'بنفس الوعي والذهنية يُنفذ الفرمان الـ 74 في السويداء'

مجزرة شنكال وأحداث مدينة السويداء السورية، كلا الحدثين جسدا استهدافاً ممنهجاً للهوية المجتمعية والدينية، حيث يُمارس العنف بهدف الإخضاع وكسر إرادة فئات مهمّشة، كما يشتركان في غياب المساءلة الدولية رغم فداحة الانتهاكات.

نغم جاجان

قامشلو ـ أعاد القمع والقتل والتضييق في السويداء السورية، ضمن سياق استهداف ممنهج للهوية والكرامة الإنسانية، إلى الأذهان ما حصل في شنكال، حيث تعرّض الإيزيديون لمجزرة مروّعة شملت القتل والخطف والاستعباد، في محاولة لإبادة جماعية ممنهجة.

في الثالث من آب/أغسطس 2014، اجتاحت عصابات داعش قضاء شنكال، وارتكبت مجازر مروّعة بحق الإيزيديين، تاركة جراحاً لا تُنسى في ذاكرة الإنسانية، فآلاف النساء والأطفال تم اختطافهم واقتيادهم إلى مصير مجهول، حيث تعرّضوا لأبشع أشكال العنف والاستعباد، ولا يزال المئات منهم مفقودين حتى اليوم، في انتظار عدالة غابت طويلاً.

وتعقيباً على ذلك استذكرت هدية شمو، المتحدثة باسم اتحاد المرأة الإيزيدية في إقليم شمال وشرق سوريا، خلال تطرقها للذكرى السنوية للفرمان الذي طال شنكال؛ المجازر الوحشية التي ارتكبتها داعش بحق الإيزيديين.

وأكدت أن أحد عشر عاماً مرّت على تلك الفاجعة دون أن يُحاسب أي من منفذيها، رغم ما خلفته من تهجير جماعي واختطاف ممنهج للنساء والفتيات الإيزيديات "المجتمع الإيزيدي متمسك بثقافته وديانته، التي تُعد من أقدم الديانات في التاريخ، لكن فرمان 2014 كان بمثابة أول محاولة إبادة تُنفذ أمام أنظار العالم، من قبل قوى دولية لا ترغب في تحقيق السلام والاستقرار بين الشعوب".

ودعت هدية شمو إلى الاعتراف الرسمي بالمجزرة التي ارتُكبت بحق الشعب الإيزيدي في شنكال كإبادة جماعية، مشيرةً إلى أن مرتكبي هذه الجرائم لم يُحاكموا حتى اليوم "تم تشكيل مجموعات عمل للمطالبة بالاعتراف الدولي بالفرمان الذي استهدف الإيزيديين، تماماً كما حدث مع الشعب الأرمني الذي نال اعترافاً بإبادة عام 1915 بعد مرور قرن، لكن الدول الكبرى تتجنب محاسبة مرتكبي مجزرة شنكال، لأنها ارتُكبت بأيديهم أو برعايتهم".

وأوضحت أن الشعب الإيزيدي، رغم الجراح العميقة، استطاع أن ينهض من بين الركام، ويعزز وجوده ويقوّي إرادته، موضحةً أن من نفّذوا فرمان شنكال لم يختفوا، بل غيّروا ملامحهم واستمروا في ارتكاب المجازر، مشيرةً إلى أنهم استهدفوا لاحقاً العلويين في الساحل، والدروز في السويداء، ضمن سلسلة هجمات تهدف إلى تفكيك المجتمعات من خلال استهداف النساء والأطفال.

وفي سياق حديثها عن سوريا، عبّرت هدية شمو عن خيبة أمل الشعب بعد سقوط نظام البعث، إذ كان يأمل بقيام دولة لا مركزية يعيش فيها الجميع بسلام، لكن الواقع أصبح أكثر قسوة، مع استمرار العنف وتوسع دائرة الانتهاكات.

وأكدت أن المرأة الإيزيدية لعبت دوراً محورياً في حماية مجتمعها، وكانت دائماً صاحبة مكانة راسخة في المجتمع والديانة الإيزيدية "رغم قسوة الفرمان الذي ارتُكب بحق شعبنا، ظل الإيمان راسخاً بأن ديانتنا ستستمر وتبقى حية حتى اليوم، المرأة الإيزيدية لم تكن ضحية فقط، بل كانت قوة مقاومة وصمود".

وأضافت "نحن كنساء إيزيديات في إقليم شمال وشرق سوريا، منذ انطلاقة الثورة، وقفنا جنباً إلى جنب مع النساء من مختلف المكونات والخلفيات، وشاركنا في بناء مستقبل مشترك، وهدفنا هو تأسيس اتحاد المرأة الإيزيدية، ومطلبنا الأساسي أن تنظم جميع النساء أنفسهن وتشارك في صنع القرار والمقاومة".