النساء يصنعن التغيير ووقف المرأة الحرة يرافقهن خطوة بخطوة
يساهم وقف المرأة الحرة في تمكين نساء إقليم شمال وشرق سوريا عبر التدريب المهني، والدعم الصحي، وتوفير فرص العمل، إضافة إلى برامج توعوية وتعليمية تعزّز استقلاليتهن، إلى جانب الخدمات الواسعة في المدن والمخيمات.
نغم جاجان
قامشلو ـ يعد وقف المرأة الحرة من أبرز المنصات الداعمة لتمكين النساء بإقليم شمال وشرق سوريا وتعزيز حضورهن المهني في مختلف المجالات. فمن خلال برامج تدريبية متخصصة، يفتح الوقف آفاقاً جديدة أمام الساعيات لاكتساب مهارات عملية تزيد من فرصهن في سوق العمل وتمنحهن استقلالية أكبر.
في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها المنطقة، يبرز دور وقف المرأة الحرة كمساحة آمنة تتيح للنساء التعلم، وتنمية المبادرة الذاتية، وبناء مستقبل أكثر استقراراً وثباتاً، وفي هذا الشأن تحدثت ميديا علي مديرة الوقف عن المشاريع والأعمال والأنشطة التي تقوم بها المؤسسة.
وذكرت ميديا علي بأن وقف المرأة الحرة تأسس عام 2014، بعد إجراء سلسلة من الاستبيانات لمعرفة احتياجات النساء وتحديد المجالات التي يرغبن في تطويرها "اعتمدنا في إنشاء الوقف على ما عبرت عنه النساء من رغبات وتطلعات، ومن هنا ولد الوقف"، مشيرةً إلى أن الهدف الأساسي من تأسيس الوقف هو توفير فرص عمل حقيقية للنساء وتمكينهن من دخول سوق العمل بثقة وقدرة أكبر.
وأوضحت أن الوقف يضم عدة لجان متخصصة، من بينها لجنة التعليم، الصحة، المشاريع. وتعمل هذه اللجان على تدريب النساء في مجالات متعددة مثل الخياطة، والأعمال اليدوية، والحياكة، بما يتيح لهن اكتساب مهارات عملية تعزز حضورهن في سوق العمل.
وأضافت أن وقف المرأة يضم أيضاً قاعة رياضية، وأن النساء يتلقين فيه تدريبات صحية ودورات في الإسعافات الأولية، ويحصلن بعد إتمامها على شهادات رسمية. كما يضم قسماً للتدريب يتألف من ثلاثة أعضاء، يقدمون ندوات فكرية داخل المجتمع والمؤسسات، ويطرح في كل ندوة موضوع مختلف يهدف إلى تطوير وعي النساء وتعزيز معرفتهن بأنفسهن.
وأكدت ميديا علي أن الهدف الأساسي من هذه الأنشطة هو تمكين النساء وتطوير قدراتهن "التقدم الحقيقي يبدأ من خلال هذه الندوات والدورات التي تمنح المرأة فرصة لفهم ذاتها وبناء مستقبل أكثر ثقة واستقلالية".
وأشارت إلى أن فرص العمل المتاحة للنساء كانت شبه معدومة خلال فترة حكم النظام السوري السابق، خصوصاً لمن لم يمتلكن شهادات تعليمية، مما حرمهن من دخول سوق العمل "وقف المرأة الحرة لعب دوراً مهماً في سد هذا النقص، إذ قدّم فرص عمل حقيقية لعدد كبير من النساء".
وأضافت "النساء اللواتي يتممن تدريباتهن، إذا كانت هناك حاجة داخل الوقف، نمنحهن فرصة للعمل معنا"، مشيرةً إلى أن الوقف يجمع نساءً من مختلف الفئات والخلفيات، بهدف تمكينهن ومنحهن مساحة للخروج من دائرة العزلة المنزلية التي فُرضت عليهن سابقاً "نريد للمرأة أن تتعرّف إلى ذاتها، وأن تبني ثقتها بنفسها، هذا هو الأساس الذي ننطلق منه في عملنا".
وحول السؤال عن تدريبات الصحة التي تقدم أيضاً في القرى، أوضحت ميديا علي أن وقف المرأة الحرة يعمل حالياً على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا "نصل إلى كومينات القرى، نجمع النساء هناك، ونقدم لهن تدريبات صحية مباشرة"، لافتةً إلى أن الوقف كان، حتى عام 2019، مقتصراً على المنطقة فقط، لكن لاحقاً توسعت فروعه وانتشرت على مستوى سوريا بأكملها، مما أتاح وصولاً أوسع للنساء وبرامج دعم أكثر شمولاً.
وأكدت على أن الوقف يواصل عمله في مختلف المجالات الصحية داخل المدن والقرى على حدّ سواء، وله نحو خمسة عيادات ثابتة، إضافة إلى عيادة متنقلة تقدم خدماتها في المناطق التي تحتاج إلى دعم أكبر "في عياداتنا يعمل أطباء نساء وأطفال، وجميع الخدمات الطبية تقدم مجاناً، ولدينا أيضاً مركز في مخيم الهول".
وتستذكر الصعوبات التي واجهوها في البداية قائلة "واجهنا تحديات كبيرة في الهول، إذ كانت النساء والأطفال يهاجموننا في كثير من الأحيان، لكننا واصلنا العمل، وبدأنا بتقديم الندوات التوعوية لهم، ومع مرور الوقت تغيّرت الكثير من أفكارهم، في البداية كانت ملابسهم جميعها سوداء، لكن بعد الندوات بدأ هذا اللون يتغير تدريجياً"، مؤكدةً أن هذه الجهود لم تُحدث تغييراً صحياً فحسب، بل ساهمت أيضاً في تغيير الوعي والسلوك داخل المجتمع.
وذكرت ميديا علي أن وقف المرأة الحرة يقدم خدماته أيضاً في مدينة كوباني، حيث يوجد مركز يحمل اسم " Keskesor" مخصص لرعاية الأطفال الأيتام "لدينا مركز خاص بالأطفال الأيتام يضم نحو 20 طفلاً، نوفر لهم معظم احتياجاتهم، وهناك معلمون يشرفون عليهم ويقدّمون لهم الأنشطة المختلفة".
وأشارت إلى أن الوقف يمتلك عيادة في الحسكة، إضافة إلى مركز للطب الطبيعي، ومركز آخر مماثل في الدرباسية "لدينا كذلك قسم تابع للوقف في مخيم روج، حيث ننظم نشاطات للأطفال مرتين أسبوعياً"، مضيفةً "نقدم ندوات توعوية حول الأدوية الكيميائية والطب الطبيعي، ونسعى إلى إنشاء مراكز للطب الطبيعي في عدد أكبر من المناطق"، مؤكدةً أن هذه الجهود تهدف إلى توفير بيئة آمنة وداعمة للأطفال، وتمكين النساء والمجتمع من الوصول إلى خدمات صحية وتعليمية أكثر شمولاً.
أما عن دور وقف المرأة في دعم النازحين، قالت "نطلق حملات بشكل مستمر، وقبل فترة أطلقنا حملة خاصة بالنازحين ولبّينا احتياجاتهم، الوقف يقدّم مساعداته لهم بشكل يومي، ومؤخراً افتتحنا ورشة خياطة في الرقة، كما افتتحنا متجراً لعرض منتجات الأعمال اليدوية التي تنجزها النساء ضمن مشروع الوقف".
وفي ختام حديثها، اشارت ميديا علي إلى افتتاح عدد من معارض الأعمال اليدوية "ورشة الخياطة تعمل بشكل يومي، وهناك أيضاً أعمال يدوية متنوعة. تنظّم معارض خاصة لعرض منتجات الأعمال اليدوية التابعة للوقف. كما تُقام دروس الموسيقى يومياً، إضافة إلى دورات تعليم اللغة الكردية واللغات الأجنبية داخل الوقف. ويوجد أيضاً قسم مخصص للرياضة، تقصده النساء بشكل يومي".