غزة تحت النار... هجمات متواصلة تستهدف المنازل والمرافق الصحية
شهد قطاع غزة فجر اليوم تصعيداً عنيفاً أسفر عن استهداف مباشر لمنازل سكنية ومرافق حيوية وسط تزايد أعداد الضحايا وتفاقم الأزمة الإنسانية في ظل استمرار الحرب.
غزة ـ منذ أكثر من عام تستهدف القوات الإسرائيلية كل مكان في قطاع غزة حتى التي سميت بالآمنة، فضلاً عن استهداف النازحين والمرافق الطبية وحتى الطواقم والاسعاف كل ذلك في إطار الإبادة الجماعية التي تمارس بحق السكان في القطاع.
شهد قطاع غزة تصعيداً عنيفاً خلال الساعات الماضية، حيث تم استهدف أحد المنازل وسط المدينة في ساعة مبكرة من فجر اليوم الثلاثاء 17 كانون الأول/ديسمبر، ما أدى إلى سقوط أكثر من 12 قتيلاً غالبيتهم تحوّلت جثثهم إلى أشلاءً متفحمة، وعشرات الإصابات التي طالت سكان المنازل المجاورة، خاصة النساء والأطفال، كما تصاعدت ألسنة الدخان الكثيفة من موقع القصف ليخلف بذلك دماراً كبيراً.
ومنذ مساء الأمس تتواصل الانفجارات الناجمة عن تفجير مبان سكنية في عدة مناطق بالقطاع، وشمالاً شهدت مدينة بيت لاهيا عمليات نسف متكررة لأبنية مأهولة، بينما تصاعدت الأحداث في الجنوب الشرقي لمدينة غزة، تحديداً في حي الزيتون، حيث استهدفت الطائرات الحربية مواقع متفرقة بشكل متعاقب، ما فاقم الأوضاع الميدانية سوءاً وزاد من حجم المأساة الإنسانية.
وفي تطور مقلق بشمال قطاع غزة، أقدمت الطائرات المسيرة على إلقاء قنابل بشكل مكثف على محيط مشفى "كمال عدوان" الأمر الذي أدى إلى اشتعال النيران في الطابق الثالث من المبنى الطبي، كما نشبت الحرائق بعد استهداف مباشر للمشفى، والذي يعتبر استمرار ممنهج لتضييق الخناق على القطاع الصحي الذي يعاني أصلاً من شلل شبه كامل بسبب الهجمات المستمرة منذ أسابيع.
ويأتي هذا التصعيد الخطير في سياق استمرار العملية العسكرية البرية التي دخلت شهرها الثالث في شمال القطاع، فالمستشفيات التي يُفترض أن تكون آمنة باتت ساحةً للتوتر اليومي وهدفاً مستمراً للضربات الجوية، طواقم الإسعاف والفرق الطبية تجد صعوبة بالغة في التعامل مع الإصابات المتزايدة جرّاء القصف وسط نقص حاد في المعدات الطبية والأدوية الأساسية.
وعلى الرغم من أن مشفى "كمال عدوان" يعتبر شرياناً حيوياً لأهالي شمال غزة، ألا أنه تحول إلى موقع مستباح للضربات، حيث تتصاعد الاعتداءات بشكل يومي، ما أسفر عن وقوع أضرار مادية كبيرة في المبنى والتي أعاقت عمل الكوادر الصحية، وبات المصابون والمرضى عرضة للخطر، بينما النيران التي اندلعت اليوم في أقسام المشفى أضيفت إلى قائمة طويلة من الانتهاكات التي طالت المنشآت المدنية خلال الأشهر الماضية.
في موازاة ذلك، يتزايد القلق الدولي إزاء الأوضاع الإنسانية المتدهورة، خاصةً مع استمرار استهداف المناطق السكنية والمرافق الحيوية في قطاع غزة، وبات المدنيون يدفعون الثمن الأكبر وسط تفاقم المأساة اليومية التي تزداد حدتها مع انقطاع الخدمات الأساسية ونقص المواد الغذائية والطبية.
وفي بيت لاهيا وحي الزيتون، تتكرر مشاهد الدمار التي تلتهم البنية التحتية ويُشرّد مئات العائلات، بينما يشهد القطاع تصعيداً غير مسبوق يعصف بكل جوانب الحياة، المنازل تُهدم على رؤوس ساكنيها في مشاهد مأساوية تعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها الأهالي تحت وطأة القصف المتواصل، المجتمع الدولي يواجه اختباراً أخلاقياً أمام هذه التطورات حيث تبرز الحاجة الملحة للتحرك الفوري من أجل وقف استهداف المدنيين والمرافق الصحية.
وأصبح الوضع في مشفى "كمال عدوان" هو تجسيد واضح لما آل إليه القطاع من مأساة، بعدما أصبح المرضى والطواقم الطبية تحت رحمة النيران والقذائف.
كما أن المستجدات الميدانية المتلاحقة في قطاع غزة تنذر بكارثة إنسانية أعمق إذا ما استمر التصعيد على هذا النحو، وسط عجز شبه تام عن توفير الحماية للمدنيين في مناطق النزاع، وفي ظل هذه الأوضاع يبقى الوضع مرشحاً للمزيد من التدهور في غياب أي بوادر فعلية لوقف هذا التصعيد العنيف.