اعتقال ناشطتين في عدن... انتهاك ممنهج لحرية الأصوات النسوية

لمشاركتهما في وقفة احتجاجية سلمية طالبت بتحسين مستوى الخدمات وحماية الحقوق المدنية تعرضت الناشطتان اليمنيتان عفراء الحريري ومها عوض لاحتجاز تعسفي في مدينة عدن.

اليمن ـ أثار الاحتجاز التعسفي للناشطتين عفراء الحريري ومها عوض في عدن موجة من الغضب والقلق بشأن تصاعد التضييق على الحريات العامة، خاصة تجاه الأصوات النسوية، والتي تمثل جزءاً من سلسلة الانتهاكات الممنهجة التي تتعرض لها النساء.

تعرضت الناشطتان اليمنيتان عفراء الحريري ومها عوض مساء الأحد 15 حزيران/يونيو، لاحتجاز تعسفي في مدينة عدن، أثناء مشاركتهما في وقفة احتجاجية سلمية طالبت بتحسين مستوى الخدمات وحماية الحقوق المدنية.

وكشفت الواقعة عن ملامح تصعيد متزايدة تجاه الأصوات النسوية في المدينة، وسط أجواء أمنية مشحونة وتضييق مستمر على الحريات العامة. ووفقاً لما أفادت به عفراء الحريري، فإن الحادثة بدأت حينما كانت برفقة زميلتها مها عوض وسائق المركبة ينتظرون أحد المشاركين بالقرب من أحد المحال التجارية، قبل أن يقترب منهم عنصر أمني طالباً منهم "تحريك السيارة" بزعم أن هناك توجيهاً من المرور، رغم عدم وجود أي سيارة تابعة للمرور في المكان.

وبعد عودة السائق، تم توجيههم إلى مركز شرطة المعلا، فيما تبعهم طاقم أمني حتى بوابة المركز، حيث أُجبروا على الدخول، وأُغلق الباب خلفهم دون توضيح أسباب الاحتجاز.

وأشارت عفراء الحريري إلى أن أفراد الشرطة داخل المركز رفضوا الإفراج عنهم أو حتى السماح بشراء قارورة مياه، مبررين تصرفهم بأن هناك "أوامر واضحة باحتجازهم"، دون تحديد مصدر تلك الأوامر.

وقالت إنه تم احتجازهم لمدة تقارب 45 دقيقة، وسط توتر وتصعيد واضح، إلى أن صدر توجيه من مدير أمن عدن اللواء مطهر الشعيبي بالإفراج عنهم، ومع ذلك لم يتوقف الطاقم الأمني عن ملاحقتهم، رغم أن تبعيته تتبع شرطة التواهي بينما وقع الاحتجاز داخل نطاق شرطة المعلا، ما يكشف عن التضارب الأمني والذي يثير العديد من علامات الاستفهام حول الجهة المسؤولة، ودوافع هذا الاستهداف غير القانوني.

وأدانت الناشطة سناء جميل، التي شاركت في الوقفات السابقة، في منشور لها على مواقع التواصل الافتراضي فيسبوك ما حدث لعفراء الحريري ومها عوض، ووصفت الحادثة باعتداء صارخ على كرامة المرأة اليمنية وحقها في التعبير.

وأوضحت أن هذه الحادثة تمثل جزءاً من سلسلة انتهاكات ممنهجة تعرضت لها شخصياً، حيث تلقت تهديدات متكررة، وتم إرسال مأمورين إلى منزلها لإجبارها على الامتناع عن المشاركة في الوقفات أو نشر أي منشورات داعمة لها، كما تعرضت لضغوطات لنشر منشور ينفي حدوث الانتهاكات ويبرئ السلطة، لكنها رفضت الخضوع لهذه الضغوط، ما أدى إلى وصمها بـ "المحرّضة".

وتساءلت سناء جميل عن مشروعية الإجراءات الأمنية المتخذة بحق النساء، مشيرةً إلى عمليات تفتيش مهينة في النقاط الأمنية، وإجبار النساء على تقديم بطاقات هوياتهن، والبحث عن أسمائهن وكأن خروجهن مشروط بموافقة مسبقة.

كما أثارت الشكوك حول وجود عناصر مدسوسة داخل الوقفات تردد هتافات لا تمثل المحتجين، بهدف خلق مبرر لتشويه الوقفة والتدخل الأمني ضد المشاركات السلميات.

وأوضحت سناء جميل، أن الإجراءات الأمنية المشددة لا تتناسب مع طبيعة التحركات المدنية المحدودة "نحن لا نحمل سلاحاً، ولا نهدد أحداً، فقط نطالب بحقوقنا في وضح النهار" مضيفةً أن هذه السياسات الأمنية تشير إلى وجود سلطة تمارس القمع تحت غطاء القانون، بينما الحقيقة أنها تجهض أبسط حقوق المواطنين في التعبير والاحتجاج السلمي.

واختتمت سناء جميل حديثها برسالة قوية "إن تم اعتقالي، فليُعلم أن ما نعيشه هو زمن بلطجة لا دولة، زمن تكميم الأفواه واستباحة كرامة الناس، لا زمن العدالة، لم أخطئ، ولن أذل، والخوف من الناس ضعف".

وفي تطور غير مسبوق في المشهد الاحتجاجي اليمني، خرجت نساء مدينة عدن، مساء السبت، في تظاهرة حاشدة تحت شعار "ثورة النسوان"، للمطالبة بتحسين الخدمات الأساسية، وعلى رأسها خدمة الكهرباء، التي تعاني من انقطاعات مزمنة تفاقمت مع قرب دخول فصل الصيف، وسط درجات حرارة مرتفعة ورطوبة عالية.