'على الصحفيات أن يتحدن من أجل قضايا المرأة وإرادتها'
قالت الصحفية شوخان ميرزا إنه عندما تُقتل امرأة، يتم إلقاء اللوم عليها على الفور "الغالبية العظمى من جرائم قتل النساء التي تحدث في مجتمعنا، تعود إلى العقلية الأبوية التي تعتبر نفسها المسيطرة والحاسمة في كل شيء".

هيرو علي
السليمانية ـ يتزايد عدد النساء اللواتي يقتلن أو يشتبه بقتلهن باستمرار، حيث قُتلت منذ بداية عام 2025 وحتى بداية شهر نيسان/أبريل الجاري، 19 امرأة وتوفيت خمس نساء أخريات بشكل مشبوه في إقليم كردستان، مما أثار القلق بين الناشطات والصحفيات.
''الآن تحولت عمليات القتل من فردية إلى إبادة جماعية''
أوضحت الصحفية شوخان ميرزا أسباب ارتفاع عدد جرائم قتل النساء من شهر كانون الأول/ديسمبر حتى أوائل شهر نيسان/أبريل هذا العام، حيث قُتلت 19 امرأة وتوفيت خمس أخريات في ظروف غامضة، "كل يوم نسمع أخبار القتل أو الانتحار على مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات الإعلام، والآن انتقلت جرائم القتل من الحالة الفردية إلى الإبادة الجماعية، أي قتل عائلات بما في ذلك الأطفال والنساء، وهذا إنذار خطير للمجتمع ما نراه هو أن الفرد يلمس نفسه والآخرين في منزله، هذا خطير، لذلك، نحن بحاجة إلى دراسة المجتمع بعمق لمعرفة مصدر هذه المشاكل، لماذا يصل الأمر إلى أن يقوم شخص بقتل شخص آخر؟".
ولفتت الانتباه إلى أنه "إذا وصلنا إلى مسألة قتل النساء في مجتمعنا، حتى الآن لم تتخذ معرفة المرأة اتجاهاً واضحاً، ولم يتمكن مجتمعنا من خلق رؤية حقيقية لجوهر المرأة، ولم يفهم العلاقة بين الرجل والمرأة، فإن هذا النوع من العلاقات مبني على مبادئ غير صحية، ولأنه مبني على الهيمنة والعقلية الذكورية التي تعمل في المجتمع منذ آلاف السنين، وهنا نرى المشاكل تتفاقم".
وأكدت أن "الغالبية العظمى من جرائم قتل النساء التي تحدث في مجتمعنا، تعود إلى العقلية الأبوية التي تعتبر نفسها المسيطرة والحاسمة في كل شيء، حيث ترى وجود المرأة كعامل ينسى الدور الحقيقي لها، فهو يهاجم ويبرر القتل، قائلاً أنا أستطيع أن أقتل وأستطيع أن أفعل ما أريد، وهذا هو مصدر المشاكل، طالما أن هذه العقلية سائدة في المجتمع فإن الوجود الحقيقي للمرأة سيظل عرضة للعنف، وإجبارها على الانتحار يختلف عما يفعله شخص آخر".
وأشارت إلى أنه "لا أحد يقدم على الانتحار إلا إذا كانت هناك أسباب قوية جداً، فلا بد من وجود ضغط كبير على هذا الشخص لاتخاذ هذا القرار، هذا وضع محزن، وباعتبارنا نساءً وصحفيات، فإن هذا الأمر يخلق حزناً عميقاً في قلوبنا، وسوف نصبح على دراية بوجوده وتقدمه وحل المشاكل، وبطبيعة الحال، فإن اتجاه المجتمع تجاه قضايا المرأة والعنف يجب أن يتغير".
''يجب على النساء أن يكافحن ضد هذه العقلية الأبوية''
وعن قرار وقف التغطية الإعلامية لجريمة القتل، قالت شوخان ميرزا إن "وزارة الثقافة والشباب في إقليم كردستان وجهت كتاباً إلى كافة وسائل الإعلام بالتوقف عن تغطية جرائم القتل، حتى في الماضي، شهدنا في إقليم كردستان أن قتلة النساء يتم إيواؤهم، أو يتم التغطية على القضايا من خلال المصالحة القبلية والمحاكم، وهناك العديد من النساء في إقليم كردستان لم يتم تسمية قبورهن عند قتلهن، وهذا دليل على أن السلطات في هذه المنطقة بعد الانتفاضة تأوي القتلة".
ولفتت الانتباه إلى أن القانون لا يعمل بشكل صحيح ولا يعاقب القتلة "لذلك فإن السلطة هي سبب آخر لأنها تُدار هذه الجرائم بعقلية ذكورية، فإذا شاركت المرأة في القانون، فلن تتمكن من اتخاذ القرار في بعض القضايا، ففي الماضي، رأينا أن بعض القضايا لم يتم حلها في المحاكم، وعلى الرغم من أن بعض قتلة النساء حُكم عليهم بالسجن المؤبد أو الإعدام، إلا أنه لا المجتمع ولا النساء لديهم ثقة كبيرة في المؤسسات الحكومية والمحاكم، فالمحكمة لم تعد مؤسسة اجتماعية، بل أصبحت مؤسسة قوة".
وأوضحت أن "هناك آراء مختلفة بشأن عدم تغطية جرائم القتل، إلا أنه البعض يفضل عدم تغطيتها، رغم أن الصحفيين في إقليم كردستان لا يستطيعون بسهولة الحصول على معلومات دقيقة عن عمليات القتل، فعندما تحرق امرأة نفسها، إذا تابعنا حالتها، لا نعرف سبب الحادثة ولماذا وصلت إلى هذا الوضع، ولا يسمحون لنا بالحصول على المعلومات الحقيقية، لذلك يجب على مجتمعنا أن يستيقظ من كل عمليات القتل ضد المرأة، ويجب على الأفراد في هذا المجتمع أن يكونوا قادرين على تعريف المرأة في إطار معرفة المرأة".
يجب على المنظمات النسائية أن توقف هذه الجرائم وتحارب هذه العقلية الأبوية، خاصة أن النساء يطلعن على هذه الأخبار يومياً فيكون لها تأثير نفسي عليهن، عندما تفتح التلفاز والمواقع الإلكترونية ترى امرأة مقتولة وهذا ليس مجرد قتل امرأة بل قتل عقلية تريد تغيير المجتمع، لذلك يجب على وسائل الإعلام أن تستخدم آليات أخرى للتعامل مع قضايا القتل فهي لا تتحدث عن مشكلة اجتماعية أو العقلية التي تبرر القتل في هذا المجتمع، لذلك من المهم أن تكون هناك آليات مختلفة لتغطية وفهم الوضع في إقليم كردستان".
''إن الأخلاقيات الصحفية مهمة في كل قضية"
ولفتت شوخان ميرزا الانتباه إلى أن الأخلاقيات الصحفية مهمة في كل قضية، خاصة القضايا الاجتماعية والقضايا الحساسة في المجتمع "يجب على الصحفي أن يعرف ما يتكون منه مجتمعه، وكيف يمكنه التعامل مع مشاعر الناس، لنرى أنه عندما تُقتل امرأة، تُتهم على الفور وتُربط بها قضية شرف، وهذا يقود المجتمع إلى العنف، حيث نرى على مواقع التواصل الاجتماعي عندما يتم قتل امرأة، انظر إلى التعليقات وستجد أن هذا المجتمع ميال إلى العنف، وهذا يعود إلى وسائل الإعلام فهي ليست مؤسسات تعليمية لمجتمعنا، بل مؤسسات مضللة، خاصة فيما يتعلق بقضايا المرأة، ففي الآونة الأخيرة، أصبح هناك تعامل سلبي للغاية مع قضايا المرأة، ويتم استخدام الدين في كثير من الأحيان في قضايا المرأة".
وفي ختام حديثها، قالت شوخان ميرزا إن وسائل الإعلام الحرة أكدت في الماضي على أن قضايا المرأة لا ينبغي أن تكون قضية سطحية "أفكارنا كصحفيين أحرار تتشكل على هذا الأساس، وبشكل إيجابي يشهد مجتمع إقليم كردستان على ذلك، ونحن نصر على الرغم من النواقص، لذلك يجب أن نعرف المزيد من النساء ونقترب منهن حتى نتمكن من مناقشة قضايا المرأة بلغة المجتمع، وإن إرث مجتمع إقليم كردستان هو إرث مقاومة المرأة، عندما يكون هناك انتكاسة، تعمل وسائل الإعلام الحرة والصحافيون على هذا الإرث، نحن نصر على هذه القضايا، وهناك العديد من القضايا الحساسة التي يتم العمل عليها في وسائل الإعلام الحرة، لذلك فإننا لا نزال على روح وإيمان بأن الثورة في القرن الحادي والعشرين في إقليم كردستان يجب أن تقودها النساء، ويجب على الصحفيات والنساء العاملات في المنازل أن يتحدن من أجل قضايا المرأة وإرادتها، وإن العمل المشترك والنضال وتنظيم المرأة مهم جداً لحل كافة القضايا والتغيرات في المجتمع ومن حولنا من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية".