'ذوات الإعاقة تعانين في صمت من اللامبالاة التامة'

تسعى بسمة السوسي من خلال برامج إذاعة "أمل" وجمعية "أبصار"، إلى تمكين النساء ذوات الإعاقة، ورفع أصواتهن، ومواجهة التهميش والعنف عبر التدريب والإعلام الداعم للحقوق.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ اليوم العالمي للإعاقة الذي يصادف الـ 3كانون الأول/ديسمبر من كل عام، يسلّط الضوء على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ويكشف التحديات التي تواجههم. في تونس، تعاني النساء ذوات الإعاقة من تمييز مضاعف، ما يستدعي تعزيز الإدماج والمساواة لضمان مشاركتهن الفاعلة في المجتمع والتنمية.

بسمة السوسي ناشطة حقوقية نسوية تعاني من إعاقة بصرية ونائبة رئيس جمعية "أبصار"، تقول إن النساء ذوات الإعاقة يعانين من اللامبالاة التامة وكأنهن لسن نساء.

تحدثت بسمة السوسي عن غياب الاكتراث بأوضاع النساء ذوات الإعاقة في تونس، وعدم اعتبارهن كنساء لهن حقوق وواجبات، مضيفةً أنه يوجد مليون و749 ألف شخص من ذوي الإعاقة في تونس، وتشكل النساء الغالبية منهم، ومع ذلك لا يحظين بالاهتمام الإعلامي الكافي "هذا الأمر دفعني إلى تقديم برنامج بإذاعة أمل يُعنى بحقوق النساء والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن".

وتسعى من خلال الديناميكية التي تعيشها الجمعية إلى تقديم محتوى إعلامي فيه الكثير من الإيجابية، لذلك اختارت له اسم "بسمة أمل" لأنه لدي دائماً أمل في أن المستقبل سيكون أفضل، مبينة أن البرنامج يسعى منذ ثمانية سنوات إلى "تبسيط القوانين والحقوق ولكن ليس عبر قراءة النصوص لأنها ذات إعاقة بصرية، بل عبر استضافة العديد من النساء يجعلهن مرئيات ليس فقط لذوات الإعاقة ويجعلهن يتحدثن في كل المواضيع".

ولفتت إلى أن هناك برنامج في الإذاعة أيضاً بعنوان "حتى أحنا نساء" لتمكينهن من إيصال أصواتهن، بالإضافة إلى أنها قدمت برنامجاً تحت عنوان "أنت الصوت" حيث تم بثه مباشرة لعشر حلقات متتالية وتم التركيز على النساء ذوات الإعاقة.

وذكرت أن البرنامج مكن من إيصال صوت 60 امرأة من ذوات الإعاقة وتمكنت واحدة من بينهن تعرضت إلى العنف في الشارع من الحصول على حقها وربحت القضية، مشيرة إلى أنه بعد انتهاء برنامج "أنت الصوت" تم جمع 15 امرأة من ذوات الإعاقة وتمكينهن من التدريب حول صناعة محتوى على الفضاء السيبراني يراعي حقوق النساء.

وخلصت إلى القول "حاولنا لفت النظر للنساء ذوات الإعاقة بإذاعة أمل كوسيلة إعلامية مناصرة للحقوق والعمل مستمر على طول السنة من أجل النساء والفتيات".   

بادرت جمعية "أبصار" منذ 18 نيسان/أبريل 2021 إلى تشكيل لجنة للفتيات والنساء ذوات الإعاقة في ظل غياب أي جمعية في تونس تعنى بالنساء ذوات الإعاقة وهذا من أجل العمل على الحد من كافة أشكال العنف المسلط عليهن، وتقول بسمة السوسي "سعينا من خلال مختلف برامجنا إلى التدريب لرفع القدرات حتى تتمكن النساء من المشاركة في الحياة العامة والحياة السياسية والإقبال على المشاركة يبدأ بقبول الذات والتصالح معها من أجل الخروج إلى المجتمع".

وأكدت أنه لا تزال هناك العديد من الحقوق التي لم تحصل عليها ذوات الإعاقة، لذلك بادرت الجمعية منذ 18 آذار/مارس 2021 بتشكيل لجنة الفتيات والنساء التي ترأسها بسمة السوسي والتي من خلالها تحاول رصد كافة أشكال العنف الممارس ضدهن "نحاول إيجاد حلول بإجراء دورات تدريبية للرفع من القدرات في علاقة بالقوانين، وكيف نكسب الثقة بالنفس ومن خلال ذلك يمكننا المشاركة في الحياة العامة والسياسية دون إقصاء أو تهميش".

 

العنف السيبراني

وحول تفاقم ظاهرة العنف السيبراني، أشارت الجمعية إلى تنظيم دورة تدريبية لفائدة النساء ذوات الإعاقة البصرية حول كيفية استعمال الهاتف، ويعود ذلك إلى أنهن يفتقدن لهذه المهارة نتيجة غياب تدريس الإعلامية في المدارس، إضافة إلى أن التكنولوجيا الموجهة لذوي الإعاقة غالباً ما تُتداول في فضاءات يغلب عليها الطابع الذكوري. هذا الوضع يحدّ من وصول النساء إلى المعلومة، خاصة تلك المتعلقة بالقوانين والحقوق.

وأوضحت أن الجمعية تسعى للقيام بهذه الدورات حتى تخرج النساء والفتيات ذوات الإعاقة للفضاء العام وتشاركن في العديد من المجالات خاصة الشابات اللواتي يدرسن بالجامعات ويحتجن إلى التعرف على حقوقهن ليساهمن في أن تكون النساء ذوات الإعاقة فاعلات في المجتمع.

وتوجهت برسالة إلى عائلات ذوات الإعاقة حتى لا يتم تهميش بناتها وأن تقبل بهن كما هن ولا تشعرهن بأنهن عبء وتتركهن بمفردهن في الفضاءات العامة فيكن عرضة التنمر والتحرش خاصة في ظل هشاشة وضعهن وعدم تمكنهن من التكنولوجيا ومن الاستقلال الاقتصادي.

وذكرت بسمة السوسي بأن مؤسسات الحكومة إلى الآن لا تأخذ بعين الاعتبار وضعهن، كما أن الرقم الأخضر غير متاح لمن لديهن إعاقة سمعية، وكذلك مختلف مراكز الأمن أو مراكز الإيواء ليست مهيئة لاستقبال النساء ذوات الإعاقة لذلك دور الإعلام مهم جداً من أجل رفع الوعي.