'السلام المستدام لا يتحقق إلا بتمكين النساء في مراكز صنع القرار'
أحيت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان، الذكرى الـ 25 لاعتماد أجندة المرأة والسلام والأمن، وذلك ضمن فعالية حملت عنوان "استكشاف سبل تسريع التقدّم في لبنان".
لبنان ـ شددت المشاركات في الفعالية، على أن السلام المستدام لا يتحقق إلا عبر مشاركة النساء وتمكينهن في مواقع القيادة، مع التأكيد على ضرورة إجراء إصلاحات تشريعية شاملة، وتوفير الحماية من العنف وضمان وصول النساء إلى العدالة وتوسيع حضورهن في مجالات الإغاثة والمصالحة والعدالة الانتقالية.
نظّمت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان فعالية بمناسبة مرور 25 عاماً على اعتماد أجندة المرأة والسلام والأمن تحت عنوان "إحياء الذكرى الخامسة والعشرين لاعتماد أجندة المرأة والسلام والأمن: استكشاف سبل تسريع التقدّم في لبنان"، خُصّصت لبحث سبل تسريع التقدّم في لبنان.
شارك في اللقاء ممثّلون عن الهيئة الوطنية والأمم المتحدة، وزراء ونواب، وسفراء من فنلندا واليابان والنرويج والأردن، إلى جانب ممثّلين عن الوزارات والمؤسسات الأمنية والعسكرية ومنظمات المجتمع المدني والدولية.
"مشاركة النساء في صنع القرار ضرورة وطنية"
وافتتحت المحامية نتالي زعرور، أمينة سر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، اللقاء بكلمة شدّدت فيها على أنّ مشاركة النساء في صناعة القرار لم تعد خياراً بل ضرورة وطنية لا سيما بعد إنجاز خطة العمل الوطنية الأولى لتطبيق القرار 1325 واعتمادها عام 2019 وتنفيذها حتى اختتامها في 2024، مشيرةً إلى أن الهيئة الوطنية كلّفت مجدداً من رئاسة مجلس الوزراء بإعداد الخطة الثانية، وهي حالياً في مراحلها النهائية.
وأكدت أنّ إعداد وتنفيذ الخطتين ارتكز على تعاون وثيق بين الوزارات والإدارات الرسمية والمؤسسات العسكرية والأمنية ومنظمات المجتمع المدني والشركاء الدوليين، مشيرةً إلى أنّ هذا النهج التشاركي شكّل قوة أساسية لدفع أجندة المرأة والسلام والأمن قدماً، وتعزيز المساواة بين الجنسين في السياسات الوطنية، وتطوير آليات حماية النساء والفتيات من العنف، وتمكينهنّ في مواقع القيادة، وتوسيع مشاركتهنّ في جهود الإغاثة والاستجابة.
وأضافت "إن الطريق ما زال طويلاً والمرحلة المقبلة تحمل تحديات عدّة، فالحرب الأخيرة وما خلفته من تداعيات على مستوى الاغاثة والاستجابة وإعادة الإعمار، تستوجب مشاركة فعّالة وأساسية للنساء، خاصّة وأننا أمام تحديّات جديدة تتطلّب الابتكار والتكيّف مثل تصاعد حالات العنف الرقمي، وتحوّلات الأمن المجتمعي، تغيّر طبيعة النزاعات، فالتقدّم الذي نطمح إليه يحتاج إلى إرادة سياسية واضحة، وإصلاحات تشريعية، واستدامة في حقوق النساء، وإلى مضاعفة الجهود الوطنية على كافة المستويات".
"نحتاج إلى الانتقال الفعلي من الالتزامات للتنفيذ"
بعدها ألقت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان جيلان المسيري، كلمة أكدت فيها على ضرورة الانتقال الفعلي من الالتزامات إلى التنفيذ عبر ترسيخ نظام واضح للمساءلة المشتركة، يقوم على مؤشرات دقيقة لقياس الأداء، ورصد دوري للتقدّم، وحوار منتظم يضمّ المؤسسات الوطنية والمجتمع المدني وصانعات السلام، مشددةً على أهمية تخصيص موارد فعلية لتنفيذ الأولويات الوطنية "لتقدّم في أجندة المرأة والسلام والأمن لا يُقاس بالنوايا فقط، بل بالنتائج الملموسة التي يلمسها الناس في حياتهم اليومية".
وعُرض بعد الكلمات الافتتاحية فيديو يسلّط الضوء على شبكة نساء فاعلات في بناء السلام في لبنان. ثم قدّمت فرانز ند أبو جدار، رئيسة مصلحة الجمعيات والهيئات الأهلية في وزارة الشؤون الاجتماعية، عرضاً تناولت فيه أبرز برامج الوزارة، ومنها تقديم الخدمات للناجيات من العنف، وإطلاق مبادرات لتعزيز الأمن الاقتصادي للنساء وضمان مشاركتهن في جهود الإغاثة والإنعاش والتعافي، كما استعرضت التحديات الأساسية التي تواجه الوزارة في سياق تنفيذ أجندة المرأة والسلام والأمن.
وخلال الجلسة، عرضت الدكتورة كارمن حسون أبو جودة، الباحثة في جامعة القديس يوسف وعضوة سابقة في الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً، تجربة الهيئة في هذا المجال، مشيرةً إلى دور النساء في جهود البحث عن الحقيقة وحفظ الذاكرة والعدالة الانتقالية وتعزيز المصالحة، كما تناولت انعكاسات الفقدان والإخفاء القسري على النساء وما يترتب عنه من تداعيات اجتماعية ونفسية.
أما الأستاذة والمحامية ومديرة منظمة "عدل بلا حدود" بريجيت شيليبيان، فقد استعرضت أبرز المبادرات الهادفة إلى تحسين وصول النساء إلى العدالة، وحمايتهن من العنف، وتعزيز مشاركتهن في صنع القرار، بالإضافة إلى أهم الإصلاحات القانونية والمؤسسية اللازمة في إطار أجندة المرأة والسلام والأمن.
واختُتمت الجلسة بعرض قدّمته الوسيطة والصحافية والناشطة المحلية حنان صالح، تناولت فيه أبرز النجاحات التي حققتها المرأة في مجال بناء السلام، والعوائق التي ما زالت تحدّ من دورها، كما عرضت ما هو مطلوب من السلطات المحلية والوطنية لتعزيز دور الوسيطات وتفعيله بشكل أكبر في مسارات السلام والمصالحة.
"السلام المستدام يتطلّب تمكين النساء في القيادة"
واختُتم اللقاء بكلمة سفيرة فنلندا لدى لبنان آن مسكانين، شدّدت فيها على التزام بلادها الراسخ بالمساواة بين الجنسين وأجندة المرأة والسلام والأمن، والمستند إلى خطة الأعمال الوطنية الرابعة المدمجة في السياسة الخارجية والأمنية الفنلندية.
وأكدت أنّ هذا الالتزام ينعكس في المجتمع المحلي عبر نظام يقوم على العدالة الاجتماعية والمساواة، كما يظهر في انخراط فنلندا على المستوى الدولي، مشيرةً إلى أن الشراكة مع لبنان تجسد هذه الرؤية المشتركة، مؤكدة أنّ السلام المستدام لا يمكن أن يتحقق إلا بتمكين النساء بشكل كامل في مواقع القيادة والتأثير.