العودة الآمنة إلى عفرين حق لا يُساوَم عليه

أكدت نساء عفرين المهجرات، على ضرورة تعزيز الصمود في وجه التهجير والاحتلال، والعمل على تنظيم جهود العودة الآمنة إلى عفرين.

آفرين نافدار

الحسكة ـ عبّرت نساء عفرين المهجرات عن تمسّكهن بحق العودة كخيار لا رجعة عنه، مستمدات قوتهن من جذورهن العميقة في تراب عفرين، فالعودة في نظرهن ليست حلماً، بل عهد حيّ ينبض بالحياة والوفاء، تُرسم ملامحه بإرادة لا تضعف.

عقدت منسقية مؤتمر ستار في إقليم شمال وشرق سوريا أمس الثلاثاء 24 حزيران/يونيو، اجتماعاً لبحث كيفية تمهيد الطريق لعودة آمنة لأهالي عفرين المحتلة، حملت المشاركات ذاكرة الأرض وهمّ الهوية والانتماء، مؤكدات أن التمسك بعفرين ليس مجرّد حنين للماضي، بل التزام نضالي ومستقبلي يهدف إلى بناء كيان مستقل يُعبّر عن إرادة الشعب.

 

عفرين لن تُنسى والعودة إليها ليست حلماً بل عهدٌ لا رجعة عنه

"رغم الألم لا تزال عفرين تسكننا" بهذه الكلمات عبّرت عضوة لجنة مهجّري عفرين والشهباء في مدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا هيفين رشيد، التي شاركت في الاجتماع، عن إصرارها وإصرار شعبها على العودة إلى عفرين، إلى أشجار الزيتون، إلى الحياة التي سُلبت، وإلى الديمقراطية التي حُوصرت، ما يجري بحق أهالي المنطقة، كما تقول، ليس سوى جزء من خطة ممنهجة تهدف إلى إذلال شعب عفرين وكسر إرادته.

وأكدت على أن من اقتُلعوا من أرضهم يعيشون اليوم في الشتات بين ألم الفقد وعزيمة الصمود "لقد دافعنا عن كرامتنا في الشهباء، وواجهنا السياسات الملتوية، ورفضنا الانكسار أمام محاولات إذلالنا، النظام أراد أن يسكتنا، أن يحطمنا نفسياً، أن يطفئ أملنا في العودة، لكنه فشل وسيفشل".

وأضافت "هجرنا قسراً، لكننا لم نستسلم، بنينا الحياة من جديد وسط الدمار، وبدأنا مرحلة جديدة من مقاومة العصر في الشهباء، لن ننسى من ارتكب الجرائم بحق أطفالنا ونسائنا، ولن نهدأ حتى نعود إلى عفرين بكرامة، لا كلاجئين ولا كمضطهدين، بل كأصحاب حق، نعود إلى بيوتنا، إلى ضحكات أطفالنا، إلى ترابنا الذي لم يغادرنا".

ما حدث في الشهباء، بحسب هيفين رشيد، كان امتداداً لمخطط استهدف عفرين، وأدى إلى تهجير قسري ثانٍ لشعبها، سبع سنوات من الصمود تحت الخيام، في ظل الحصار والتجويع، لم تُضعف عزيمة الأهالي، بل دفعتهم إلى خلق حياة جديدة أينما حلّوا "خرجنا من عفرين مرفوعي الرأس، ودخلنا مرحلة جديدة من المقاومة. واليوم، بعد خروجنا من الشهباء، نعيش في مقاطعة الجزيرة، في المرحلة الثالثة من مقاومة العصر. صحيح أننا ابتعدنا جغرافياً، لكن عفرين تسكن قلوبنا، لحظة بلحظة".

وأشارت إلى أنه تم تشكيل لجنة للعمل على تنظيم العودة، وسط دعوات لتوحيد الصفوف ومواجهة التحديات التي يواجهها سكان عفرين، من محاولات تغيير الهوية الثقافية واللغوية، إلى سياسات التهجير والتهميش، مشددةً على ضرورة دعم عفرين وأهلها بكل الوسائل، وعلى أهمية بناء كيان مستقل يُعبّر عن إرادة شعبها.

كما أكدت على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات، والعمل على توعية المجتمع الدولي بحقيقة ما يجري في عفرين، وحشد الدعم لإنهاء الاحتلال، لافتةً إلى أن المبادرات المقترحة شملت تقديم المساعدات الإنسانية، دعم المشاريع الصغيرة، توفير فرص العمل، وتعزيز التعليم والصحة، بهدف بناء مجتمع قوي ومتماسك قادر على مواجهة التحديات.

 

 

جذور عفرين راسخة وكرامة أهلها لا تساوم

وقالت ثريا حبش وهي واحدة من بين كثيرين ضحوا من أجل عفرين، تقطن حالياً في مدينة ديريك في قامشلو، وهي عضوة في مجلس عفرين، أن أهل عفرين لم ينحنوا يوماً، وكرامتها خط أحمر، وهي ليست مجرد مدينة، بل نبض في قلب كل كردي، ورمز كبير في قلب كردستان بأكملها "من أجلها، نحمل الحزن والكبرياء معاً، ومن أجلها نُظهر قوتنا عندما نبدو عاجزين".

وأوضحت أن شعب عفرين يترقب العودة "لا نقبل الذل، ولا نُفرّق بين أبناء عفرين وأبناء الجزيرة، فكلنا شعب واحد، نرفع راية واحدة راية كردستان".

وأكدت على أنه "من أجل الحرية، نحن مستعدون للتضحية والعودة، حتى أمهاتنا، رغم تقدمهن في السن، ينهضن إذا نُودي باسم عفرين. نحن أوفياء لقائدنا عبد الله أوجلان، ولشهدائنا، وخاصة شهداء عفرين الذين واجهوا الاحتلال. عفرين ليست ملكاً لأي دولة، بل هي زينة كردستان ومرآتها التي تعكس عزتنا، نحن كالأشجار الضاربة جذورها في الأرض، لا تهزّها العواصف، جذورنا في عفرين، وقلوبنا معها دائماً".

وتابعت "لن ننسى من احتلّ عفرين، نحن نتمسك بفكر القائد أوجلان، ونمضي على خطاه، كلنا على درب واحد، لا ننتظر الإذن من أحد، بل نؤمن بالنصر ونسعى إليه، نحن على عهدنا، نعيش ونتعلم وننهض معاً، ونعود سوياً إلى عفرين. وسنقاوم، ونكون فداءً لها، فداءً للشهداء، فداءً لقائدنا. نحن مستعدون دوماً للتضحية، ومستعدون لكتابة النصر".

 

 

مشروع الأمة الديمقراطية هو الأمل

وأوضحت عضوة منسقية مؤتمر ستار أليف حمو أن 150 امرأة من مختلف مؤسسات ومناطق عفرين قد شاركن في الاجتماع الذي نظم من قبل مؤتمر ستار، حملن بين أيديهن ذاكرة الأرض، وإرادة العودة، وتاريخاً من النضال المستمر، كان صوت المرأة العفرينية ينادي بأن التمسك بالأرض ليس خياراً، بل واجب.

وأشارت إلى أن العودة ليست سهلة، في ظل الانتهاكات المستمرة من قبل الاحتلال التركي الذي يعمل على تهجير الأهالي وإحداث تغيير ديمغرافي وسرقة هوية عفرين، لافتةً إلى أنه لتحقيق ذلك كانت هناك حاجة إلى تنظيم وخطة واضحة، وكيان يمثل إرادة شعب عفرين، لا يخضع لدمشق أو حلب، بل ينبثق من روح أهلها، هذا الكيان يجب أن يُنتخب بحرية، ويكون للنساء فيه دور مركزي، لأن المرأة كانت وما زالت في مقدمة الصفوف.

وأكدت على أنه رغم الأزمات التي تعصف بالبلاد لا يزال هناك أمل فهناك مشروع يمكن أن يحمل الجميع إلى الأمام، ألا وهو مشروع القائد عبد الله أوجلان، مشروع الأمة الديمقراطية، والعودة الجماعية الكريمة إلى عفرين.