أصوات النساء المغيبات... الفن كصرخة من أجل العدالة
مشروع "أصوات 2" يحوّل الفن إلى أداة مناصرة، وينقل معاناة النساء المختطفات في السويداء ويطالب بالعدالة، المساءلة، وكشف المصير وسط صمت مجتمعي مؤلم.
					روشيل جونيور
السويداء ـ في مشهد إنساني مؤثر، اختتمت مجموعة من النساء والفنانات والحقوقيات في مدينة السويداء السورية أمس السبت الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، مشروع "أصوات 2"، الذي حمل رسائل مؤثرة من قلب الألم، وسعى لأن يكون الفن جسراً يوصل صوت المغيبات قسراً إلى المجتمع والعالم.
كانت الجلسة الختامية للحملة مناسبة للتشاور والنقاش حول أثر المشروع، ومدى نجاح الأغاني في إيصال معاناة النساء المختطفات والمغيبات، ومدى التفاعل المجتمعي مع هذه القضايا التي ما تزال تبحث عن العدالة وكشف الحقيقة.
الفن كأداة تغيير... "بازل" يؤمن بقوة الأغنية
تحدثت لميس جودية إحدى مؤسسات فريق "بازل" المدني التطوعي، عن جوهر الفكرة التي انطلقت منها الحملة "نحن في فريق بازل نؤمن بأن الفن هو أداة لتغيير المجتمع وتوسيع دوائر التفكير. مشروع أصوات 2 هو امتداد لـ أصوات 1 الذي كان كورالاً يغني قضايا النساء وآلامهن، لكن هذه المرة وسعنا نطاق العمل ليشمل حملة مناصرة متكاملة".
وأوضحت أن النساء المشاركات خضعن لتدريبات مكثفة حول مفاهيم المناصرة والتخطيط للحملات، ليقدمن بعدها أربع أغنيات كتبنها ولحنّها بأنفسهن، حملت رسائل قوية عن قضايا النساء اللواتي تعرضن للعنف والانتهاك خلال أحداث تموز الدامية في السويداء.
وأضافت هذه الأغاني ليست مجرد عمل فني، بل صرخة ضد التغييب القسري والقتل والتهجير والعنف الجنسي، مطالبة بالمساءلة والعدالة وكشف مصير النساء المغيبات "نرفض أن يكن ضحايا مرتين مرة بالخطف ومرة بالتهميش أو النسيان".
"لن نسكت عن تغييب النساء"
من جهتها، أكدت المحامية هديل السلمان خلال الجلسة أن الحملة جاءت لتعيد تسليط الضوء على قضية النساء اللواتي اختطفن خلال الهجوم على السويداء، مشيرة إلى أن مصير العديد منهن ما يزال مجهولاً حتى اليوم.
وأضافت "من المؤسف أننا لا نزال حتى الآن نجهل مصير المختطفات، لكننا نصر على إيصال صوتهن بكل الوسائل الممكنة. عبر الكلمات والأغاني والموسيقى نحاول أن نقول للمجتمع إن هؤلاء النساء لسن ناقصات أو موصومات، بل لهن كامل الحقوق الإنسانية والاجتماعية رغم كل ما تعرضن له".
وشددت هديل السلمان على أهمية تغيير النظرة المجتمعية تجاه الناجيات من الخطف، ومواجهة محاولات الوصم أو الابتزاز العاطفي الذي قد يتعرضن له، مؤكدة أن دعم المجتمع لهن هو خطوة أساسية في طريق العدالة.
"صوت من لا صوت لهم"... مشاركة نساء في حمل قضيتهن
أما لانا دوارة إحدى المشاركات في المشروع، فقد ترى أن "أصوات 2" هو استكمال طبيعي للمرحلة الأولى، لكنه حمل بعداً أكثر عمقاً في ظل الظروف القاسية التي مرت بها السويداء بعد أحداث تموز.
وأضافت "أردنا أن نسلط الضوء على قضية النساء المغيبات والمختطفات، وأن نكون صوتهن في ظل غيابهن. نتمنى أن تصل رسالتنا وأن تعود النساء إلى بيوتهن، وأن يعاملهن المجتمع كضحايا لا كمنبوذات، لأنهن جزء من هذا النسيج الاجتماعي الذي يجب أن يحميهن لا أن يهمشهن".
وأشارت لانا دوارة إلى أن "هذه الحملة بالنسبة لهم هي رسالة سلام، وأمل بأن يتحقق العدل، ويعم الأمان في السويداء وكل سوريا".
الأغنية كوسيلة مناصرة
لم تقتصر الحملة على الأداء الغنائي فقط، بل شملت أيضاً نشر الأغاني عبر مواقع التواصل الافتراضي، وإطلاق مواد إعلامية وحقوقية توعوية، إضافة إلى نشر القرارات الدولية ذات الصلة مثل القرار 1325 والقرار 1820 اللذين يدعوان إلى حماية النساء في النزاعات المسلحة ومساءلة منتهكي حقوقهن.
الهدف، كما أوضح فريق "بازل"، كان الضغط المجتمعي والمؤسساتي لتفعيل هذه القرارات على أرض الواقع، وتحويل الفن إلى وسيلة مناصرة حقيقية تدعم قضايا النساء وتمنحها بعداً إنسانياً مؤثراً.
في ختام الجلسة الحوارية، تبادل المشاركون الأفكار والتوصيات حول أثر الحملة وإمكانية توسيع نطاقها مستقبلاً، وتساءل الحضور "هل وصلت هذه الأغاني إلى شريحة واسعة من المجتمع؟، هل نجحت فعلاً في جعل الناس تنظر إلى قصة النساء المختطفات بعين إنسانية لا مشوبة بالأحكام المسبقة؟، وهل يمكن أن تثمر هذه الجهود في تغيير حقيقي على مستوى القوانين والمساءلة؟".
رغم أن الطريق لا يزال طويلاً، إلا أن المشاركات عبرن عن أملهن بأن يكون "صوتهن قد وصل إلى أكبر شريحة ممكنة"، وبأن يصبح الفن مساحة للعدالة، لا للترفيه فحسب.