باحثون: تشديد الحجاب يكشف عجز البنية السياسية عن معالجة أزمات المجتمع

أثار تصريح الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان بشأن ضرورة الالتزام بالحجاب داخل المؤسسات موجة من الانتقادات من جانب الباحثين والناشطات، حيث اعتبروا أن هذه السياسة تعكس خللاً في ترتيب الأولويات وتكشف عن اتساع الفجوة بين البنية السياسية ومتطلبات المجتمع.

مركز الأخبار ـ يرى محللون أن السلطات الإيرانية تلجأ إلى تكثيف التركيز على قضية المرأة والحجاب كوسيلة للتغطية على ضعفها الإداري وعجزها عن مواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة في البلاد.

عُقد اجتماع للمجلس الأعلى للثورة الثقافية، برئاسة الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، حيث شدّد على ضرورة التزام المؤسسات الحكومية بالقوانين والأعراف الوطنية المتعلقة بالعفة والحجاب، مؤكداً أن تطبيق هذه القيم يجب أن يبدأ من داخل الأجهزة الرسمية ومن موظفيها ومديريها، كما دعا وسائل الإعلام الوطنية إلى إيلاء اهتمام خاص في أعمالها الفنية والدرامية والمرئية والمسموعة للحفاظ على القيم الثقافية وتعزيز النموذج الصحيح للعفة.

في المقابل، يرى باحثون في علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي، أن هذه التصريحات تكشف عن عجز البنية السياسية في إيران عن معالجة المطالب الحقيقية للمجتمع، معتبرين أن تشديد السياسات المتعلقة بالحجاب، خصوصاً داخل المؤسسات الحكومية، لا يمثل حلاً للأزمات الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة، بل قد يؤدي إلى مزيد من الاحتقان والاحتجاجات.

ويشير الخبراء إلى أن الحكومة تدرك أن موظفيها قد يلتزمون بهذه السياسات بحكم الضرورة الوظيفية لكن ذلك لا يعني قبولاً اجتماعياً، ولا يخفف من التوتر العام، كما أن التجارب السابقة أثبتت أن فرض الحجاب بالقوة لم يحل الأزمة، بل جعلها محوراً رئيسياً للمطالب الشعبية.

ويُنتقد تركيز الخطاب الرسمي على قضية الحجاب وكأنه المشكلة الوحيدة في البلاد، في وقت تواجه إيران أزمات متعددة تشمل الفقر، البطالة، التضخم، الفساد، الأزمات البيئية، والعقوبات الدولية، إضافة إلى تفاقم الظواهر الاجتماعية مثل الإدمان والعنف الأسري.

ويؤكد محللون أن السلطات الثلاث في إيران التشريعية والتنفيذية والقضائية استخدمت قضية المرأة والحجاب كوسيلة للتغطية على ضعفها الإداري وعدم قدرتها على تقديم حلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية. في الوقت الذي حذر فيه علماء النفس الاجتماعي من أن هذه السياسات ستزيد من الضغط النفسي والشعور بالاختناق، وتعمّق الفجوة بين الشعب والحكومة، خصوصاً بين الجيل الجديد ومنظومة السلطة، بما يهدد شرعية القرار السياسي ويزيد خطورة الانقسام الاجتماعي.