كاتبات: نؤرخ ونوثق لإحياء الذاكرة الوطنية وإبراز دور النساء
تسعى الكاتبات لإيصال رسالتهن سواءً لإحياء تاريخ تونس بشكل جديد والتذكير برواد الحركة الإصلاحية والنسائية أو إبراز التجارب التي تجاهلها المفكرون وتناسها الجميع برغم دورها في عملية تحرير البلاد في فترة ما.

زهور المشرقي
تونس ـ وقعت أمس السبت 3أيار/مايو، كاتبات تونسيات خلال معرض الكتاب الدولي الذي تحتضنه العاصمة تونس، رواياتهن التي تُعبر عنهن وتسرد جزءً من تاريخ تونس أو تذكرُ بشخصية خدمت البلد في وقت ما.
الصحفية والكاتبة بثينة الغريبي التي وقعت على كتاب "كيف صارت صلوحة صليحة"، أوضحت أنه مشروع بدأته منذ عام2017 توقفت عنه وعادت عام2019 بعد الحصول على دعم من المورد الثقافي لإنجاز يجمع بين البحث والأدب لتغوص في شخصية الفنانة صليحة التي تعتبر من النساء اللواتي تم تهميش دورهن برغم أنها قدمت الكثير لتونس ولسوء الحظ توفيت في سن مبكر 44عاماً، معتبرة أن صليحة هي من حفظت الإرث الغنائي التونسي وعاشت فترات الاستعمار ومختلف الأزمات التي عانتها تونس وكانت حينها وضعية المرأة صعبة ولكنها نهضت وكانت جزءً من محاولات تحرير النساء بصوتها وخرجت من منزلها وغنت "تحدتني صليحة صورة تلك المرأة القبلية المفقرة وقاومت ووصلت العاصمة لتثبت ذاتها كفنانة في فترة وجيزة وحفظت الموروث الفني ورددته وظلت صليحة كشخصية بهذه القيمة الفنية والإنسانية رمز من رموز تونس".
وعن اختيار صليحة للكتابة عنها، أوضحت بثينة الغريبي "صليحة أكدت أن الإنسان حر بالفطرة أو لا يكون، والمرأة لا يجب أن تنتظر من يمنحها، والتونسيات قادرات على إعطاء الكثير وتجاوز الصعاب والعراقيل لتحقيق ما تردن، وقد قاومت صليحة بيئتها التي تعارض الفن وقاومت الهرسلة وأثبتت نفسها كإنسانة".
ولفتت إلى أن صليحة ضحت بحياتها من أجل تونس وقبل وفاتها بـ 16يوماً حيث كان هناك حفلاً كبيراً للمغرب العربي بتونس وكانت ستمثل بلادها لكنها كانت متعبة جداً وحذرها طبيبها من الغناء لكنها أبت أن لا يكون لتونس ممثلاً وغنت في آخر حفلة وهي على كرسي أغنية "مريض فاني"، التي جسدت حالتها لدرجة أن أحد النقاد قال "لا أعرف إن كانت صليحة غنت أو بكت من شدة الإحساس يومها".
وأكدت أن الصحفي يجب أن يقوم بدوره التوثيقي ويقدم رموز تونس من الرجال والنساء للعالم، مشددة على أن التاريخ مكتوب بلسان ذكوري وحان وقت كتابة المرأة عن المرأة لرد اعتبار نساء تناستهن الأقلام.
وبدورها وقعت الأديبة ابتسام الوسلاتي ، كتابها "صور حية من كنوز الأدب التونسي محمد العريبي"، وهو كتابها الرابع الذي تغوص عبره في تاريخ تونس عبر أحد أعمدتها الفكرية، تقول "كتاب عن مخطوط لزين العابدين السنوسي ينشر لأول مرة من رصيد دار الكتب الوطنية ويعد تحقيق هذا النص وإخراجه للقراء خطوة جديدة للتعريف بمحمد العريبي والتعرف على مدينته وتسليط الضوء على مرحلة مهمة من الحياة الفكرية والأدبية خلال ثلاثينات القرن العشرين".
وأكدت أن هذا التحقيق هو مرحلة جديدة تتوقف عندها كاتبة في مجال تحقيق المخطوطات لأن هذا الكتاب في الأصل هو مخطوط أنجز على مدى عامين من العمل "هو تواصل لمشروع بدأته في الحفر على أعلام منسيين في تاريخ الأدب التونسي مع مرحلة تأسيسية في الثلاثينات من القرن العشرين معها أصبحنا نتحدث عن أدب تونسي حديث وعن ثقافة تونسية حديثة، هو حفر في الذاكرة الجماعية وربط الحاضر بالماضي وتعزيز للانتماء حيث لا يمكن الحديث عن ثقافة تونسية دون العودة إلى المؤسسي الأوائل لها".
وعن دعم الأقلام النسائية في المجال النقدي، اعتبرت ابتسام الوسلاتي أنها مسألة مهمة جداً لدعم حضور المرأة في مختلف المجالات، مشيرة إلى أن التونسيات تألقن عبر التاريخ وفرضن أنفسهن وبنين مجد الجامعة التونسية وكانت لهن تجارب في مجال البحث النسائي وحان الوقت لعودة الدعم بشكل قوي.
وقالت الكاتبة نسرين المدب، إنها تتحوز على ثلاث روايات أولهم "زريعة ابليس" وتمت ترجمتها للفرنسية، وآخرها الخرزة الزرقاء، مشيرة إلى أنها تناولت موضوع التكنولوجيا وحاولت عبره الإجابة على تساؤلات الإنسان في هذا العصر الذي له هواجس كثيرة من البيئة والطبيعة والحروب وأنواعها ومختلف المشاكل الاجتماعية لتبرز الخرزة الزرقاء التي تعطي الأمل لحياة أخرى.