بيروت تحتضن ورشة إقليمية تناقش حقوق كبار السن وذوي الإعاقة
انتهت اليوم فعاليات ورشة العمل الإقليمية التي تناولت حقوق واحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة في اقتصاد الرعاية في المنطقة العربية.

سوزان أبو سعيد
بيروت ـ اختتمت ورشة العمل الإقليمية التي عقدت في بيروت حول "حقوق واحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة في اقتصاد الرعاية في المنطقة العربية" والتي انطلقت في 7 تشرين الأول/أكتوبر الجاري واستمرت حتى مساء اليوم الخميس.
عقدت منظمة المرأة العربية بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، ورشة حول "حقوق واحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة في اقتصاد الرعاية في المنطقة العربية"، وشارك في الورشة خبراء وخبيرات ممثلو وممثلات الهيئات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني ذات الاهتمام المشترك من عدة دول كالأردن، تونس، السودان، العراق، عمان، فلسطين، لبنان، ليبيا، مصر، موريتانيا، واليمن.
وأوضحت المديرة العامة للمنظمة الدكتورة فاديا كيوان في كلمتها الافتتاحية أن "هذه الورشة الإقليمية هي الثانية التي تنعقد في إطار سعي المنظمة وشركائها نحو إعداد خطة عمل إقليمية لاقتصاد الرعاية في المنطقة العربية، حيث ركزت الورشة الأولى على حقوق واحتياجات الأطفال، فيما ركزت الورشة الثانية على حقوق واحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة.
محاور الورشة
وامتدت أعمال الورشة لمدة ثلاثة أيام، وتوزعت على إحدى عشرة جلسة عمل، في الجلسة الأولى تم تقديم لمحة عامة عن أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة وكذلك أوضاع المسنين في المنطقة العربية، وهدفت الورشة إلى تسليط الضوء على الاتجاهات الديموغرافية والفجوات في البيانات المتعلقة بالشيخوخة والإعاقة في الدول العربية.
وقد شهدت الجلسة الأولى في اليوم الأول عرض نتائج الدراسة الإقليمية الصادرة عن منظمة المرأة العربية حول أوضاع النساء والفتيات ذوات الإعاقة في المنطقة العربية من إعداد الخبيرة في قضايا المرأة والمساواة بين الجنسين الدكتورة رويدا حمادة منسي.
فيما استعرضت الجلسة الثانية الأطر والاتفاقيات الدولية والإقليمية ومنها اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وخطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة، وغيرها، أما الجلسة الثالثة تناولت الإدماج الاقتصادي للأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن مع التركيز على قطاع الرعاية، بينما ركزت الجلسة الرابعة على أوضاع كبار السن والأشخاص ذوي الاعاقة في أوقات النزاع والأزمات.
اما في اليوم الثاني تناولت الجلستان الخامسة والسادسة السياسات الحكومية العربية لمعالجة احتياجات الرعاية لدى المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة، بينما ناقشت الجلستان السابعة والثامنة دور منظمات المجتمع المدني العربية للأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.
وفي اليوم الثالث والأخير من الورشة، شملت الجلسة التاسعة مناقشات حول التمويل والاستدامة واحترافية العمل في مجال الرعاية بما في ذلك نظم التأمين على الرعاية طويلة الأمد والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والمهارات والتدريب وتطوير القوى العاملة، إلى جانب وضع توصيات خاصة بخارطة الطريق، وصياغة ركائز خارطة الطريق الإقليمية، وذلك خلال الجلسات الأخيرة من الورشة.
تبادل الخبرات للاستفادة من التجارب الناجحة
وعلى هامش الورشة قالت رئيسة مصلحة ترقية الأشخاص ذوي الإعاقة، ووزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة في موريتانيا البراز الجود أن "موريتانيا اهتمت بشريحة ذوي الإعاقة، ولكن ليس ثمة برامج لكبار السن فيها، وذلك عبر تعديل البطاقات الخاصة بهم وفقا للصفة إلى 8 أنواع، وقد وصل عدد البطاقات إلى 18 آلف و85 بطاقة، وبما يخص التأمين الصحي وبلغ عدد المستفيدين 3766 شخصاً".
وعن الآراء التي تنوي أبدائها في الورشة بينت "الاستفادة من التجارب الناجحة في الدول المجاورة ومحاكاتها، وبالتالي فإن تجربة ممثلي الدول الحاضرة ستكون قيمة مضافة إذا ما تمت مناقشتها والاستفادة منها".
هدفت الورشة إلى توفير الرعاية لكبار السن وذوي الإعاقة
فيما قالت الأخصائية الأولى في مجال المساواة بين الجنسين وعدم التمييز، من منظمة العمل الدولية آيا ميتسورا لوكالتنا "تمحورت مداخلتي حول الرعاية طويلة الأمد التمويل والاستدامة واحترافيــة العمــل فــي مجال الرعايـة، وأعتقد أن ورشة العمل هذه، ستثمر عن أفكار جيدة يمكن أن تعمل عليها دول مختلفة في المنطقة العربية لتعزيز منظومة الرعاية، هدفنا هو أن يتمتع كبار السن، والأشخاص ذوو الإعاقة، وعائلاتهم بالحق في الرعاية".
وبينت أن "تعزيز اقتصاد الرعاية يمثل بنداً مهماً على جدول أعمال منظمة العمل الدولية (ILO)، التي اعتمدت في مؤتمر العمل الدولي لعام 2024 قرار "العمل اللائق واقتصاد الرعاية"، والذي يدعو جميع الحكومات وأصحاب المصلحة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتقوية اقتصاد الرعاية من أجل تحقيق العمل اللائق، والمساواة بين الجنسين، والتنمية المستدامة".
القوانين التي تنص على دعم المسنين وذوي الإعاقة لا تطبق
أما المديرة العامة للمنظمة العربية للأشخاص ذوي الإعاقة جهدة أبو خليل أكدت أن "موضوع الورشة مهم للغاية، لأنه يطرح اقتصاد الرعاية لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، لأن كبار السن بمعظمهم يصبح لديهم إعاقة أيضاً، وأهميتها تكمن في العروض الكثير لواقع الحال في بعض الدول العربية، وللأسف جميعنا أدرى بدولنا وإمكاناتنا، وسياساتنا، وبما أنني أعمل في هذا المجال الخاص بالإعاقة منذ 35 عاما، فهؤلاء الأشخاص من أولوياتنا، وأنهم مقصين وغير مدرجين ضمن الإستراتيجيات، وحتى أن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة صدق عليها 20 دولة ومن ضمنها لبنان، فهم مجبورون أن يواءموا قوانينهم" مبينة أن "معظم الدول عدلت في قوانينها، ولكن لم تطبق على الأرض، ولم نشعر بتغيير فعلي كمنظمة تعمل في معظم الدول العربية".
وأشارت إلى أن "منظمتنا أدركت منذ تأسيسها أن النساء من ذوات الإعاقة تواجههن تحديات كبيرة، منها تحدٍّ أنهن نساء، وتحدٍّ ثان أن لديهن إعاقة والتحدي الثالث أنهن قادمات من الفقر والبطالة، وتصبح الإعاقة ثلاثية في هذه الحالة، وهذا ما دفعنا لإطلاق ملتقى العربي للنساء ذوات الإعاقة، بهدف العمل على بناء قدرات النساء ذوات الإعاقة في الدول العربية"، مضيفةً "نعلم حجم العنف الذي يُمارس على النساء ذوات الإعاقة، أنهن عندما يدلين بشهاداتهن لا يؤخذ بها لأنهم يعتبرون أن ليس لديهم أهلية قانونية، فعلى سبيل المثال إذا تعرضت فتاة لديها إعاقة ذهنية للاغتصاب يقولون لها أنت غير موثوق بشهادتك لأن لا أهلية قانونية لديك، والأسوأ من ذلك أن بعض الأهالي في لبنان ممن لديهم نساء لديهن إعاقات ذهنية يقومون بتأجير أرحامهن، وفي بعض الدول العربية يجري استئصال أرحام النساء ذوات الإعاقة بموافقة الأهل ومن دون أي إشراف صحي صحيح، ويتذرعون بحج واهية".
ما مارسه داعش في العراق خلف كدمة على ذاكرة المرأة
بدورها قالت مديرة دائرة الحماية الاجتماعية للمرأة في وزارة العمل في العراق عطور الموسوي "ترعى دائرتنا بحدود 600 ألف رب أسرة، وترعى المرأة الأرملة والمطلقة وزوجة السجين وزوجة المفقود والمعاقة والمسنة، هؤلاء النساء يتمتعن برعاية اقتصادية حيث لهن رواتب شهرية، وأيضا رعاية اجتماعية أي الدعم النفسي" مبينة أنه "تم توفير الدعم النفسي بعد ما حدث في العراق من احتلال مرتزقة داعش لثلاث من المحافظات وأساؤوا ما أساؤوا للبشر بصورة عامة وللنساء بصورة خاصة، وبيعت النساء في أسواق النخاسة، وتم الاعتداء عليهن (اعتداء جماعي) وقتل ذويهم أمام أعينهن، كانت المرأة تتمسك بابنها فيقطعون يدها ويذبحون أخاها وابنها أمامها".
وتطرقت إلى ممارسات داعش في العراق "مرتزقة داعش أساءت لجميع النساء، ومن ترفض الانخراط معهم كانوا يعدمونها في ساحة عامة بالموصل، فضلاً عن إعدام الكثيرات من اللواتي رفضن ارتداء الحجاب القسري"، مشيرة إلى أنهم "كانوا يفرضون الحجاب على النساء من أديان أخرى كالمسيحيات، ومن لم تلتزم كانت تذبح" مضيفةً "قد تعرضت التركمانيات الشيعيات للاغتصاب بينما الإيزيديات تم بيعهن في سوق النخاس وتصديرهم إلى الخارج كسوريا ودول أخرى".
للإعلام دور مهم في إظهار الصورة الإيجابية لكبار السن
وقالت مديرة التواصل والإعلام في المجلس الوطني لشؤون الأسرة خديجة علاوين "جاءت مشاركتنا في الورشة الإقليمية لموضوع رعاية الاقتصاد لكبار السن وذوي الإعاقة، بدأنا في الأردن مؤخراً العمل على موضوع الصورة الإيجابية لكبار السن من عدة محاور، ونعمل على هذا الموضوع من خلال برنامج تلفزيوني أسميناه عطاء، والعطاء يجسد قصص نجاح لكبار السن في مختلف محافظات المملكة، وأيضا نعمل على هذا الموضوع كإعلام بأهمية وجود دليل يعنى بأخلاقيات التعامل مع قضايا كبار السن، والتركيز على إظهار الصورة الايجابية لكبار السن، وهذا الدليل يركز على كيفية تسلح الاعلاميين بمهارات وقدرات ويتعاملون بصورة ايجابية وفعالة مع كبار السن" وكما تطرقت للعديد من المشاريع الداعمة لكبار السن.
الليبرالية زمن يغلب فيه منطق القوة والإنتاج على القيم الإنسانية
وفي ختام الورشة، أكدت المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية فاديا كيوان أن "المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة لهم حقوق يجب أن تُحترم، ويجب على الدولة تعزيز قدراتهم لتمكينهم من الاندماج الفاعل، مشددةً على أن "قضية اقتصاد الرعاية أكبر من أن يتحملها طرف واحد، بل تتطلب عملاً تشاركياً تقوده الحكومات باسم المجتمع"، ودعت إلى صياغة السياسات العامة بالاستناد إلى حوار مجتمعي شامل تشترك فيه جميع الأطراف المعنية والفئات المستهدفة.
ولفتت إلى أن "الزمن الحالي هو زمن ليبرالي متوحش يغلب فيه منطق القوة والإنتاج على القيم الإنسانية، مناشدة إلى العمل من عمق المجتمعات العربية عبر التربية والثقافة والإعلام لإعادة الغلبة للقيم الإنسانية على حساب القوة، وبدء ذلك من مرحلة الطفولة لتربية النشأ على التعاطف والتكافل".
وفي ظل تراجع دور الدولة في الحماية، شددت على ضرورة "إصلاح العلاقات بين البشر لتعود أكثر إنسانية، وعودة الأسرة لتكون الحاضنة الأولى، ودعم الأسر عبر خدمات الضمان الاجتماعي، مع التأكيد على أن الدعم الحكومي يجب أن يعزز الأواصر الأسرية لا أن يفككها، ودعم النساء اللواتي يمثلن رأس مقدمي الرعاية، وضمان استهدافهن مباشرة ببرامج الضمان الاجتماعي".