كلية العلوم الاجتماعية في جامعة كوباني... تجسيدٌ لفلسفة الحضارة الديمقراطية

في خطوةٍ تعكس التزام جامعة كوباني بتعزيز الفكر الحر وبناء مجتمعٍ قائم على العدالة والمعرفة، أعلنت الجامعة عن افتتاح كلية العلوم الاجتماعية فيها.

برجم جودي

كوباني ـ أعلنت جامعة كوباني التي أُسست على مستوى مقاطعة الفرات منذ عام ٢٠١٨، عن افتتاح كلية العلوم الاجتماعية في ٢٩ حزيران/يونيو، مستلهمةً من رؤى القائد عبد الله أوجلان للسلام وفلسفة الحضارة الديمقراطية كمنهجٍ للحياة.

تضم الكلية أقساماً في التاريخ، الفلسفة، علم الاجتماع، الجغرافيا، وجنولوجيا (علم المرأة)، وتُعدّ هذه المبادرة الأكاديمية تجسيداً عملياً لفكر يسعى إلى إعادة صياغة العلاقة بين الإنسان والمجتمع على أسس من التعددية، والمساواة، والوعي النقدي.

وللتعرف على هذه الكلية وأهميتها وهدفها عن كثب، كان لوكالتنا مع الأستاذة في كلية العلوم الاجتماعية فرياز بركل الحوار التالي:

 

أعلنتم رسمياً عن افتتاح كلية العلوم الاجتماعية. لماذا وجدتم هذه الخطوة ضرورية في هذه المرحلة؟ وما أثر الرسالة التي وجهها قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان لجامعة كوباني في 11 حزيران/يونيو على هذا المشروع؟

لم تكن كلية العلوم الاجتماعية موجودة كقسم في جامعة كوباني. لذلك يتم إعادة تأسيسها. في عام 2026 سيتم فتح باب التسجيل في هذا القسم رسمياً. وتضم هذه الكلية أقسام التاريخ والفلسفة وعلم الاجتماع وجنولوجيا والجغرافيا. فافتتاح هذه الكلية بأقسامها الخمسة يتماشى مع احتياجات مجتمعنا. سنجعل الكلية مكاناً أكاديمياً يمثل بوابة حلول لجميع مشاكلنا وصراعاتنا الاجتماعية. كان من المفترض افتتاح هذا القسم منذ فترة طويلة، ولكن بسبب ظروف وأوضاع مثل الحرب التي اندلعت في شمال وشرق سوريا، وانهيار البنية التحتية لكوباني، ونقص الكوادر التدريسية والفرص، تأخرنا في ذلك.

لطالما اقترح الطلاب والأساتذة إنشاء هذه الكلية، فهم يرون فيها تحديداً دقيقاً للمشاكل التي تواجههم وحلّها. وعلى هذا الأساس، ولفترة طويلة عقدت اجتماعات وتقييمات ونقاشات حول افتتاح كلية العلوم الاجتماعية. لطالما راودتنا الشكوك حول قدرتنا على إنشاء كلية ناجحة بهذا المستوى. لكن بفضل رسالة القائد عبد الله أوجلان إلى جامعة كوباني وهيئة التدريس والطلاب، تبددت شكوكنا واكتسبنا قوةً كبيرةً لتأسيس هذه الكلية وإدارتها.

 

كيف استقبل الطلاب هذه الخطوة وما النتائج المرجوة منها؟

عقدنا اجتماعاً للإعلان عن كلية العلوم الاجتماعية، ووفقاً لمتابعتنا للطلاب الذين حضروا الاجتماع والذين سيبدؤون دراستهم الجامعية، فقد كانوا متحمسين للغاية. لقد شعرنا بوضوح بأملهم وتوقعاتهم وحماسهم وشغفهم. وعلى وجه الخصوص، لمسنا رغبتهم في أن يجدوا أنفسهم في هذه الكلية وأن يتمكنوا من إيجاد حلول لمشاكلهم الاجتماعية والحيوية واليومية. نحن نعيش في خضم حرب، لذا سيتأثر المجتمع أيضاً.

كما أننا الآن نعيش في عصر التكنولوجيا الأكثر تقدماً، والتي لها آثار سلبية مباشرة على الشباب. ولهذا السبب هناك تدهور كبير في المجتمع، فالشباب موجودون ككائنات جسدية لكنهم مشغولون أو بقول آخر تم احتلالهم ذهنياً وروحياً. وفي هذا الصدد، وجدنا أنه من الضروري تحليل هذه المشكلات وتقديم حلول لمنع انتشار المخدرات والانتحار وما إلى ذلك. ولهذا السبب، فإن توقعاتنا وآمالنا من هذه الكلية عالية جداً، ولكي نتمكن من تحقيق رسالتنا وواجبنا على أكمل وجه فقد اخترنا النظام متعدد التخصصات. هذا النظام يمهد الطريق أمام الطلاب. في أول عامين سيدرسون جميع الأقسام، وفي العامين الأخيرين، سيدرسون قسمهم التخصصي الرئيسي. أجرينا العديد من المناقشات حول استخدام هذا الأسلوب، وفي النهاية توصلنا إلى استنتاج مفاده أن هذه العلوم تكمل بعضها البعض. إذا درس الطالب علم الاجتماع ولم يكن على دراية بتاريخه فهذه مشكلة، وهذه النقطة تنطبق على جميع الأقسام.

 

ما الاستقلالية والتأثير الذي سيتمتع به جنولوجيا في هذه الكلية؟ ولماذا ركّزتم عند إعلانكم افتتاح الكلية على بناء حضارة ديمقراطية تكتمل بحرية المرأة؟

المثير للاهتمام في هذه الكلية والذي يظهر اختلافنا؛ هو أن جميع العلوم ستستند إلى آراء وأفكار جنولوجي. ففي الواقع تنشأ مشاكلنا الأساسية من هذا، أي فصل العلوم وتقييم المشكلات من وجهات نظر مختلفة. فعلماء الاجتماع يقومون بالتحليل من منظور المشكلة، ويتناول الفلاسفة الظواهر على أساس المنطق، ويستكشف المؤرخون سياق البحث التاريخي والمستقبلي. لذلك، سيكون جنولوجي مصدراً لجميع هذه الأقسام التي تقوم مشاكلها الأساسية على عدم الاعتراف بتاريخ المرأة ومشاكلها وعلمها. لذلك، فإن قسمنا الرئيسي الذي سنعتمد على مواده هو علم المرأة. لقد تم إعداد موادنا السابقة للعلوم الاجتماعية في إطار أيديولوجية القائد أوجلان، لذلك سوف نستمر بشكل طبيعي في استخدام فلسفته في افتتاح الكلية.

من ناحية أخرى، تم تدريب أعضاء هيئة التدريس على أساس فلسفة القائد أوجلان، الذي نعتبر مشاريعه مفتاح الحل في هذا القرن وتحتل مكانة مهمة في تعليمنا، وجنولوجيا هو أحد نتاجات هذه الفلسفة. فالحياة الحرة والمجتمع الحر يتحققان مع امرأة حرة. سنبني جيلاً جديداً، مستنيراً، مثقفاً، متعلماً بفكر وفلسفة القائد أوجلان.

 

أكد القائد عبد الله أوجلان بأن المرأة ستقود عملية السلام والمجتمع الديمقراطي. كنساء تعملن في المجالات العلمية، ما دوركِم في هذا الصدد، وخاصةً في بناء جيلٍ واعٍ وحر؟

مؤسسي هذه الكلية معظمهم من النساء، وهذا أحد إنجازات ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا، حيث تمكنت المرأة من الوصول إلى مستوى ريادي في تأسيس كليات لتنمية الإنسان على أساس فلسفة الحياة الحرة والديمقراطية. وخاصة في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي التي أعلن عنها القائد أوجلان.

ونتيجة لسياسات نظام البعث سابقاً انقطعنا عن ماضينا ومستقبلنا. لقد كانوا يقومون بالتعليم فقط في إطار بناء الشخصيات التي يريدونها. في مواجهة هذا الوعي والتجربة التي شهدناها، يمكن لجامعة كوباني وخاصة كلية العلوم الاجتماعية، أن تقدم إجابات وبدائل مثل الأمة الديمقراطية وسوسيولوجيا الحرية للأجيال.

آمالنا كبيرة وعزيمتنا قوية، وسنبذل قصارى جهدنا بما يتوافق مع توجيهات القائد أوجلان. سنجعل جامعة كوباني رمزاً وبوابة لتطبيق فلسفة القائد أوجلان. وستكون كلية العلوم الاجتماعية على وجه الخصوص مركزاً للبحث ودراسة وتحديد المشكلات الاجتماعية. وفي هذا الصدد، سيكون لدينا مراكز بحثية تابعة للكلية مهمتها الوحيدة دراسة المشكلات الاجتماعية من جميع جوانبها. تقتصر معظم العلوم المعاصرة على مشاركة المشكلات، لكننا سنكشف المشكلات ونقدم حلولاً لها لنتمكن من اجتثاث جذور الصراعات الحالية.