الصومال يشهد أول انتخابات محلية مباشرة منذ ستة عقود

دخلت العاصمة الصومالية مقديشو مرحلة جديدة من التجربة الديمقراطية مع انطلاق أول انتخابات محلية مباشرة منذ نحو ستة عقود.

مركز الأخبار ـ تمثل العملية الانتخابية المباشرة الأولى التي تشهدها الصومال بعد 57 عاماً، انتقالاً جوهرياً من نظام المحاصصة القبلية إلى قاعدة "شخص واحد، صوت واحد"، وسط تطلعات بأن تفتح الباب أمام مرحلة سياسية أوسع.

تشهد العاصمة الصومالية مقديشو، اليوم الخميس 25 كانون الأول/ ديسمبر، انتخابات محلية مباشرة هي الأولى منذ نحو ستة عقود، في خطوة وصفت بالمفصلية على طريق التحول الديمقراطي في البلاد.

وينظر إلى هذه الانتخابات باعتبارها اختباراً مبكراً لقدرة الصومال على تجاوز إرث الحرب الأهلية والانقسام القبلي، والانتقال نحو نظام سياسي حديث يقوم على الاقتراع المباشر. 

ويتوجه أكثر من 503 آلاف ناخب إلى 523 مركز اقتراع موزعة على 16 مديرية من أصل 18 في محافظة بنادر، حيث يتنافس 1604 مرشحاً يمثلون نحو 20 حزباً وتنظيماً سياسياً على 390 مقعداً في المجالس البلدية.

وقد أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات أنها وزعت بطاقات التصويت على 918 ألف ناخب، بعد أن نظمت في نيسان/أبريل الماضي أول عملية تسجيل للناخبين منذ عقود. 

وتأتي هذه الانتخابات بعد سنوات من اعتماد نظام المحاصصة القبلية المعروف بـ "قاعدة 4.5"، الذي تأسس عام 2000 عقب انهيار الدولة المركزية عام 1991، والذي منح العشائر الكبرى حصصاً محددة وأبقى الأقليات والنساء في موقع التهميش.

اليوم، يرفع شعار "شخص واحد، صوت واحد" ليعكس تحولاً جذرياً من النظام القديم الذي كان يعتمد على اختيار شيوخ القبائل للممثلين. 

ورغم أن أكثر من 90% من المرشحين ينتمون إلى فئة الشباب، في مؤشر على تحولات ديمغرافية وسياسية داخل المجتمع، فإن مشاركة المرأة لا تزال محدودة، إذ لم تصل إلى الحصة المقررة البالغة 30%. وينظر إلى حضور النساء في هذه الانتخابات كرمز لصراع طويل من أجل الاعتراف والتمكين، حيث يواجهن عراقيل عديدة تحد من وصولهن إلى مواقع صنع القرار. 

ويرى محللون أن هذه الانتخابات تمثل خطوة تمهيدية نحو تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2026، وسط استمرار الخلافات بين الحكومة الفيدرالية والمعارضة حول الدستور المؤقت ونموذج الاقتراع المباشر.

ويعتبر مراقبون أن نجاح التجربة قد يفتح الطريق أمام تحول سياسي أوسع، بينما تبقى نتائج الحوار المرتقب بين الأطراف العامل الحاسم في تحديد مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد. 

وبينما لعبت المرأة الصومالية أدواراً محورية في النضال الاجتماعي والاقتصادي، ظل حضورها السياسي مقيداً بالنظام القبلي الذي لا يعترف بها ممثلة للعشيرة إلا عبر الرجل، ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة بروز ناشطات وتحالفات مدنية نسوية تطالب بتمكين حقيقي للمرأة في مواقع صنع القرار، معتبرة أن أي تحول سياسي لن يكتمل دون إدماج النساء بشكل فعلي، ليس فقط كناخبات بل كصانعات قرار. 

وبهذا، تدخل مقديشو مرحلة جديدة من التجربة الديمقراطية، وسط آمال بأن تمهد هذه الانتخابات لانتقال سياسي أوسع في البلاد، وأن تسهم في بناء دولة ديمقراطية حديثة تتجاوز إرث الحرب والانقسام.