"مدرسة المناخ النسائية" مشروع لتعزيز قدرات النساء على التكيف مع التغيرات المناخية
دعت مشاركات في ورشة تدريبية حول تعزيز قدرات النساء على التكيف مع التغيرات المناخية إلى ضرورة إرساء عدالة اجتماعية، كما طالبن باعتماد مقاربة حقوقية لإنصاف النساء نظراً للدور الذي يلعبنه في الحفاظ على التراث الثقافي والبيئي وتثمين المنتجات الزراعية.

رجاء خيرات
المغرب ـ تخليداً لليوم العالمي للبيئة الذي يصادف الخامس من حزيران/يونيو من كل عام، وفي إطار تنفيذ مشروع "مدرسة المناخ النسائية: الحلول الجديدة والمبتكرة للتخفيف من آثار تغير المناخ وتعزيز قدرات النساء على التكيف" بجهة مراكش ـ أسفي، نظمت أمس السبت 31 أيار/مايو، ورشة تدريبية لفائدة النساء حول موضوع "أداء النظم الايكولوجية والقدرة على التكيف مع تغير المناخ وكفاءة استخدام الطاقات في مجال الزراعة".
نظم الورشة مركز التنمية لجهة تانسيفت بالتعاون مع جامعة القاضي عياض والمركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الماء والطاقة وجمعية "هيئات أخرى محلية بالجهة"، الذين أكدوا أن هذا المشروع يأتي تماشياً مع استراتيجية ومخططات عمل مركز التنمية لجهة تانسيفت، في تنسيق مع شركائه، في مجال دعم وتعزيز قدرات النساء والتكيف مع تغير المناخ على الخصوص، إيماناً منه بالدور الأساسي الذي تلعبه النساء في ظهور نماذج جديدة ومبتكرة للتنمية المستدامة على مستوى الجهة، وكذلك من خلال تقاسم الممارسات الفضلى والتجارب بشأن التكيف مع التغيرات المناخية.
كما يستهدف هذا المشروع المبني على آليات التتبع والمواكبة للتعاونيات والجمعيات النسائية بهدف دعمها وتوجيهها نحو نموذج عمل مناخي مرن ومستدام قادر على الحفاظ وتثمين الموارد الطبيعية المحلية، من خلال بلورة مشاريع تتكيف مع تغير المناخ وتراعي النوع الاجتماعي.
وعلى هامش فعاليات الدورة التدريبية، قالت الباحثة ورئيسة المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الماء والطاقة ليلى ماندي، إن مشروع "مدرسة المناخ النسائية" الذي أطلقه مركز التنمية لجهة تانسيفت يهدف إلى تعزيز قدرات النساء في التكيف مع التغيرات المناخية.
ولفتت إلى أن هناك العديد من الجمعيات والتعاونيات التي تنحدر من عدة مدن مغربية سوف تستفيد من هذه الورشات التدريبية، حتى يستعرضوا تجاربهم والتحديات التي تواجههم، من أجل الخروج بحلول مبتكرة يمكنهم الاستفادة منها، فضلاً عن تبادل التجارب والخبرات فيما بينها.
وأوضحت أن اللقاء تخلله زيارات ميدانية للمركز الوطني للدراسات حول الماء والطاقة الذي يهتم بدوره بهذا المجال، إضافة إلى زيارة للجماعة القروية أوناغة التابعة لإقليم الصويرة من أجل التعرف عن قرب على مشاريع رائدة في استعمال الطاقات المتجددة التي يمكن الاستفادة منها وتطبيقها على أرض الواقع في مناطق أخرى، وذلك حتى يتسنى للتعاونيات النسوية والتي تشغِل عدداً مهماً من النساء من أن يتأقلمن مع التغيرات المناخية التي يعرفها العالم.
كما يسعى المركز، عبر هذا المشروع، في إطار أجندة التنمية 2030، خاصة الهدف 5 (المساواة بين الجنسين)، الهدف 6 (المياه النظيفة والنظافة الصحية)، الهدف 7 (طاقة نظيفة وبأسعار معقولة)، الهدف 13 (العمل المناخي)، والهدف 15 (الحياة في البرية)، إلى تقديم الإجراءات المترابطة المتعلقة ببلورة مشاريع مستدامة، وكذلك المساعدة في التنفيذ والمتابعة ودعم أنشطة الترافع والمناصرة للنساء بجهة مراكش ـ أسفي.
نقل المعارف والخبرات مطلب ملح
وأوضحت إحدى المشاركات والمستفيدات من المشروع زينب أشبيبي كادو وصاحبة مشروع زراعي للمزروعات أنها استفادت بفضل جمعية "الأرض والإنسانية" من عدة تدريبات مكنتها من معرفة المبادئ الأساسية للزراعة وكيفية التعامل مع التربة ومع الأرض، مما زاد وعيها على كيفية حسن التعامل مع الأرض وتثمين المنتجات.
وأشارت إلى أن التعامل مع البذور يشبه إلى حد كبير التعامل مع طفل رضيع، حيث تتطلب مكاناً ملائماً لكي تنمو وتزدهر وتعطي منتجاً مرضياً، وهي خبرة اكتسبتها النساء بحكم طبيعتهن وتحتاج لصقل المهارات وتعزيز القدرات.
واستعرضت في مداخلتها تجربتها مع مشروع إنتاج الخضراوات وبعض الفواكه، مبرزة أهم التقنيات التي ينبغي أن تتزود بها صاحبة المشروع فيما يخص السقي والتعامل مع الأشجار المثمرة وتخصيب الأرض وغيرها من التقنيات.
وأوضحت أن العاملات في الزراعة الإيكولوجية لازلن تواجهن العديد من التحديات أبرزها صعوبة تمرير المعلومات والمعارف، حيث هناك بعض الباحثين والباحثات والدارسين والدراسات في هذا المجال من خريجي الجامعات والمراكز المتخصصة، لكنهم لا يمررون هذه المعارف لممارسي هذا النشاط الزراعي ليستفيدوا منها، بل إن جلهم يسافر خارج البلاد من أجل فرص عمل.
وقالت "قررت أن أنقل كل ما تعلمته في الزراعة الإيكولوجية، خاصة في أوساط النساء، حيث هن الأكثر قرباً للطبيعة بحكم تكوينهن البيولوجي، فليس عبثاً أن تكون المرأة هي من تحمل وتنجب وترضع صغارها، لذلك فإن البذور نفسها هي بمثابة "صغار" تحتاج للرعاية والحنان حتى تنضج".
ودعت النساء إلى اقتسام خبراتهن ومهاراتهن في المجال باعتبار أنهن حاملات للتغيير ورائدات في مشاريع يمكن أن تلهم نساء أخريات.
بدورها أكدت رئيسة تعاونية "أركان الخير" بالجماعة القروية الحنشان بإقليم الصويرة سعيدة أعطار أن تأسيس تعاونية نسائية بمنطقة قروية لم يكن أمراً سهلاً، حيث تطلب الأمر تعبئة لسنوات في صفوف النساء اللواتي كن تعملن في إنتاج زيت الأركان لكن في صمت.
وأضافت أن النساء بهذه المنطقة هن الركيزة الأساسية لإنتاج زيت الأركان، لكنهن لا تنلن نصيبهن من المجهود، حيث تعملن لساعات طويلة وشاقة، لكن الرجال يحملون المنتج ويتوجهون به للسوق لبيعه، في حين أنهن لا تستفدن منه شيئاً.
وأوضحت "في البداية بدا مشروع تأسيس تعاونية في منطقة محافظة لا تغادر فيها النساء بيوتهن، أمراً غير مقبول، لكن مع مرور الوقت وبعد أن أصبحت بعض المنخرطات تجنين بعض المال من بيع المنتج، تم استقطاب 60 امرأة انخرطت في التعاونية حتى أضحت واحدة من أكبر التعاونيات في إنتاج زيت الأركان".
ولفتت إلى أن هناك العديد من المشاكل والتحديات التي تواجه النساء اللواتي تعملن في قطاع الأركان، خاصة بعد أن تم اقتحامه من طرف بعض الرجال الذين أصبحوا يجدون فيه مجالاً مربحاً وحولوه من موروث ثقافي نسوي بامتياز إلى مشروع تجاري مربح ومدر للدخل.
وفي ختام حديثها دعت سعيدة أعطار إلى المزيد من التعبئة والنضال حتى يبقى إنتاج الأركان موروثاً ثقافياً يميز المنطقة ونساءها بعيداً عن المنطق التجاري الذي جعل القطاع بعيد عن الثقافة ويهضم الحقوق النسائية من خلاله.
وفي ختام الدورة التدريبية، دعت المشاركات إلى تعزيز قدرات النساء وإرساء أسس العدالة الاجتماعية واعتماد مقاربة النوع في السياسات المجالية، وإعطاء النساء فرصاً أكثر لإبراز مهاراتهن وتطويرها عبر التدريب وإنشاء مشاريع إيكولوجية مدرة للدخل، خاصة في صفوف النساء القرويات.