"بناء سورية الجديدة وتمكين المرأة"... ندوة في دمشق تدعو للانتقال من القول إلى الفعل
أكدت المشاركات في الندوة أن الهدف من هذه الندوة هو فتح قنوات للتواصل والتشبيك بين منظمات المجتمع المدني العاملة في الشأن النسوي، من أجل الخروج بخطط ملموسة تنقل قضايا المرأة من حيز التنظير إلى أرض الواقع.

راما خلف
دمشق ـ ناقشت ندوة "بناء سورية الجديدة وتمكين المرأة" التي عُقدت في العاصمة دمشق، أبرز التحديات التي تواجه المرأة السورية في مختلف الميادين، وأهمية تعزيز دورها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
بمشاركة عدد من الناشطات والنساء الفاعلات في منظمات المجتمع المدني، نظمت المؤسسة السورية الحضارية بالتعاون مع مؤتمر ستار، أمس السبت الثالث من أيار/مايو، ندوة تحت عنوان "بناء سورية الجديدة وتمكين المرأة"، كجزء من الجهود المتواصلة لتمكين المرأة وتعزيز حضورها في مراكز اتخاذ القرار، أتيحت الفرصة للمشاركات لطرح الآراء وتبادل الخبرات.
أهمية وجود المرأة في أماكن صنع القرار
قالت رئيسة المؤسسة السورية الحضارية إخلاص غصار في كلمتها "أهم خطوة في هذه المرحلة أن تنطلق عجلة الإنتاج في البلد، فنمتلك اقتصاداً قوياً ونواجه العقوبات الاقتصادية المفروضة علينا. من دون اقتصاد متماسك لا يمكننا الحديث عن تمكين حقيقي".
كما أكدت على ضرورة وجود المرأة في مواقع صنع القرار في الحكومة، مشيرة إلى أن هذا يتطلب تشكيل جسم نسائي موحد أو شبكة نسائية تهتم بقضايا المرأة وتعمل ضمن كل قطاعات الدولة، مضيفة "نريد أن ننتقل من مرحلة التوصيات إلى مرحلة السياسات، ومن مرحلة الشكوى إلى مرحلة الحلول".
"التغيير لم يتم دون إشراك النساء في جميع المجالات"
من جهتها، شددت الإعلامية ميس خليل، على أن التغيير في المرحلة المقبلة لا يمكن أن يتم دون إشراك المرأة في جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، قائلة "يجب دعم المرأة من خلال منظمات المجتمع المحلي، وخاصة التي تقودها النساء، وكذلك عبر شراكات حقيقية مع المنظمات الدولية. لا بد من ضمان تمثيل المرأة في مؤسسات الدولة، والأحزاب، ومراكز صنع القرار، وأن يُخصص لها مقعد ثابت في مجلس الشعب، إضافة إلى تفعيل الكوتا النسائية في الدستور والقوانين الانتخابية لضمان تمثيل منصف وعادل".
وأضافت أن تمكين المرأة لا يعني فقط منحها مساحة للحديث، بل بناء بيئة سياسية وتشريعية تُحترم فيها حقوقها ويُعترف بقدراتها، موضحة أن ذلك سيتحقق فقط عبر تكامل الأدوار بين المؤسسات المدنية والجهات الرسمية.
محاور تهدف إلى تعزيز دور المرأة في مستقبل سوريا
ومن خلال الجلسة، عبّرت العديد من المشاركات عن أهمية هذه اللقاءات التي تسلط الضوء على قضايا مغيبة أو مؤجلة، مشيرات إلى أن واقع المرأة في سورية، ورغم التحولات، لا يزال بحاجة إلى جهود كبيرة لتكريس حضورها، خاصة في المناطق التي عانت من الحرب والنزوح.
وتميزت النقاشات التي جرت خلال الندوة بعمقها وجرأتها حيث طرحت رؤى متقدمة حول تمكين المرأة ليس فقط بالخطاب، بل في الواقع العملي والمؤسساتي، كما ناقشت المشاركات المعوقات الميدانية والسياسية والثقافية والاجتماعية التي تواجه النساء في مختلف مناطق سورية.
مخرجات وتوصيات تدعو الانتقال من القول إلى الفعل
ولخصت الندوة إلى جملة من المخرجات والتوصيات أبرزها، الاعتراف الكامل بدور المرأة في إعادة بناء المجتمع السوري وضرورة وجودها في مواقع القرار والمسؤولية في كل مجالات الحياة، الدعوى إلى المبادرات النسائية التي تساهم في ترميم النسيج الاجتماعي وتعزيز السلم الاهلي.
وأكدت الندوة على أهمية اعتماد الحوار سبيلاً أساسياً لحل الخلافات بعيداً عن مناطق النزاع والصراع باعتبارها وسيلة لتحقيق تفاهمات عادلة ومستدامة بين الأطراف، والعمل على توسيع مساحة المشاركة النسائية في صياغة السياسات العامة والمشاريع التنموية المحلية، التشبيك بين مختلف التنظيمات النسائية لتعزيز تبادل الخبرات وتوحيد الجهود في مواجهة التحديات المشتركة، وتنظيم ندوات وحلقات حوار مماثلة في مناطق متعددة داخل سورية لتعميق الوعي في أهمية دور المرأة لمستقبل البلاد.
وشددت الندوة على ضرورة إلغاء القوانين التمييزية وفي مقدمتها قانون الاحوال الشخصية وتعديل قانون الجنسية ومشاركتها في سن القوانين والتشريعات والعمل على إقرار قانون عصري يستند إلى مبادئ العدالة والمساوة بين الجنسين، وتفعيل نظام الكوتا وتطبيق التمييز الايجابي لصالح المرأة لضمان تمثيلها الفعال في جميع مواقع صنع القرار.
وفي الختام، أجمعت المشاركات على أن بناء سورية الجديدة لا يمكن أن يتم دون مشاركة فعلية للمرأة في جميع مفاصل الحكومة والمجتمع، وأن وقت الفعل قد حان بعد سنوات من الإقصاء والتهميش.