لبنان... دعوات لحماية الأطفال من العنف الإلكتروني
فتحت قضية "عصابة التيك توك" في لبنان الأبواب مرة أخرى للتحرك لحماية الأطفال مما يتعرضون له من تهديد وابتزاز وعنف إلكتروني وجنسي إثر استغلالهم من قبل الكبار، وتوعية الأسر والمجتمع بالأخطار المتعلقة باستخدام الانترنت.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ دعت جمعية الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان، إلى توعية الأهالي والأطفال بمخاطر استخدام الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي أدت في الآونة الأخيرة إلى انتشار العنف الإلكتروني خاصةً بين الأطفال والفئة الشابة الذين يتم استغلالهم.
عقدت جمعية الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان أمس الجمعة 31 أيار/مايو، ندوة توعوية تحت عنوان "أطفالنا والأمان على مواقع التواصل الاجتماعي" بالتعاون مع محاضرين من الشرطة القضائية ومكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية، وبحضور ناشطين/ات وحقوقيين/ات، في العاصمة بيروت، بهدف توعية الأسر والمجتمع حول كيفية حماية الأطفال والأحداث من الأخطار المتعلقة باستخدام الانترنت، فضلاً عن الرقابة الأسرية الهامة في هذا المجال.
وقامت رئيسة الجمعية بإدارة الندوة التي تناولت مهام الأمن الداخلي وفروعه وهي الضابطة الإدارية التي تعمل على الوقاية من الجرائم وقبل وقوعها، عبر عناصر الدرك والمخبرين، وتسيير الدوريات والتعاون مع الشرطة البلدية وحراس الليل، والضابطة العدلية التي تعمل بإشراف النيابة العامة أو الجنائية أو التمييزية وبعد حصول الجرائم، والتحديات التي تواجه الأمن الداخلي بسبب الأزمة الاقتصادية لجهة تسرب العناصر وعدم وجود التطوع وغيرها، بالإضافة إلى نشأة مكتب جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية، والتي كانت تعمل على حماية الملكية الفكرية في البداية لتتطور مع العصر التقني إلى مكتب متخصص في هذا المجال، كما تناولت الندوة أساليب التحقيق مع الموقوفين داخل الضوابط العدلية والأمن العام والجهات المتخصصة بالدولة، والتي تتطلب استجواب المتهم مع تسجيل فيديو وبحضور محامي، وحتى عند امتناع المتهم عن توكيل محامي.
وتم التأكيد على عدم التمكن من منع تطور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي والولوج إلى الانترنت بل التعايش معها مع التأكيد على مجاراة التطور ولكن بوجود الوعي والتربية والمحافظة على القيم، وتم عرض تطور معرفة الجيل الجديد مقارنة بالأجيال السابقة بالنسبة لهذه التقنيات، وإحصائيات عالمية حول مستخدمي الانترنت في لبنان والعالم، والتي وصلت إلى 57.7% من سكان العالم، فهناك 11 ألف حساب وهمي يتم إزالتها كل دقيقة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وتم التأكيد أن بعض الشكاوى يتم حلها وتوقيف المتهمين في أقل من يوم، كما تم عرض بعض الشكاوى التي سمحت بتوقيف أشخاص قاموا بتجاوزات لسنوات طالت آلاف الضحايا، الذين تحفظوا عن الشكوى لخوفهم من المجتمع والعار.
وأشارت الندوة إلى ارتفاع عدد الشكاوى والمحاضر والتوقيفات في لبنان في السنوات الأخيرة، حيث وصل عدد الشكاوى للمكتب إلى 4100 شكوى سنوياً ومن كافة الفئات العمرية، ويعود ذلك إلى تزايد هذه الجرائم من ناحية وزيادة التوعية من ناحية ثانية، وخصوصاً في حالات لأحداث تعرضوا للتنمر والابتزاز عبر الانترنت، وبسبب الثقة بينهم وبين أهلهم، مما أدى لتوقيف العديد، ولكن في المقابل يمكن أن يكون العدد أكبر من ذلك بكثير، لتحفظ الكثيرين من الضحايا عن التبليغ لأسباب عدة منها التعرض للتهديد والابتزاز.
وعلى هامش الندوة قالت رئيسة جمعية الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان أميرة سكر إن "الاتحاد للأحداث في لبنان يعمل منذ عام 1938 في مجال حماية وتوعية الأطفال والأحداث، لقد أردنا التشبيك مع البلديات كونها الفاعل في البلدات والمناطق، ومن واجبها التوعية وأن تكون حاضنة لهم ولقضاياهم".
وحول تطورات قضية "عصابة التيك توك" والتي يتابعها الاتحاد، خصوصاً بعد حادثة انتحار أحد القصر ودخول أحدهم إلى المستشفى، لفتت إلى أن "القانون ينظر للأطفال سواء كانوا مرتكبين أو مخالفين للقانون على أنهم ضحايا، ويحق لهم أن تتم متابعتهم من قبل مندوب أحداث ومحامي في كل ملفاتهم، وليس هناك مرتكبين للجرائم من الأحداث بالأساس، بل ارتكب لأنه تم استغلاله وابتزازه وغرر به للقيام بما نسب إليه، وبالتالي فالقانون يحمي الأحداث حتى لو كانوا مذنبين، أما عن كيفية تطور القضية والملف، فلا يمكننا إعطاء أي معلومات، وقد تأثرنا بحادثة انتحار أحد القصّر، كونه في ذلك الوقت لم يستطع التخلص من هذه المشكلة التي كان يواجهها".
وقالت الناشطة الاجتماعية فاطمة حكيم "الندوة مهمة لتوعية الأهل، واتضح لي أننا كنا نظن أن لدينا نسبة كبيرة من الوعي، نتمكن من خلالها توجيه أطفالنا، وبدوري كناشطة اجتماعية في مجال مسرح الأطفال وتمكين المرأة، سأحمل هذه الندوة كرسالة جديدة، تحفزنا لنكون في هذا العالم، وهو سلاح ذو حدين، نحن لا نفكر بمخاطر الانترنت، وفي الوقت نفسه يجب ألا نكون متشائمين ولدينا نظرة سوداء، على عكس ذلك، ما أريد قوله ليت هذه الندوة تكون موجهة للعائلة أولاً، ومن ثم لأطفالنا لتكوين الثقة والصراحة بينهما".
وأشارت إلى أن "قضية الـ "تيك توك"، لا يمكن أن نحظره أو نقول لا نريد التكنولوجيا، فنحن لسنا ضد التطور، لكن يمكننا أن نراقب أولادنا ونشاركهم لمعرفة ماذا يشاهدون على الانترنت ومع من يتحدثون، وإذا حصل شيء ما، نكون تلقائياً قد عرفنا مع من يتواصلون، والمهم هنا عودة الثقة مع الأطفال، وأنا لست ضد فكرة حجب الـ "تيك توك"، ولكن الشيء الأهم أن تكون الرقابة الذاتية موجودة، وهي تبدأ منا أولاً، ومن ثم المدارس، والندوات التي نشارك فيها".
وأوضحت رئيسة رابطة سيدات الشويفات السابقة والناشطة الاجتماعية ابتهاج نعيم "يجب أن يكون هناك وعي أكثر، لأن المجتمع يشهد حالة من الضياع والتعتيم، والأهالي انشغلوا بالأمور المعيشية، بأعمالهم وتخلوا عن واجباتهم، بوجود الهواتف والسوشيال ميديا اللذان يشجعان على الانغماس في أمور معينة، لذلك التوعية أساس كل شيء".
وتابعت "عندما تكونين في منزلك محصنة وقريبة من أولادك في كل شيء، بالتأكيد هذا سيمنعهم من الخطأ، ولتكون هناك صداقة بينكما ويكون هناك صدق، وألا تكون المعاملة مثل أم وابنها، وهذا ما يجنب وقوع المشاكل إن كان للولد أو البنت".
وقالت رئيسة رابطة سيدات الشويفات شيرين الجردي إن "أهمية هذا النشاط يعنى الجميع، لأنه للأسف ليس ثمة توعية كافية حول كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت، وأهم السبل لاستعمالها للحصول على النتائج الجيدة، مثل استخدام أدوات الذكاء الصناعي، لذا يجب أن ننقل ونكمل هذا النشاط على مستوى متشعب ومتعدد".
وعن الدعوات لحجب تطبيق "التيك توك" في لبنان أشارت إلى أنه "ليس من المنطقي البحث في حجب أي موقع خصوصاً لدى الأجيال الجديدة مثل المولودين بين العام 2010 و2024، فلا يمكن حجب هذه التطبيقات، ولكن يمكن أن نضع سبل للوقاية والحماية، فهناك جانب المصارحة بين الأهل والأطفال لتوعيتهم حول كيفية معرفة الأخطار، وإذا حصل ووقعنا بالخطر كيفية تفاديه بالوصول للأهل ومصارحتهم، وأن يكون لدى الأهل الاستجابة السريعة، وألا يرعبوا أولادهم، بل التوجه للجهات المختصة وخصوصاً مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية ومعرفة القوانين التي تحميهم وتحمي أطفالهم".