على مدى عامين... التحديات التي واجهتها المرأة الأردنية في المشاركة السياسية
لا تزال المرأة في الأردن تواجه قيوداً مجتمعية تقلل من نسبة مشاركتها في الحياة السياسية والتي تؤدي بدورها إلى ضعف دعم المرشحات حتى مع وجود كوتا مخصصة.
مركز الأخبار ـ تعد المشاركة السياسية للمرأة الأردنية في الانتخابات البرلمانية مفارقة تعكس تحديات وفرص متنوعة بين عامي 2020ـ 2024 وواجهت المرأة في عام 2020 تحديات كبيرة بسبب جائحة كورونا التي قللت من الحضور الفعلي.
رغم تخصيص 15 مقعداً للمرأة من خلال نظام الكوتا، إلا أن تمثيل المرأة الأردنية في الانتخابات بقي محدوداً، ولكن في انتخابات 2024 تم تعديل القانون الانتخابي لزيادة عدد المقاعد المخصصة للمرأة وتحسين فرص المنافسة، مما يفتح آفاقاً جديدة للتمكين السياسي وتعزيز دور المرأة في صناعة القرار.
وجاءت الانتخابات البرلمانية الأردنية خلال عام 2020 في ذروة كورونا، مما أثر على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وفرضت الجائحة تحديات إضافية على المشاركة السياسية عموماً وعلى المرأة خصوصاً.
وفي عام 2024 أجريت الانتخابات البرلمانية الأردنية في ظروف أفضل صحياً، مع تعديلات قانونية جديدة تهدف إلى تعزيز المشاركة السياسية وتمكين المرأة.
وواجهت المرأة في انتخابات عام 2020 العديد من التحديات كالإجراءات الاحترازية التي قلصت الفعاليات الانتخابية والمشاركة الميدانية، وانخفاض نسب المشاركة العامة نتيجة الخوف من الإصابة بالفيروس، إضافة لصعوبة الوصول إلى الناخبين من خلال الوسائل التقليدية، واضطررت المرشحات لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مكثف، كما أن النسبة العامة للمشاركة في الانتخابات 2020 بلغت حوالي 29.9%.
وواجهت المرأة العديد من التحديات الاجتماعية منها النظرة المجتمعية التي تقلل من دور المرأة في السياسة، وضعف الموارد المالية والتحديات الاقتصادية التي أثرت على الحملات الانتخابية.
في عام 2024 واجهت المرأة العديد من التحديات على الرغم من التحسينات التي طرأت على القانون الانتخابي لتعزيز تمثيلها السياسي، وبحسب تقرير لصحيفة "jordantimes" كان من ضمن تلك التحديات الاجتماعية والثقافية، حيث لا تزال المرأة تواجه قيوداً مجتمعية، نتيجة التقاليد والمواقف المحافظة في بعض المناطق الأردنية في تقليل دور المرأة في الحياة السياسية والتي تؤدي بدورها إلى ضعف دعم المرشحات من قبل مجتمعاتهن المحلية، حتى مع وجود كوتا مخصصة.
وواجهت النساء العديد من التحديات الاقتصادية كصعوبة في تمويل الحملات الانتخابية التي تتطلب ميزانيات كبيرة وغالباً ما تجد النساء صعوبة في جمع الموارد المالية، بالمقارنة مع نظرائهن من الرجال، مما يحد من قدرتهن على الوصول إلى الناخبين وإدارة حملات فعالة.
إضافة إلى ضعف الدعم الحزبي على الرغم من أن بعض الأحزاب السياسية الأردنية بدأت بدعم مشاركة المرأة الذي لا يزال محدوداً، كما أن العديد من الأحزاب تفضل ترشيح رجال على نساء، ما يجعل فرص النساء أقل للفوز بالمقاعد عبر القوائم الانتخابية خارج نظام "الكوتا".
ومن بين التحديات التي واجهتها التحرش الإلكتروني والمضايقات، خاصةً بعد الاعتماد على الحملات الإلكترونية في الانتخابات الأخيرة، حيث أصبحت المرأة هدف أسهل للمضايقات الإلكترونية مما أثر سلباً على نشاطها السياسي تحديداً فيما يخص الحملات الانتخابية.
ويرى المستشار لمتطلبات تحديد نطاق العمل مع البرلمان الأردني ضمن الشراكة البريطانية الاردنية منظمة "آدم سميث" العالمية أن قانون الصوت الواحد والذي كان قائم في 2020 قد حد من المشاركة السياسية للنساء في الأردن، كما أن قدرة النساء على الخروج من فكرة "الكوتا" وحصولهم على مقعد التنافس لعدم فصل مسار التنافس عن "الكوتا" في انتخابات 2016 والذي أدى إلى عزوف العديد من الناخبين لمنح أصواتهم للنساء.
وصنف المستشار التحديات التي واجهت المرأة الأردنية خلال انتخابات 2020 من وجهة نظره منها التحديات الدعائية "الدعاية الإعلامية أو الدعاية الانتخابية في ظل جائحة كورونا، كانت تختلف تماماً عما هو معتاد عليه من حيث التضييق على أعداد الحضور في اجتماعات المقرات الانتخابية، وإلغاء المهرجانات، كما أن تجربة إجراء حملات انتخابية مبنية بالكامل على مواقع التواصل الاجتماعي والتي كانت فكرة غير معتادة، هذا ما حد بشكل كبير من قدرة النساء للترويج لأنفسهم ضمن القنوات المتاحة".
وأشار إلى أن النساء واجهن تحديات اجتماعية، كالالتزام بقواعد الحجر المنزلي، وحظر التجوال، وقلق الأهالي من الإصابة بالفيروس، جميعها تندرج تحت بند المحددات من مشاركة المرأة السياسية، والتي حدت من حراك المرشحين على حد سواء نساء كن أو رجال، كما أن أدوار النساء قد طرأ عليها ضغط أعلى داخل منازلهم بفترة كورونا، بما في ذلك المترشحات.
وحول ما يتعلق في الفرص التي أتاحها القانون الحالي 2024 قال الباحث في القانون الدستوري، إن القانون الانتخابي الجديد يساهم في زيادة فرص وصول المرأة إلى المجالس النيابية، وهذا يتأتى من خلال زيادة عدد المقاعد المخصصة للنساء "الكوتا" بمعدل ثلاثة مقاعد اضافية حتى يصبح العدد الاجمالي 18 مقعد، إلى جانب إلزام الأحزاب بوضع امرأة واحدة ضمن المقاعد الثلاث الأولى للحزب المترشحة على القائمة العامة.
وأكد أن دور اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية في الالتفات للتحديات التي تواجها المرأة وأخذت تعمل على الجوانب التي قد تزيد من مشاركة المرأة في السياسة، وكانت أهم أهدافها زيادة تمثيل المرأة في الساحة السياسية الأردنية، وضمان وصول المرأة عن طريق القائمة الحزبية، وفرض القانون وجودها في أول 3 مقاعد، وفي ثاني 3 مقاعد.
التغيرات في انتخابات عام 2024 مقارنة بانتخابات 2020
وفقاً لتقرير الهيئة المستقلة للانتخابات لعام 2024 تم تعزيز "الكوتا" النسائية من 15 مقعداً في عام 2020 إلى 18 مقعد في الانتخابات جرت في 2024 والتي صنفت من ضمن التحديات، أما الفرص ساهم تطور وسائل التواصل الاجتماعي واستخدام الذكاء الاصطناعي في الحملات الانتخابية في تحسين التواصل بين المترشحات والجمهور.
إضافة إلى الدعاية التي عملت عليها مؤسسات الدولة بمختلف أذرعها حول دعم النساء وتمكينهم السياسي، شجعت العديد من النساء للانخراط بالعمل السياسي، وضغطت عليها ضغط إيجابي للمشاركة في الأنشطة الترويجة للانتخابات ليس فقط من خلال الترشح في الجولة الانتخابية السابقة، لا بل من خلال العمل والتحضير إلى ما هو قادم.
وأكد أن وجود النساء خارج فكرة "الكوتا" بحد ذاته يعطيها مساحة أوسع ويغير الصورة النمطية عن دور النساء ووجودهن وتمثيلهن في مجلس النواب، لتصبح بذلك لاعب أساسي في لعب الأدوار التشريعية والرقابية.
النسب المرتبطة بالمشاركة من بين 1.674 مرشحاً في انتخابات 2020 كانت 360 من النساء، أي ما يعادل حوالي 22% من إجمالي المرشحين، ولكن تمكنت فقط 16 امرأة من الفوز بمقاعد 15 منهن من خلال نظام الحصص "الكوتا"، وواحدة عبر المنافسة الحرة.
أما في انتخابات 2024 فقد زاد عدد مقاعد "الكوتا" النسائية إلى 18مقعد، مما يتماشى مع عدد الدوائر الانتخابية، والذي يعزز من فرص النساء للوصول إلى البرلمان، وحصلت النساء في هذه الانتخابات على أعلى نسبة مشاركة سياسية في البرلمانات الأردنية منذ إعطائها الحق في الترشح والانتخاب في عام 1974، وذلك بنجاح 27 امرأة، من الكفاءات النسائية المتميزة في انتخابات 2024 لتصل نسبة تمثيل المرأة في المجلس إلى 19.6% في حين كانت في مجلس النواب التاسع عشر 11.5% وفقاً لتقرير اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة.