في يوم 25 نوفمبر النساء تواجهن الحروب والعنف بشعار "الكومونة تبني الحياة"
في عالم تتزايد فيه وتيرة العنف والحروب، وتسحق فيه حقوق النساء تحت وطأة الأنظمة الذكورية والدول القومية، تبرز أصوات نسائية حرة ترفض الصمت وتدعو إلى المقاومة والتنظيم.
مركز الأخبار ـ دعت منسقية منظومة المرأة الكردستانية، جميع النساء إلى الوقوف صفاً واحداً ضد العنف الذكوري المنظم، والحروب التي تستهدف النساء بشكل مباشر وغير مباشر، مؤكدةً على أن العنف ضد المرأة سياسة دولية ممنهجة تتغذى من الأنظمة الذكورية.
أصدرت منسقية منظومة المرأة الكردستانية (KJK)، اليوم الخميس 20 تشرين الثاني/نوفمبر، بياناً بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، تحت عنوان "دعونا ننظم، دعونا نتشارك ضد الحرب والعنف والمجازر والاغتصاب".
وأشار البيان إلى أن "العنف هو واقع منظم من قبل الذكورية المهيمنة ضد النساء في العديد من مجالات الحياة وفي أوقات مختلفة، مما يسبب جروحاً جسدية ونفسية كبيرة"، لافتاً إلى أن النساء تواجهن أقسى أشكال العنف على وجه الخصوص العنف الجسدي والنفسي، الذي أصبح تدريجياً أمراً معتاداً عليه غير ملحوظ في الحياة اليومية.
وأكدت المنسقية أن هذا العنف لا يفرق في العمر أو المكانة الاجتماعية أو الانتماء القومي و العرقي "لا يميز بين طفلة مثل سلا، أو شابة مثل روجين، أو برلمانية أو ناشطة بيئية مسنة مثل أرفالو لوماس، أو امرأة درزية مثل فوزية الشرعاني، فجميعهن عرضة للعنف المنظم والتحرش والاغتصاب".
وسلط البيان الضوء على تصاعد غير مسبوق للعنف ضد النساء في عام 2025، حيث تشير الإحصائيات إلى مقتل نحو 86 ألف امرأة حول العالم، 52 ألفاً منهن على يد أفراد من العائلة أو شركاء مقربين، ما يجعل المنزل الذي يُفترض أن يكون ملاذاً أكثر الأماكن خطورة على النساء.
ونوه البيان إلى أن دراسة السياسات المطبقة حيال النساء في الدول القائمة كافية لتوضيح حقيقة واحدة وهي أن العنف المنظم ضد النساء سياسة دولية شاملة، كما استعرض بعض السياسيات التي تعكس الطابع الذكوري المهيمن، مثل التراجع عن مكاسب النساء في العراق، انسحاب تركيا ولاتفيا من اتفاقية إسطنبول، تصميم منازل بلا نوافذ في أفغانستان، إعدام 800 امرأة في إيران، والخطاب الديني التركي الذي يجرم غير المحجبات.
وأضاف البيان "النساء لا يسقطن من الشرفات ولا ينتحرن، إن خلف الأكاذيب عن الانتحار يقبع عنف ذكوري مقنع، وحقيقة أن العديد من البلدان لاتزال غير واضحة في تعريف مفهوم الاغتصاب والعنف، تشجع كذلك على العنف القائم على النوع الاجتماعي. قد يشيرون ويحاكمون زمرة من الرجال الذي أقدموا على الجرائم، إلا أنه من الضروري أن نرى هناك عقلا وسياسة دولة وراء هذه الملفات"، مشدداً على أن جوهر يوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر هو الوقوف ضد العنف المدعوم من الدولة.
وأكدت المنسقية من خلال البيان على أن رؤية ما وراء الواقع وإيجاد الحل يتطلبان تثبيت الموقع الصحيح للقضية "من الضروري إدراك أن الجذر الخفي للأزمات في مختلف مجالات الحياة، من البيئة والاقتصاد الى الصحة والتعليم، هو العنف الموجه ضد المرأة".
وتابع البيان "أشار القائد عبد الله أوجلان في مانيفستو الحرية والمجتمع الديمقراطي أن السبب الجذري لقضية عبودية المرأة هو القاتل المتعمد ويكشف عن ضرورة البدء بالحل من المكان الذي بدأت فيه القضية"، داعياً إلى تنظيم نسائي واسع وبناء الكومينات المجتمعية كوسيلة للدفاع عن النفس وبناء حياة قائمة على المساواة والعدالة "الأمر الذي يبقي النساء على قيد الحياة وصون حمايتهن هو قوة تنظيمهن وتماسكهن الاجتماعي، فلنقف سوية ضد النظام الذي أجج الحروب كأعتى أشكال العنف ضد النساء بشعار (Jin Jiyan azadi)".
"هذه الحروب ليست حروبنا"
واعتبر البيان أن الحروب هي أكثر أشكال العنف كثافة، تدار يومياً من قبل النظام الرأسمالي والدول القومية، مشيراً إلى أن هذه الحروب ليست حروب النساء، ففي تركيا يعاني الأطفال من الجوع بينما تخصص ميزانيات ضخمة للحرب، وفي غزة فقدت آلاف النساء والأطفال حياتهم، وتعرضت الناجيات للتحرش من قبل عاملين في منظمات إغاثية. أما في كينيا، فتُغتصب النساء أثناء بحثهن عن الماء والغذاء، وفي أبيا بالا، رغم غياب الحرب تعاني النساء من ظروف لا تقل قسوة.
وأكدت المنسقية أن الوقوف في وجه الحروب هو دفاع عن وجود النساء وكدحهن وبيئتهن ومستقبلهن، مشيرة إلى أن المشاركة في مشروع "السلام والمجتمع الديمقراطي" الذي أطلقه القائد عبد الله أوجلان هو السبيل لمواجهة الأزمات في الشرق الأوسط والعالم، وبناء نموذج ديمقراطي وإيكولوجي قائم على تحرر المرأة.
"لنتصدى لقتل النساء جسداً وروحاً باسم العشق"
تناول البيان أيضاً العنف العاطفي والجسدي الذي يُمارس باسم "العشق"، داعياً النساء إلى كشف زيف هذه الادعاءات، ووضع معايير واضحة للعلاقات بين الجنسين، تقوم على الاحترام والمساواة، ورفض أي علاقة لا تضمن كرامة المرأة وسلامتها النفسية والجسدية، مؤكداً على أن الرجل الذي لا يعرف كيف يتحدث مع امرأة أو يعيش معها لا يمكن أن يكون اشتراكياً، وأن معيار الإنسانية يبدأ من الموقف تجاه المرأة.
وطالبت منسقية منظومة المرأة الكردستانية بتعزيز التنظيم النسائي في كل مكان وتحويلها إلى وحدات مجتمعية نسائية (كومينات) تناقش فيها النساء حاجاتهن وتبنين حياة بديلة قائمة على التضامن، مشددةً على ضرورة كسر العزلة التي فُرضت على النساء عبر الأكذوبة القائلة إن "امرأتين لا يمكن أن تجتمعا"، مؤكدة أن التنظيم المشترك هو السبيل الوحيد لمواجهة العنف.
ودعت المنسقية إلى تعبئة شاملة في 25 تشرين الثاني/نوفمبر، تشمل التوعية والتدريب والتعليم، والوصول إلى النساء والفتيات في كل مكان، خاصة اللواتي لا يدركن أشكال العنف غير الجسدي. كما طالبت بتثقيف الرجال وتغيير وعيهم من خلال الندوات والنقاشات حول مفاهيم الاشتراكية والعلاقات التشاركية الحرة.
واختتم البيان بدعوة جميع نساء العالم، وخاصة في كردستان والشرق الأوسط، إلى فضح عنف الدولة الذكورية والمشاركة في فعاليات 25 تشرين الثاني، مؤكداً أن المقاومة النسائية أثبتت قدرتها على هزيمة العدو، وأنه لا توجد عقبة لا يمكن تدميرها عندما تقف النساء جنباً إلى جنب "تماما كما تقول نساء أفغانستان (بقدر الظلام الدامس سيكون النور على النساء أكثر سطوعاً، أظهرت المقاومة النسائية أنه يمكن هزيمة العدو ليس فقط في روج آفا ولكن أيضاً في أفغانستان)، فلنتكاتف لأجل بناء حياة حرة كريمة، دعونا ننظم أنفسنا في كل مكان ضد العنف، رافعين شعار (الكومونة تبني الحياة)".