القمة النسوية الثامنة في اليمن... منصة نضالية لصوت المرأة وبناء السلام والعدالة
تترقب نساء اليمن انعقاد القمة النسوية الثامنة، بوصفها منصة نضالية وحقوقية كبرى تناقش قضايا السلام والاقتصاد والعدالة والمناخ، وتفتح آفاقاً لتجسيد مطالب المجتمع وتحويلها إلى واقع ملموس.
فاطمة رشاد
عدن ـ في كل عام تجتمع نساء اليمن تحت سقف واحد لمناقشة قضاياهن الطارئة في قمة نسوية تنظمها مؤسسة وجود للأمن الإنساني، ويتزامن معود انعقادها مع فعاليات حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة.
عن أنشطة وفعاليات القمة النسوية الثامنة التي ستعقد أوائل كانون الأول/ديسمبر قالت مديرة مؤسسة وجود للأمن الإنساني مها عوض "القمة النسوية هي الفعالية الأكثر واقعية في تحقيق أضخم عمل نسوي لتشكيل هوية حركة نسوية نضالية وحقوقية وذات بعد استراتيجي من شأنه تعميق فكرة أن هناك الكثير لازال يجب القيام به عملياً في تكريس عمل سياسي ومجتمعي وقوي بالشراكة".
وأكدت أن القمة النسوية تُعقد على مدى يومين، وتناقش قضايا وطنية محورية تشمل عملية بناء السلام والمسار السياسي، إضافةً إلى الملفات الاقتصادية والعدالة الانتقالية وحماية حقوق المرأة، كما تتناول القمة موضوعات مرتبطة بتغير المناخ والعدالة المناخية، والفضاء المدني وسبل حمايته، إلى جانب دور القطاع الخاص وشراكته وتأثيره المتزايد في تعزيز مشاركة النساء.
وأوضحت أن القمة تعتمد أسلوباً تفاعلياً في مناقشة الملفات بين المشاركين والمستهدفين، وهو ما منحها حضوراً دولياً وإقليمياً واسعاً، فضلاً عن اهتمام المنظمات الدولية بها. هذا التفاعل يعكس فرصة حقيقية للنساء اليمنيات لطرح قضاياهن بشكل أقرب إلى الواقع. وفي الختام سيصدر عن القمة إعلان يُعرف باسم "إعلان عدن".
وبينت أنه "نحن الآن بصدد الإقبال على القمة النسوية الثامنة والتي نأمل أن تمر دون تضيق أو تحديات، ففي كل قمة نواجه تحديات ولكننا نسعى إلى تفاديها بشكل أقوى".
مخرجات القمة في كل عام
تقول مها عوض عن القمة ومخرجاتها إن "أكثر ما يرتبط بالقمة النسوية هي مخرجاتها المبنية على الآراء والأفكار ووجهات النظر التي يتبادلها المشاركات والمشاركون وهنا أشير إلى أن المشاركة المتنوعة التي تشهدها القمة النسوية من النساء الشابات وكذلك الرجال والشباب كمجموعة متنوعة فليس هناك قالب واحد لهذه المشاركة بل تحتاج إلى تعريفها".
وأوضحت أن المشاركة في القمة النسوية في اليمن تعكس تنوعاً واسعاً يشمل مختلف الأطياف والأعمار والتخصصات والوظائف، إضافةً إلى التنوع الجغرافي، وذلك بهدف ضمان عدم استبعاد أي طرف، مؤكدة أن هذا التنوع هو الأساس الذي تُبنى عليه مخرجات القمة، حيث تعمل اللجنة التنسيقية على إيصال هذه المخرجات إلى جميع المعنيين والمسؤولين، بدءاً من القيادة السياسية مروراً بالوزراء والحكومة.
وشددت على الحرص بأن يكون هناك تفاعل جاد والتزام بتطبيق هذه المخرجات، لأنها نابعة من أصوات الناس ومرتبطة باحتياجاتهم اليومية، مشيرةً إلى أن الملفات الأخيرة التي نوقشت مثل الملف الاقتصادي، قضية الأسرى والمعتقلين، الفضاء المدني، وفتح الطرقات، هي قضايا تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، ولذلك تحظى بأولوية قصوى في المتابعة والتنفيذ.
مطالب "ثورة النسوان"
وأشارت مها عوض إلى أهمية ربط مخرجات القمم السابقة بما شهدته الساحة اليمنية مؤخراً، حيث خرجت نساء في عدد من المدن مطالبات بالحياة الكريمة وتوفير الخدمات الأساسية، موضحة أن أحداث الاحتجاجات وحراك النساء هذا العام اتسمت بوضوح أكبر، إذ قادته النساء بشكل بارز، وجاءت مطالبه متقاطعة مع ما طرحته القمة النسوية سابقاً، مضيفةً أن الإجراءات التي تبنتها القمة، مثل الدعوة إلى خفض سعر العملة، كانت من بين المطالب التي رفعتها المشاركات، وهو ما يعكس انسجاماً بين الحراك الشعبي ومخرجات تلك القمم.
وأوضحت أن إصدار البيان باسم القمة النسوية يُعد خطوة إيجابية، لكن الأهم أن تتبعها إجراءات عملية قادرة على تحويلها إلى واقع ملموس يخفف من معاناة الأهالي اليومية ويحد من الأزمات المعيشية التي يواجهونها، مؤكدة أن التوصيات التي خرجت بها القمة تمثل إطاراً منضبطاً للعمل، مشيرة إلى أن الجهود تتركز على نشر هذه التوصيات والمخرجات، خصوصاً تلك الواردة في إعلان عدن، بشكل مبكر وباللغتين العربية والإنجليزية، وباستخدام مختلف الوسائل المتاحة.
وأضافت أن هناك تفاعلاً ملحوظاً من المجتمع الدولي، حيث يصلهم طلبات متكررة للحصول على المخرجات وتوصيات الإعلان، وهو ما يعكس الاهتمام العالمي بالقمة، لكنها شددت على أن الطريق لا يزال طويلاً أمام تحويل هذه المخرجات إلى واقع، إذ يتطلب الأمر أولاً إرادة سياسية جادة، إلى جانب توفير أشكال الدعم كافة التي تضمن تحقيق التغيير الفعلي على الأرض.
في هذا العام، تترقب نساء اليمن انعقاد القمة النسوية الثامنة، وعيونهن تتطلع نحو تحقيق العدالة الإنسانية في وطن أنهكته الصراعات على البقاء وصنع القرار، فالوضع الاقتصادي المتردي جعل الجميع يعيش في حالة انتظار للإصلاحات، غير أن المرأة تبقى المتضرر الأكبر من هذه الأزمات.
ومع بدء العدّ التنازلي لانطلاق القمة المرتقبة خلال أيام قليلة، تسمو النساء اليمنيات بآمالهن نحو مستقبل أفضل، يفتح أبواب الحلول لقضاياهن العالقة، ويمنحهن فرصة العيش في بيئة آمنة يسودها الحب والعطاء والسلام، قبل كل شيء.