القائم على النوع الاجتماعي على أن النساء هن الأكثر تعرضاً للعنف الرقمي، وطالبن بتحسين جودة القوانين ومواكبتها للتحولات الاجتماعية التي فرضها التطور التكنولوجي وانتشار الوسائط الالكترونية.
نظم اتحاد العمل النسائي فرع مراكش أمس الخميس 12 حزيران/يونيو في العاصمة مراكش، دورة تكوينية حول "العنف الرقمي عبر الوسائط الإلكترونية" سلطت من خلالها الضوء على أهمية التحسيس والتوعية حول مظاهر العنف الرقمي وتأثيراته المختلفة على النساء والمجتمع.
ودعت المشاركات في الدورة إلى تحسين جودة التكفل بالنساء والفتيات ضحايا العنف الرقمي وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهن داخل مراكز الاستماع التابعة للجمعيات النسوية والهيئات التي تعنى بمحاربة العنف.
وبحسب المنظمين، فإن الدورة تهدف إلى تعزيز قدرات المشاركات والمشاركين في التعرف على أشكال العنف الرقمي وفهم أبعاده النفسية والاجتماعية والقانونية، فضلاً عن تمكينهم من فهم آليات التدخل والتكفل بالنساء و الفتيات ضحايا العنف الرقمي بشكل مهني وفعال.
مليون ونصف مغربية تعرضن للعنف
وأوضح المنظمون أنه في عام 2019، أي قبل جائحة كوفيد - 19 تعرضت مليون ونصف مغربية للعنف، في حين أنه خلال الجائحة تزايدت نسبة النساء المعنفات على الوسائط الرقمية، بحكم أن الفضاء الرقمي أصبح الأكثر تداولاً وولوجاً بسبب الحجر الصحي، وهو ما دفع بعض الجمعيات والهيئات والمصالح التابعة للدولة إلى تخصيص الأرقام والمنصات الإلكترونية للتبليغ عن حالات العنف التي تتعرض لها النساء والفتيات.
وأضافوا أن حالات العنف الرقمي تزايدت أثناء الجائحة بشكل عام وحتى أثناء وقوع الزلزال بإقليم الحوز، حيث أصبح الفضاء الرقمي أكثر اكتساحاً من قبل الفتيات والنساء وهو ما عرضهن للكثير من الاستغلال والتحرش و التشهير والابتزاز، وأحيانا من طرف الجناة مجهولي الهوية، وبحسب الأرقام التي أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط فإن 86 بالمائة من الذين يمارسون العنف الرقمي هم رجال، و 72 بالمائة منهم يكونون مجهولي الهوية، في حين أن أغلب ضحاياه نساء وفتيات، وتشير الأرقام التي أصدرتها المديرية العامة للأمن الوطني، إلى أنه في عام 2020 سجلت 622 شكاية من بينها 476 تتعلق بضحايا راشدات و 47 بضحايا قاصرات.
وحذرت المشاركات من خطورة الظاهرة وقصور القوانين التي تبقى مجحفة بحق النساء ضحايا العنف الرقمي، حيث تواجههن صعوبة أثناء التبليغ عن هذه الجرائم الإلكترونية لأسباب متعددة تتمثل في تمركز الجهة الأمنية المخول لها النظر في مثل هذه الشكاوى، كما تواجههن مشاكل تتعلق بتقديم الإثباتات، خاصة إذا قام الجناة بسحب المنشورات المسيئة للضحايا كالصور والرسائل أو المعطيات الخاصة.
التحسيس والتوعية مطلب أساسي
وقالت رئيسة اتحاد العمل النسائي لفرع مراكش سعيدة الوادي إن "العنف الرقمي ظاهرة جديدة على مجتمعنا، وبالتالي فقد ارتأى الاتحاد تنظيم دورة تكوينية لفائدة الفتيات والنساء من أجل الوقوف على الظاهرة و وتمظهراتها والتعرف على آليات الحماية والوقاية منها، في إطار مشروع سبق للفرع أن استفاد منه، خلال دورة تكوينية سابقة لعضوات وأعضاء الفرع على مدى ثلاثة أيام.
وأوضحت أن نشر التوعية بات ضرورة ملحة من أجل تسليط الضوء على مخاطر العنف الرقمي وما يترتب عنه من نتائج سلبية سواء اجتماعية أو نفسية على الضحايا، مشيرةً إلى أن العنف هو ظاهرة كونية تمس كل المجتمعات بما فيها المغرب، وبالتالي فهي تحتاج لتظافر الجهود والتحسيس بها وتعريفها للوقاية منها.
وبدورها اعتبرت جيهان موخو إحدى المستفيدات من الدورة، أن العنف الرقمي ليس ظاهرة عابرة وعادية، بل جريمة لا ينبغي السكوت عنها ويجب فضحها، وعلى النساء والفتيات ضحايا العنف الرقمي أن تبلغن عنها مهما كانت الظروف.
وأرجعت أسبابها إلى طبيعة المجتمع الذكوري، حيث تسود عقلية تحمل النساء مسؤولية تعرضهن للتنمر و التحرش والاستغلال بحكم انهن تلبسن لباساً "مثيراً" أو تقمن بأفعال تشجع الجناة، مؤكدةً أن التوعية ضرورية، في أوساط الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 ـ 25 عاماً، حيث أن أغلب ضحايا العنف الرقمي ينتمون لهذه الفئة العمرية، بحكم قلة الخبرة والثقة الزائدة حد السذاجة، مما يوقعهن في المشاكل ويعرضهن لابتزاز الجناة، داعيةً الضحايا إلى ضرورة التبليغ عن هذه الجرائم، لأن كل فعل غير مبلغ عنه يمنح فرصة أخرى للجاني لاقتناص ضحية أخرى محتملة.
من جهتها عبرت رئيسة جمعية "وشم للثقافة والفن" سناء الهداجي، عن اعتزازها بالمشاركة في هذه الدورة التكوينية، من أجل نقل هذه التجربة للتعريف بخطورة ظاهرة العنف الرقمي عبر الوسائط الإلكترونية، داعيةً إلى وضع آليات قانونية من أجل توفير سبل الحماية للنساء المعنفات وتسهيل مساطر التبليغ ووضع الشكايات لدى المصالح المختصة، لافتةً إلى أن الجمعية التي ترأسها تعتزم وضع مخطط سنوي يشمل برنامجاً تأسيسياً وتوعوياً سيشمل العنف الرقمي وآثاره وسبل الوقاية منه.
عنف مقنع وجبان وقانون معطوب
واعتبر بعض المشاركين والمشاركات، أن هذا العنف هو عنف مقنع، حيث الجاني يتخفى عبر الوسائط الإلكترونية وهناك سهولة من التملص من العقاب، مشيرين إلى أن الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط حول العنف الرقمي لا تعكس الواقع، باعتبار أن العديد من ضحايا هذا العنف لا تصرحن ولا تقدمن شكاوى للمصالح المختصة، إما بدافع الإجراءات المعقدة أو الخوف من "العار" و "الفضيحة"، كما أنه يصعب تتبع الجناة.
وحول القوانين الزجرية لهذه الجرائم، انتقد المتدخلون القانون 103 ـ13 المتعلق بالعنف، الذي لم يعطي تعريفاً محدداً للعنف الرقمي مكتفياً بتعريف عام للعنف ضد النساء، حيث كشف عن قصور كبير في مجال الحماية و التبليغ والإثبات.
وفي ختام الدورة دعا المتدخلون والمتدخلات إلى تسهيل المساطر أثناء التبليغ، معتبرين أن نفسية الضحايا تكون مدمرة، ولا تساعد على ولوج العديد من المؤسسات الأمنية من أجل تقديم شكاياتهن، وذلك عن طريق خلق المزيد من منصات التبليغ والأرقام الخضراء التي تتيح للضحايا سهولة إيصال شكاياتهن دون تردد أو خوف.