لبناء مجتمع ديمقراطي... مجلس المرأة ينظم منتدى حواري

تحت شعار "معاً نبني مجتمع ديمقراطي كومينالي ضد العنف"، نظم مجلس المرأة في حركة المجتمع الديمقراطي منتدى حوارياً، ركز على أهمية النضال المشترك للوصول إلى مجتمع حر.

الحسكة ـ ضمن سلسلة أنشطة المنصة المشتركة التي أعلنت عن حملتها ببيان في 15 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، نظم مجلس المرأة في حركة المجتمع الديمقراطي منتدى حواري تحت شعار "معاً نبني مجتمع ديمقراطي كومينالي لإنهاء العنف".

نظم مجلس المرأة في حركة المجتمع الديمقراطي، اليوم الأربعاء 19 تشرين الثاني/نوفمبر، منتدى حواري في مدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا، بحضور العديد من المنظمات النسائية والأحزاب السياسية والمحاميات والمؤسسات والمنظمات النسائية.

وناقش المنتدى موضوعين رئيسيين، أولهما العنف ضد المرأة من منظور سياسي واجتماعي قدمته نسرين حسن، الرئيسة المشتركة لاتحاد منظمات المجتمع الديمقراطي في إقليم شمال وشرق سوريا، وثانيهما آليات حماية المرأة من منظور قانوني وحقوقي قدمتها المحامية روجا خلف.

 

"نضال المرأة ضد العنف هو نضال تاريخي"

استُهل المنتدى بكلمة افتتاحية ألقتها رمزية محمد الرئيسة المشتركة لحركة المجتمع الديمقراطي قالت فيها إن "نضال المرأة ضد العنف نضال تاريخي، وبفضل هذا التاريخ اكتسبنا القوة لتنظيم ثورة اليوم من أجل حرية المرأة ومنع جميع أشكال العنف. ورداً على هذا النضال، تُتّبع سياسة الإبادة الجماعية وتُرتكب جميع أشكال العنف".

وأضافت "بدأت النساء ثورة جديدة داخل ثورة روج آفا، وبفضل فلسفتهن في حياة المرأة وحريتها وتضامنها، انتشرت هذه الثورة في جميع أنحاء العالم. وبفضل هذا التضامن، يستمر النضال والمقاومة حتى يومنا هذا. إنكار وجود المرأة في هذا القرن أمر مرفوض. لا يمكن لأحد أن ينكر الدور المهم الذي تلعبه في جميع مناحي الحياة. يجب أن نلبي نداء قائدنا ونعزز تضامن النساء ضد العنف من أجل ضمان السلام والعدالة".

واختتمت رمزية محمد كلمتها مؤكدةً أن الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر هو يوم لمناهضة العنف ضد المرأة، يومٌ لرفع صوت المرأة ضد العنف والظلم "منذ ذلك اليوم، تحوّل الألم إلى صرخة عالمية، ولم يعد الحديث عن العنف ضد المرأة مجرد قضية محلية أو "قضية نسائية"، بل أصبح جرحاً غائراً في ضمير العالم أجمع".

 

النساء الضحايا الرئيسيات

بدورها قدّمت نسرين حسن، الرئيسة المشتركة لكونفدرالية تنظيمات المجتمع الديمقراطي، مداخلتها في الموضوع الأول بعنوان "العنف السياسي والاجتماعي ضد المرأة"، قائلة إن "العنف ضد المرأة ليس ظاهرة جديدة، بل هو إرث ثقافي وتاريخي عريق. لقد تحوّل التعاون الحقيقي بين الناس إلى ملكية وسيطرة، وأصبحت المرأة الضحية الرئيسية لهذا الانحراف عن القيم الإنسانية الأساسية. هذه الهيمنة على المرأة ليست نموذجاً جزئياً، بل هي نموذج لجميع أشكال القمع والعنف، بما في ذلك التقاليد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تُعيد إنتاج القمع عبر الأجيال".

وأضافت "يُصبح تحرير الوعي نقطة الانطلاق الأساسية لأي تغيير. مقاومة العنف ليست مواجهةً جسديةً فحسب، بل مقاومةً فكريةً وروحيةً تتطلب برامج فلسفيةً، ودراسةً للتاريخ من منظورٍ تعاوني، وتفكيكاً للغات الهيمنة في الخطاب اليومي".

 

"عندما ينفصل القانون عن الأخلاق، فإنه يصبح شكلاً من أشكال العنف"

وعن أهمية ودور القانون والمؤسسات، أكدت نسرين حسن أن "للقانون والمؤسسات دورٌ هام، ولكن عندما يُفصل القانون عن الأخلاق، قد يتحول إلى شكلٍ آخر من العنف. تتطلب العدالة الحقيقية محاكم تُركز على الإصلاح، وقوانين تُجرّم العنف الرمزي والبنيوي، وآلياتٍ للمساءلة الأخلاقية في كل مؤسسة. وفي الوقت نفسه، تُتيح برامج تمكين المرأة لها الإبداع والمشاركة في صنع القرار".

وبينت أنه في قراءة فلسفية أعمق، لا يُنظر إلى العنف ضد المرأة كقضية جندرية فحسب، بل كأداة لإنتاج القمع الاجتماعي والحفاظ على نظام أبوي يُرسخ هيمنته عبر التاريخ والعقل واللغة وفقاً لهيمنة الرجال "في المقابل، يدعو الفكر الديمقراطي إلى إحياء الأخلاق الاجتماعية القائمة على المشاركة والتكامل، لا على الهيمنة والاستغلال، وتمكين المرأة كلاعب أساسي في الحياة الاجتماعية، وليس مجرد رموز أو تابعين".

 

"علم أمراض النساء هو الطريق للتغيير والتحول"

وأشارت نسرين حسن إلى أهم أدوات التغيير "من أهم أدوات التغيير إنشاء مجالس نسائية، تُصبح قوة حقيقية تحمي المرأة وتُدير شؤونها الاجتماعية والاقتصادية والقضائية، وتضمن أن السلطة لا تقتصر على التنظيم السياسي فحسب، بل تشمل أيضاً الوعي والفهم العميق لدور المرأة في المجتمع. علاوة على ذلك، فإن الأكاديميات النسائية، أو ما يُعرف بعلم المرأة، لا تهدف إلى إضافة فصل جديد إلى كتب العلوم الاجتماعية، بل تهدف إلى إعادة كتابة التاريخ من منظور نسائي وتحرير المعرفة من طابعها الذكوري، لتصبح المرأة قوة معرفية وصانعة قيم جديدة للحياة والمجتمع".

وعلى الصعيد السياسي، يتطلب تفكيك السلطة اعتماد مبدأ القيادة المشتركة، حيث يتولى كل منصب قيادي رجل وامرأة بشكل مشترك. الهدف ليس رمزياً فحسب، بل عملي أيضاً لضمان إيصال صوت المرأة في كل عملية صنع قرار، وجعل المساواة ممارسة يومية. وعلى الصعيد الاقتصادي، يضمن بناء شبكات التعاون الاقتصادي للنساء استقلالهن المالي، بحس ما قالته نسرين حسن.

 

"الدفاع عن النفس قضية وجودية وفكرية"

أكدت نسرين حسن أن الدفاع عن النفس في هذا السياق ليس مجرد مسألة أمنية أو مادية، بل هو قضية وجودية وفكرية. يبدأ برفض جذري للعنف، ويمتد إلى بناء مجتمع يحمي أفراده من الاغتراب، سواءً أكان سياسياً أم ثقافياً أم اجتماعياً، فالعدالة الاجتماعية تعني المصالحة والتعافي، لا الانتقام، وتهدف إلى إصلاح النسيج الاجتماعي وإعادة التوازن إلى العلاقات.

وأشارت إلى أن الثقافة هي أعمق ساحة معركة هنا "إن إعادة النظر في الأمثال والأغاني والأدب التي تقلل من قيمة المرأة أو تبرر العنف، واستبدالها بسرديات جديدة تُبرز دورها الأساسي، ليس ترفاً، بل ضرورة ثورية، فالتحول الثقافي والفكري يدعم التغيير الاجتماعي والسياسي، ويخلق بيئةً يستطيع فيها الجميع العيش بتوازن وحرية، دون سيطرة أو هيمنة".

تم خلال المنتدى تقديم عرض عن تاريخ حركة 25 تشرين الثاني/نوفمبر والتي بدأت بنضال الأخوات ميرابل.

 

"يتضمن العقد الاجتماعي أحكاماً مهمة لتطبيق العدالة دون تمييز"

أدارت المحامية روجا خلف، الموضوع الثاني بعنوان "آليات حماية المرأة من منظور قانوني وحقوقي"، وقالت "في 12 كانون الأول 2023، اعتمدت الإدارة الذاتية عقداً اجتماعياً جديداً يتضمن، ولأول مرة، أحكاماً واضحة وصريحة تُجرّم العنف ضد المرأة. نصّت المادتان 50 و51 على أن أي شكل من أشكال العنف أو الاستغلال أو التمييز ضد المرأة جريمة يعاقب عليها القانون، كما أكد العقد على مبدأ التمثيل المتساوي، وشدد على حق المرأة في المشاركة في جميع جوانب الحياة وصنع القرار، وفي الوصول إلى العدالة دون تمييز. لقد أصبح العقد الاجتماعي أشبه بدستور مصغّر يؤكد أن حماية المرأة ليست خياراً أو مسألة تفسير، بل التزام قانوني ملزم لجميع المؤسسات".

وأكدت أن العدالة والقانون هما الضمانة الحقيقية لحقوق المرأة، وأي تقصير في حمايتها هو تقصير في حماية حقوق الإنسان نفسها "قانون الأسرة أعاد تنظيم الحياة الأسرية من منظور يرسخ المساواة والعدالة ويتجاوز القواعد التي تخلق الفروقات بين المرأة والرجل".

تميز المنتدى بنقاش بين المشاركين حول أهمية تغيير العقليات لإنهاء جميع أشكال العنف، وركز النقاش على العنف المستمر في هذه الفترة الحساسة، وخاصةً الهجرة وإقصاء المرأة عن مراكز صنع القرار.

 

قرارات المنتدى

واختتم مجلس المرأة في حركة المجتمع الديمقراطي منتداه ببيان أدلت به الرئيسة المشتركة لكونفدرالية تنظيمات المجتمع الديمقراطي نسرين حسن، وقد تم اتخاذ القرارات في المنتدى وهي العمل على تعزيز النضال والجهود من أجل قضية تحرير المرأة وتمكين كافة النساء، دعم وتمكين المرأة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية وحقوق الإنسان، النضال من أجل العودة الآمنة لكافة النساء النازحات قسراً.

وحماية حقوق المرأة والعمل على تطبيق قانون الأسرة، ومكافحة كافة أنواع الابتزاز الإلكتروني بالتنسيق مع المؤسسات ذات الصلة، حماية حقوق المرأة العاملة، مشاركة الرجال في المنتديات والتركيز على تغيير عقلية الرجال، تعزيز التعاون بين مؤسسات الحكم الذاتي ومنظمات المجتمع المدني الديمقراطية والمنظمات العاملة على مكافحة العنف ضد المرأة، تنظيم جلسات توعية قانونية للمرأة بهدف تعريفها بحقوقها الاجتماعية والقانونية.