كونفرانس الرئاسة المشتركة: المرأة جوهر الديمقراطية وبوصلة القيادة

في خطوة تعكس إصرار المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا على المضي في مسيرة التنظيم الذاتي والقيادة المشتركة، عقد كونفرانس الرئاسة المشتركة بتنظيم من مؤتمر ستار تحت شعار "ترسيخ نموذج ديمقراطي ومتساوي في الإدارة والتمثيل".

قامشلو ـ شهدت كونفرانس الرئاسة المشتركة مشاركة واسعة من ممثلين وممثلات عن المجالس والكومينات والمؤسسات المدنية، حيث شكل المؤتمر منبراً لعرض التحديات التي تواجه آلية العمل المشترك في مؤسسات الإدارة الذاتية.

في إطار السعي لتعزيز نموذج ديمقراطي متساوٍ في الإدارة والتمثيل، نظم مؤتمر ستار تحت شعار "ترسيخ نموذج ديمقراطي ومتساوي في الإدارة والتمثيل"، كونفرانس الرئاسة المشتركة اليوم الاثنين 23 حزيران/يونيو، حيث أكد المشاركون على أن تحقيق الديمقراطية الحقيقية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بضمان مشاركة المرأة في مواقع القيادة واتخاذ القرار، وخاصة ما يتعلق بتطبيق مبدأ الرئاسة المشتركة على أرض الواقع.

كما ناقش الحضور سبل تعزيز الشراكة بين المرأة والرجل في مواقع صنع القرار، وآليات تفعيل دور الرؤساء المشتركين في خدمة المجتمع، إلى جانب تقييم الأداء المؤسساتي خلال الفترة الماضية، وطرحت قضايا محورية تتعلق بكيفية مواجهة الذهنية الذكورية، وضمان تمثيل فعال للمرأة في جميع المستويات، لا سيما في ظل التهديدات الخارجية المستمرة التي تستهدف مشروع الإدارة الذاتية.

وشددت المداخلات على أهمية التمسك بفكر الأمة الديمقراطية كأساس لبناء مجتمع تعددي حر، حيث لا يمكن الحديث عن ديمقراطية حقيقية دون ضمان مشاركة المرأة بشكل كامل في القيادة.

وأكد الكونفرانس على أن نظام الرئاسة المشتركة ليس مجرد آلية إدارية أو شكلاً من أشكال التمثيل الثنائي، بل هو جوهر منظومة سياسية وأخلاقية تنبع من مشروع الأمة الديمقراطية والعصرانية الديمقراطية، وهو الركيزة التنظيمية الأساسية لنموذج الكونفدرالية الديمقراطية التي تقودها حركة التحرر الكردستانية، وهذا النظام الذي طرح لأول مرة على لسان القائد عبد الله أوجلان عام 2004 في سجن إمرالي، جاء كرد على أزمة التمثيل والسلطة الذكورية في بنية الدولة والمجتمع، مشيراً بوضوح إلى أن الديمقراطية لا يمكن أن تتحقق في المجتمع ما لم تطبق داخل الحزب، ولا يمكن لحزب أن يكون ديمقراطياً دون ضمان التمثيل المتساوي بين المرأة والرجل، ومن هذا المنطلق اعتبرت الرئاسة المشتركة مفتاحاً لكسر احتكار القرار وبناء شراكة فعلية في القيادة.

وتم تطبيق هذا النموذج عملياً لأول مرة عام 2005، وتوسع لاحقاً ليشمل كافة ساحات النضال الكردستانية من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى إقليم شمال وشرق سوريا، إضافة إلى أوروبا ومخمور وشنكال، وفي عام 2013، أقر مؤتمر الشعب (Kongra-Gel) هذا النموذج كنظام داخلي رسمي ضمن KCK، وفي المؤتمر العاشر عام 2016، تم انتخاب مجلس تنفيذي مكون من عدد متساو من الرجال والنساء بما يجسد التمثيل المتساوي كجوهر تنظيمي لا كشعار فقط.

والرئاسة المشتركة كما عرفها الكونفرانس، تتجاوز مفهوم "تقاسم المقاعد"، فهي نظام حياة وإدارة شاملة تنطلق من قاعدة المجتمع، أي من الكومونات والمجالس، وتقوم على المشاركة الجماعية والفعل الديمقراطي المباشر، حيث لا يتم اتخاذ القرار بالنيابة عن الشعب، بل تنفذ إرادة الشعب كما تتجسد في المجالس القاعدية، وهذا ما يميز هذا النظام عن الديمقراطيات الليبرالية الشكلية أو الأنظمة الاستبدادية، حيث تحتكر السلطة ويقصى المجتمع.

كما لفت كونفرانس الرئاسة المشتركة إلى أن هذا النظام تعرض لهجمات ممنهجة منذ لحظة ظهوره، شملت الاعتقالات والاغتيالات والنفي القسري والتضييق الأمني والسياسي، مثل اغتيال محمد تونج وآسيا يوكسل، واستهداف الرؤساء المشتركين في شنكال وإقليم شمال وشرق سوريا، وقد تم التأكيد على أن هذه الهجمات لم تكن فقط ضد أفراد، بل كانت محاولة لضرب جوهر النظام الديمقراطي البديل الذي تشكله الرئاسة المشتركة.

من جهة أخرى دعا الكونفرانس إلى تقييم شامل لمسيرة الرئاسة المشتركة على مدار العشرين سنة الماضية، لتحديد مكامن القوة ومواطن القصور، وخاصة ما يتعلق بضعف التوعية الفكرية بمنهجها في بعض المؤسسات، أو الانجرار إلى فهمها بوصفها مجرد "تقنية تنظيمية"، موصياً بعقد ورشات عمل ومؤتمرات تقييمية في كل الساحات لتوحيد التجربة وتوسيع الفهم العميق للرئاسة المشتركة كنظام تغييري.

كما حمل الكونفرانس الرئاسة المشتركة على عاتقه التعريف أكثر بالرئاسية المشتركة على أنها ليست مجرد قرار تنظيمي، بل هي آلية نضالية لتحرير المجتمع والمرأة والطبيعة من أنظمة السلطة، وهي في ذات الوقت أداة لبناء الذات والمجتمع الديمقراطي في مواجهة الذهنية المركزية والذكورية والاستعمارية، وبالتالي ليست مجرد إصلاح بل ثورة إدارية واجتماعية وفكرية تنمو من القاعدة، وتجسد مبدأ "تنظيم الذات" بدلا من انتظار الدولة.

وفي ختام الطرح تم التأكيد على أن نجاح نظام الرئاسة المشتركة مرهون ببناء النظام من الجذور، عبر تفعيل الكومونات والأكاديميات والمجالس والتوسع في تمكين المجتمع من اتخاذ القرار، وبأن الرئيسين المشتركين ليسا إداريين فقط، بل منسقين ومسؤولين عن بناء النظام وتنشيط بنيته القاعدية.