اليوم العالمي لذوي الإعاقة... تذكير بالألم والمعاناة التي لن يتم تخفيفها أبداً
اليوم العالمي لذوي الإعاقة هو فرصة للتفكير في الوضع الذي يواجه فيه الأشخاص ذوو الإعاقة الظلم والآراء المثيرة للشفقة ونقص البنية التحتية الداعمة بدلاً من الدعم؛ تعكس الظروف في إيران الفقر والتمييز وعدم الكفاءة أكثر من أي شيء آخر.
ساره محمدي
مركز الأخبار ـ يحتفل العالم باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، اليوم الثلاثاء 3 كانون الأول/ديسمبر والذي حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 1992، والغرض من ذلك تعزيز الوعي العام حول القضايا المتعلقة بالإعاقة ومحاولة دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
في عام 1999، تم اختيار موضوع "إمكانية الوصول للجميع في الألفية الجديدة" لهذا اليوم واعتبر بمثابة خريطة طريق للتغييرات الضرورية، وبحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإن نحو 10 إلى 15 بالمئة من سكان العالم، أي ما يعادل أكثر من مليار شخص، يواجهون قيوداً في حياتهم بسبب عيوب جسدية أو حسية أو عقلية، وتصنع حواجز اجتماعية وبيئية لحياتهم أكثر صعوبة.
وتواجه ذوات الإعاقة الحرمان والعزلة أكثر بكثير من الرجال، لأنهن بالإضافة إلى إعاقتهن، يتم رفضهن أيضاً بسبب جنسهن، وهؤلاء النساء أكثر عرضة للإيذاء والعنف. إن الظروف الاقتصادية والثقافية والاجتماعية الصعبة في إيران جعلت حياة ذوات الإعاقة أكثر صعوبة، بحيث يُحرمن في كثير من الأحيان من المشاركة الاجتماعية ويستمرين في العيش في عزلة وصمت.
"بيروز. م" امرأة تبلغ من العمر 22 عاماً تعيش في قرية ياري بمدينة جوانرود من ذوي الإعاقة الذهنية، ومتزوجة من رجل يبلغ من العمر 50 عاماً ولديها ابنة عمرها 10 سنوات، تظهر صورة حية لحالة المعاقين في المجتمع الإيراني.
وقد نشأت في أسرة فقيرة وتزوجت من رجل أكبر منها وهي في الثانية عشرة من عمرها، ولم يكن لديها القدرة على رعاية طفلتها حتى بعد ولادتها، وأخت زوجها غير المتزوجة تتولى رعاية الطفلة وتربيتها، وتقدم هذه القصة الحزينة صورة واضحة لمحنة الأشخاص ذوي الإعاقة، وخاصة ذوات الإعاقة، في إيران.
مشهد آخر يمثل الألم الذي يعيشه هؤلاء الأشخاص إذ تجلس فتاة صغيرة مهندمة أمام التلفزيون وتشاهد كرة القدم مع أخيها الصغير، ويشاهدان اللاعبين وهم يركضون، وهو حلم أصبح بعيد المنال بالنسبة لـ "فرومينا. م" الفتاة التي تبلغ من العمر 16 عاماً، وعاشت حياة سعيدة وحيوية حتى بلغت 12 عاماً، كانت تذهب إلى المدرسة وتلعب الألعاب مع أصدقائها، ولكن بعد تعرضها لحادث سيارة، أصيبت بقطع في العمود الفقري واضطرت إلى البقاء في المنزل.
"رومينا. م" التي فقدت فرصة مواصلة تعليمها بعد هذه الحادثة، تقول عن مشاكل الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع "بعد قطع الحبل الشوكي، تحملت الكثير من الألم، ولكن الأهم من ذلك، نظرات الشفقة فحتى الأقارب يزعجونني. نظرة المجتمع لنا يجب أن تتغير. أردت أيضاً أن أمشي مثل الفتيات الأخريات، وأن أذهب إلى المدرسة وأدرس يوماً ما في الجامعة. على الناس أن يضعوا أنفسهم في مكاننا يوماً ما ويروا ما إذا كان بإمكانهم تحمل مثل هذه الحياة؟".
وتتابع "رومينا. م" التي لا تستطيع حتى الجلوس على كرسي متحرك إلا بأحزمة خاصة "حتى عندما أمرض أو اضطر إلى الخروج للعمل الطبي مثل طب الأسنان أو الموجات فوق الصوتية، أفعل ذلك بدافع الضرورة لأنني أكره تحديق الناس بي، كما أن والدي وأخي الأكبر قلقان للغاية من خروجي للأماكن العامة، كذلك تحتوي معظم مباني الأطباء على سلالم ولا توجد منحدرات مناسبة للكراسي المتحركة، ويضطرون لحملي إلى أعلى وأسفل الدرج على عربتهم اليدوية، وهو أمر مؤلم ومهين".
وتشكو فرزانة محمودي، والدة "رومينا. م"، التي تبقى في المنزل بدوام كامل لرعاية ابنتها، من المشاكل الاقتصادية وإهمال المؤسسات المسؤولة والمساعدات الحكومية البسيطة للأشخاص ذوي الإعاقة، وتقول "بعد الحادث الذي تعرضت له ابنتي، واجهنا الكثير من المشاكل المالية. تقوم مؤسسة الرعاية الاجتماعية شهرياً بإيداع مبلغ صغير في حساب ابنتي، وهو مبلغ لا يكفي حتى لشراء مجموعة من أدوات النظافة. لتوفير المعدات الصحية والطبية لابنتي، علينا أن ندفع النفقات الضرورية للأسرة، في حين أن السلطات لا تقدم أي مساعدة".
وبينت أنه "في العام الماضي، تم تخفيض نفس الراتب، وبعد زيارتنا عدة مرات أخبرونا أن أحد الأشخاص أبلغهم أن وضعنا المالي جيد ولا نحتاج إلى هذه المساعدة! وبعد المتابعات المستمرة تم استعادة الحقوق".
وتقول هذه الأم التي كرست حياتها كلها لرعاية ابنتها ودعمها "نظرات الناس المثيرة للشفقة هي أكثر ما أضر بابنتي، وهذه الآراء تخص ذوات الإعاقة أكثر من الرجال، لأن الرجال ذوي الإعاقة يظهرون في المجتمع بثقة أكبر في أنفسهم، لكن في مجتمعنا، تواجه النساء العديد الظلم، وتظهر الأسر التي لديها بنات معاقات نفسها على أنها وصمة عار في المجتمع، وحتى عندما يتحدثون عن طفلتهم، فإنهم يذكرونها بنبرة يرثى لها، ولذلك يجب أن تتغير هذه النظرة، ليس فقط للأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام، ولكن للنساء ذوات الإعاقة بشكل خاص".
مشاكل ذوي الإعاقة في إيران
يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة في إيران العديد من المشاكل، منها مشاكل داخل المدينة وخارجها وتشمل مشكلة المواصلات والحركة داخل المدينة وخارجها فإن الافتقار إلى مرافق صحية مناسبة بين الطرق، ونقص المرافق في مراكز التسوق، وعدم وجود مرافق نقل مناسبة داخل المدن، وخاصة الأرصفة الضيقة واستخدام مواد غير مناسبة لبنائها، هي مشاكل يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في إيران كل يوم.
كما أن هناك مشاكل العمل إذ يوجد في إيران قانون يسمى "قانون 3%"، والذي بموجبه يجب أن يكون 3% على الأقل من الموظفين في الجهات الحكومية معاقين، ومع ذلك، لا يتم تنفيذ هذا القانون بشكل فعال ويواجه الأشخاص ذوو الإعاقة العديد من المشاكل في العثور على وظيفة مناسبة.
وكذلك يواجه ذوو الإعاقة معاملة المجتمع فبسبب عدم وجود ثقافة مناسبة، يحاول العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة أن يكونوا أقل حضوراً لتجنب مواجهة وجهات النظر المهينة أو المثيرة للشفقة للآخرين، ويرجع هذا الإخفاء إلى الخوف من الرفض ويمنعهم من المشاركة الفعالة في المجتمع.
أما على صعيد الحياة الشخصية فغالباً ما يرى الأشخاص ذوو الإعاقة أنفسهم على أنهم أشخاص مكسورون وضعفاء لا يستطيعون التعامل مع الآخرين في المجتمع، وهذا الموقف يجب أن يتغير. يمكن إجراء التغيير في هذا الرأي بمساعدة العائلة والأصدقاء والأشخاص المحيطين. إن الاهتمام بمواهب وقدرات الأشخاص ذوي الإعاقة يمكن أن يساعدهم على عدم الشعور بالنقص وبدء الحياة من جديد دون إزعاج الآخرين.
فيما تعود المشاكل الاقتصادية للمعاقين إلى عدم توفر فرص العمل المناسبة لهم وأحياناً تكاليف التأهيل الباهظة. يعاني العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة من وضع مالي صعب وهذا الوضع يجعل حياتهم أكثر صعوبة.
أيضاً يواجهون المشكلات التعليمية وتشمل عدم توفر المرافق المناسبة في المدارس والجامعات ونظرة المجتمع ونقص الثقافة، فالعديد من الأشخاص ذوي الإعاقة غير قادرين على مواصلة دراستهم في البيئات التعليمية القياسية بسبب الحواجز المادية والاجتماعية.
وفي مجال الرياضة والرعاية الاجتماعية أيضاً هناك مشاكل فعدم توفر المرافق الرياضية المناسبة للمعاقين، وعدم توفر قاعات رياضية خاصة وصالات رياضية، وارتفاع تكاليف الألعاب الرياضية للمعاقين يمنعهم من المشاركة في الأنشطة الرياضية، وتؤدي هذه المشاكل إلى حرمان العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة من حقوقهم الرياضية.
وهنالك أيضاً المشاكل الزوجية فقليل من الناس هم الذين يرغبون في الزواج من شخص معاق، وهذا بسبب التحيزات والخوف من المشاكل المحتملة، ويؤدي زواج شخصين معاقين في بعض الأحيان إلى مشاكل إضافية، وفي بعض الأحيان تفوق أضرار الزواج فوائده، وتتطلب هذه التحديات تغيير المواقف وتعديل وجهات النظر الاجتماعية.
وبمناسبة هذا اليوم، ومع التقييمات والتدابير المتخذة في هذا الاتجاه من قبل المجتمع الإنساني والمؤسسات الحكومية، عسى أن يكون خطوة لتحسين الظروف النفسية والمادية للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم، لأن المواقف والآراء القائمة تضاعف همومهم وقضاياهم.