خطوة ثورية أخرى في إقليم شمال وشرق سوريا نحو الوحدة القومية الكردية
كانت وحدة الكرد ومكانتهم في مشروع الشرق الأوسط الديمقراطي، متجسدة في دعوة القائد عبد الله أوجلان إلى السلام والمجتمع الديمقراطي.

روجبين دنيز
اتخذ الكرد في إقليم شمال وشرق سوريا خطوة ثورية أخرى، حيث اجتمعوا معاً من أجل تحقيق الوحدة والموقف المشترك الذي يأخذ مكانة مركزية في أحلام وأفكار ونضالات الأمة والمرأة الكردية، وتم ذلك في مدينة قامشلو التي شكّلت مكان الوحدة والنضال المشترك بين أبناء أمتها.
هذا النضال، الذي ولد من رحم قواسم الثورة والحب المشتركة بين النساء الكرد في قامشلو، كان أول من أبرز وحدة المرأة الكردية، ومع انعقاد المؤتمر الوطني الثالث للمرأة الكردية، اضطلعت النساء بدور ريادي في مجال الوحدة الوطنية للأمة الكردية التي تنتمين إليها، حيث كانت المرأة حاضرة في قاعة الكونفرانس مرفوعة الرأس، مفتوحة الجبهة، ناضجة في أفكارها وكقوى رابطة للوحدة، وكان لأزياء النساء الملونة ووجوههن المبتسمة ورسالتهن "سيكون الزمن زمن الكرد، شعوبا ونساء"، وقعٌ في القاعة كلها.
ومن ناحية أخرى، كان للرجال أيضاً الرغبة في اتخاذ خطوات من أجل الوحدة الوطنية لكن هشاشة الكلمات التي قيلت في ظل التردد كانت واضحة، وبهذا المعنى، لن يكون من المبالغة القول إن النساء اتخذن خطوات أكثر جرأةً لقد تميزت ثورة روج آفا مكانها في التاريخ كثورة نسائية وهي على استعداد لتولي الدور الريادي كنقطة محورية للحلول اليوم.
جمعت دعوة "السلام والمجتمع الديمقراطي" الكرد معاً
والآن، فإن وحدة الأجزاء المكملة لنموذج الأمة الديمقراطية والقوة التي تجلبها هذه الوحدة ستمهد الطريق لحل دائم، وإن ما ترك بصمته في قاعة الكونفرانس كانت دعوة "السلام والمجتمع الديمقراطي" للقائد أوجلان، فيما يتعلق بوحدة الكرد ومكانتهم في مشروع الشرق الأوسط، وهذه الدعوة التي جمعت شمل الجميع بعقل مشترك أدت إلى اتفاق الجميع على بناء سوريا الديمقراطية وحل القضية الكردية في سوريا.
ومن أجل تحقيق الوحدة الكردية، فإن التأكيد على الهوية والمصالح القومية والوطنية بعيداً عن الحزبية والقومية الضيقة سيكون مكسباً كبيراً، ودافع المؤرخون في الخطابات خاصة المؤرخين من خلال إجراء تقييمات من منظور الوعي التاريخي والتجربة.
وقد نوقش الموقف المشترك والوحدة من وجهة نظر جدلية تستند إلى الدور الذي لعبته الأمة الكردية في هذه الأرض من الناحية الروحية والقيم التي أضافها الكرد إلى الشرق الأوسط، فكما خطا الكرد خطوات في بداية مسيرتهم، بإمكانهم اليوم أن يخطوا خطوات في بناء الحل، والخطوة الأولى نحو ذلك سيتخذها الكرد أنفسهم.
أبدت الصحافة اهتماماً كبيراً
حضر الكونفرانس أكثر من 400 شخصية، إلا أن اهتمام الصحافة وحماسها طغى جزئياً على حماس الحضور، حيث أخذ قادة الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا أماكنهم في البروتوكول، كما تم تقاسم كل شيء بالتساوي بين جميع الأطراف ولم يتم إقصاء أحد، وكان كل شيء في الكونفرانس قد تم التفكير فيه بدقة متناهية وبتفاصيل دقيقة، تواجد العديد من الأشخاص اللذين يلتقطون الصور الفوتوغرافية مع الاعلام التي تمثل الكرد على المنصة من أجل ترك بصمة في التاريخ.
كشفت الخطابات والرسائل الافتتاحية بوضوح عن الهدف الرئيسي للمؤتمر: إن الوحدة الكردية لن تدمر النموذج الديمقراطي والبيئي وتحرير المرأة، بل على العكس من ذلك، فإنها ستعززه. كما أكد الكونفرانس على أهمية الوحدة والموقف المشترك لكل جزء من الكل، وجاء في الرسالة الموجهة من إقليم كردستان أن الكرد مستعدون للوحدة الوطنية بهذا الموقف.
وأكدت الرسالة التي بعثت بها الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، أن نداء "السلام والمجتمع الديمقراطي" للقائد أوجلان له تأثير كبير في تأسيس كونفرانس توحيد الصف والموقف الكردي "الزمن هو زمن الكرد، الزمن هو زمن الحرية الكردية"، بالطبع، من الصعب أن نفهم اليوم هذا دون معرفة تاريخ نضال الكرد من أجل حريتهم، فإعلان القائد أوجلان أن "كردستان مستعمرة" كان تصريحاً تاريخياً بالنسبة لكردستان والنضال الكردي، وقد وصف هذا الكونفرانس النقطة التي وصل إليها الكرد في نضالهم بالنجاح والانتصار والاقتراب خطوة نحو الحرية.
جميع الأطراف في نفس الإطار
يناقش الكرد اليوم الوجود والهوية القومية الكردية في إعادة إعمار سوريا، في الأراضي التي حرروها بإعطاء بدائل باهظة، في قاعة الكونفرانس ايضاً، لم يتم نسيان الأثمان التي دُفعت في هذه المرحلة التي تم الوصول إليها في نهاية نضال طويل.
وكانت هناك لحظات عاطفية؛ فهناك من لم يستطع السيطرة على دموعه، وهناك من عانق بعضهم بعضاً من شدة الفرح، لم تتردد جميع الأطراف في الالتقاء في نفس الإطار، في قاعة الكونفرانس، كان الجميع يتقاربون من بعضهم البعض بطريقة منفتحة وصادقة، كان هذا بقيادة النساء اللواتي كن يجتمعن في الاستراحات متلاصقات مع بعضهن البعض بقوة، وهن يرددن Jin Jiyan Azadî"".
في الجلسة المغلقة، تمت مناقشة حلول للمشاكل السورية والكردية وتم الاتفاق على وثيقة، وتناولت الوثيقة قضايا مثل الدستور والإدارة والدفاع عن النظام الجديد الذي سيتم إنشاؤه في سوريا بعد الإطاحة بنظام البعث، وتم التأكيد على حماية البنية المتعددة القوميات والعرقية والثقافية والدينية والطائفية في سوريا ضمن الإطار الدستوري.
كما تم التعبير عن أن النظام البرلماني في سوريا يجب أن يكون مثالاً للسلام والديمقراطية من خلال تشكيل سياسي متعدد الأطراف، وكذلك التأكيد على أنه ينبغي أن يقوم على نظام لامركزي واحترام وجود المناطق والأمم، وفي هذا الصدد، كان من المتوخى أن يتم تشكيل البرلمانات وفقاً لخصوصيات المناطق وألوانها، وعلاوة على ذلك، ينبغي أن يجد اسم الدولة السورية وعلمها وقيمها الوطنية تعبيراً في الهيكل المتعدد القوميات والثقافات، وقد ذُكر أنه ينبغي التراجع عن الخطوات التي اتُخذت في السابق على أساس التغييرات الديموغرافية وتسليم المناطق التي خضعت لتغييرات إلى أصحابها، وشمل ذلك عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض/كري سبي.
قضية المرأة خط أحمر
تم التأكيد على أهمية حرية المرأة في سوريا ومشاركتها في جميع المجالات، وبعبارة أخرى، تم تحديد قضية المرأة كخط أحمر بالنسبة لسوريا والكرد، والتأكيد على أن المرأة يجب أن تلعب دوراً قيادياً في مجالات الدستور والإدارة والدفاع، كما ذُكر أيضاً أنه ينبغي الاعتراف بيوم 8 آذار/مارس، وهو يوم مهم لجميع نساء العالم، كيوم رسمي للمرأة، كما تم التأكيد على ضرورة الاعتراف بعيد نوروز، وهو مهم بالنسبة للشعب الكردي، كعيد رسمي.
كانت القضية الرئيسية التي برزت إلى الواجهة هي أن يعزز كرد إقليم شمال وشرق سوريا وجودهم وهويتهم ضمن نظام الأمة الديمقراطية، وبناءً على هذه المطالب، سيذهب الكرد إلى دمشق بمطلب الفيدرالية، وبعبارة أخرى، فإن بناء نظام لا مركزي في إطار سوريا اللامركزية سيضمن بناء سوريا الديمقراطية.
حتى اليوم، تم إنكار الهوية الكردية وإظهارها كأسلوب حياة، شكل هذا الإنكار عنصراً أساسياً في تشكيل مسارات الاقتصاد والحياة، هذا تاريخ من الإنكار والإبادة الجماعية للهوية الكردية، وعلى غرار الإبادة الجماعية للأرمن في عام 1915، تعرض الكرد لإبادة جماعية ثقافية، كما تعرض الآشوريون لإبادة جماعية جسدية وثقافية، والآن، بهذا المعنى، نحن أمام واقع شعب خلق نفسه من الرماد بنضاله، في هذا الصدد، أعطى الكونفرانس الوطني الكردي في إقليم شمال وشرق سوريا رسائل مهمة لأعدائه.
من خلال مبادئ الحداثة الديمقراطية، فإن توحيد الهويات يتطلب الاتحاد في وطن مشترك متعدد القوميات ومشترك.
وانتهى المؤتمر بقراءة البيان الختامي، على أمل أن يمهد هذا الكونفرانس الطريق لتنظيم المؤتمر الوطني الكردستاني.