انطلاقاً من القانون والمجتمع... ندوة حوارية حول العنف في الجزائر

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، نظمت جمعية نور للمرأة والأسرة والطفل في الجزائر، ندوة بعنوان "حماية وترقية المرأة في إطار منظومة قيمية قانونية ومجتمعية" بحضور مجموعة من الأكاديميات والحقوقيات.

رابعة خريص

الجزائر ـ ناقشت الندوة الإطار القانوني لحماية المرأة من العنف وإبراز أهمية القيم المجتمعية الداعمة لحماية المرأة وتحقيق مكانتها مع تسليط الضوء على دور المجتمع المدني كفاعل أساسي في تعزيز حقوق المرأة الجزائرية وحمايتها.

قدمت الأخصائية الاجتماعية والمُرشدة الأسرية سارة زقاد عرضاً تفصيلياً للندوة التي حملت عنوان "حماية وترقية المرأة في إطار منظومة قيمية قانونية ومجتمعية"، ثم قالت في مستهل الندوة إن "حماية المرأة وترقيتها هي مسؤولية قانونية ومجتمعية تتطلب تضافر جهود كامل الفاعلين بما في ذلك الدولة والمجتمع المدني ومختلف المؤسسات منها القانونية والاجتماعية".

وذكّرت بالقرار القاضي بتعزيز آليات التكفل بالنساء ضحايا العنف وهو القرار الذي لاقى استحسان المهتمات بالقضايا النسوية والمدافعات عن حقوق المرأة في الجزائر، معتبرةً أن هذا "التوجه يعكس التزام الدولة بتوفير بيئة آمنة وتعزيز حقوق المرأة كركيزة أساسية في المجتمع".

وأكدت سارة زقاد أن "تنظيم هذه الندوة يأتي استجابة لهذا التوجه أي بهدف بحث سبل تفعيل القوانين والآليات المتاحة لحماية المرأة الجزائرية والعمل أيضاً على تعزيز القيم المجتمعية الداعمة للإنصاف والعدالة، كما تسعى الندوة إلى تسليط الضوء على أهمية المجتمع المدني في التكفل بالضحايا ومساندة الجهود الحكومية في هذا المجال وذلك من خلال تقديم مقترحات وحلول عملية تُسهم في ترقية المرأة وحمايتها في إطار منظومة قانونية متكاملة".

وستشكل هذه الندوة، بحسب سارة زقاد "فضاءً بين المختصين والخبراء من أجل الخروج بتوصيات ملموسة تعزز التكامل بين القانون والمجتمع المدني والقيم الثقافية في دعم المرأة".

بدورها قالت الناشطة الحقوقية والمحامية الجزائرية وعُضوة الراصد العالمي لحقوق المرأة الفلسطينية فاطمة سعيدان، التي ثمنت الهدف من الندوة، واصفةً النقاش بـ "الضروري، ولا يجبُ أن يكون مُقتصراً على اليوم العالمي للمرأة فقط وإنما يجبُ أن يُفتح بشكل دوري من أجل تبادل وجهات النظر ومحاولة إيجاد حلول لهذه الأمراض الاجتماعية التي بدأت تظهر وتبرز بحدة ومن بينها العنف".

واستعرضت "الآليات القانونية لحماية المرأة من العنف"، واستدلت بالتعديل الدستوري الأخير الذي نص في أحد مواده على "حماية الدولة للمرأة من كل أشكال العنف في كل الأماكن والظروف وفي الفضاء العمومي وفي المجالين المهني والخاص، كما كرس الدستور السالف الذكر مبدأ المساواة بين الجنسين وذلك عرفاناً بدورها الفعال وتضحياتها الجسام في الكفاح من أجل التحرير وبعد الاستقلال".

وأشارت فاطمة سعيدان إلى "قانون العقوبات الذي وفر الحماية القانونية للمرأة وقانون الأسرة الذي ضبط جميع العلاقات بين أفراد الأسرة وأيضاً طريقة حصول المرأة على المهر الذي لا يمكن للرجل تجاوزه إلا إذا تخلت عنه هي بمحض إرادتها"، معتقدةً أن "الإشكال ليس قانوني وإنما بالوعي والتراجع القيمي في التعامل مع هذه القضايا"، ويُضاف إلى هذا "الإشكال الإداري".

وأوضحت أن "الإجراءات الإدارية تتطلب وقتاً كبيراً حتى تحصل المرأة على كافة حقوقها"، وهُنا تستدل بـ "حالة وفاة الزوج، فمرحلة استخراج الوثائق تتطلب وقتاً طويلاً وهو ما يثقل كاهل المرأة وينعكس سلباً عليها، فخلال هذه الفترة تشعرُ المرأة بغياب الحماية القانونية وأيضاً الإهمال بسبب غياب من ينفق عليها".

ولفتت فاطمة سعيدان إلى ضرورة "مرافقة المرأة في مختلف المحالات من طرف السلطات وتفعيل المختصين الاجتماعيين لنضمن لها حياة مستقرة وهو ما يعني استقرار المجتمع ككل، فلا يمكن الحديث عن استقرار اجتماعي ودفء أسري في نسيج الأسرة إلا من خلال ضمان الأمن النفسي لها وتلاحمها".

كما أشارت إلى مسألة "بدل الإيجار" حيث تنص المادة 72 من قانون الأسرة على أنه "في حالة الطلاق على الأب أن يوفر للحاضنة سكناً ملائما وإن تعذر فعليه دفع بدل الإيجار، وتبقى الحاضنة في بيت الزوجية حتى تنفيذ الأب للحكم القضائي المتعلق بالسكن"، لافتةً إلى أن "المُتضح من خلال الممارسة الميدانية وبالنظر إلى موجة الغلاء الفاحش في بعض السلع فإن الكثيرات تشتكين من صعوبة تأمين الحياة الكريمة".

 

 

ومن جهتها رافعت رئيسة جمعية نور للمرأة والأسرة والطفل دليلة حسين لصالح تعزيز الشراكة بين المجتمع المدني والجهات الحكومية وتوفير دعم مالي وتقني لضمان الحماية الشاملة ضد العنف، مستعرضةً في هذا السياق الجهود التي تبذلها جمعيتها من أجل ضمان حقوق المرأة داخل الأسرة والمجتمع كالتواصل مع المعنفات وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني لهن، وأيضاً مرافقة المرأة بعد الطلاق مع أبنائها وكذلك الأرملة حتى أن الجمعية تقوم بتوجيه النساء ضحايا العنف لمؤسسات ومنظمات ذات طابع خيري مهتمة بشؤون المرأة وتتكفل بنفقات المحامي وأيضاً المحضر القضائي، حيث تسعى الجمعية إلى إدماج موضوعات حقوق المرأة ومواضيع العنف في المنظومة التربوية.