'النساء تكافحهن رغم كل الصعوبات والتحديات المرتبطة بالعملية السياسية الحالية'
قالت الناشطة السياسية والباحثة في مجال النوع الاجتماعي جوديث كوتز، خلال زيارتها إلى إقليم شمال وشرق سوريا ضمن الوفد النمساوي، إن هناك نساء قويات ومؤثرات في إقليم شمال وشرق سوريا تواصلن نضالهن.

سوركل شيخو
الحسكة ـ حققت نساء إقليم شمال وشرق سوريا من مختلف المكونات العديد من الإنجازات على الصعيد السياسي والاجتماعي والعسكري والقانوني والثقافي خلال ثورة روج آفا.
قالت الناشطة النسوية جوديث كوتز، التي زارت إقليم شمال وشرق سوريا والمؤسسات والمنظمات النسائية لأول مرة بدعوة من مؤتمر ستار "التقينا بالعديد من المؤسسات والمنظمات، وحصلنا على الكثير من الآراء والمعلومات حول العمل والأنشطة السياسية المهمة التي تقوم بها مختلف المؤسسات، خلال اللقاءات، أعجبتُ بشكل خاص بعمل وأنشطة دار المرأة، لأنني شخصياً أعمل ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي، وأعتقد أنه من المهم وجود أماكن للنساء اللواتي تواجهن العنف، يمكننا مساعدتهن حتى في المواقف الصعبة".
وأضافت "لقد أثار دهشتي بشكل خاص عمر المرأتين اللتين التقينا بهما وكانتا تعملان في دار المرأة، لقد كانتا كبيرتين في العمر، من المهم ألا تقتصر مناقشة هذه القضايا داخل المجتمع على جيل الشباب فحسب، بل يكون كبار السن أيضاً حاضرين ليكونوا قدوة، لأن كل جيل يعيش في أوقات مختلفة، ولديهم تجارب مختلفة وطرق مختلفة لحل المشاكل، ولذلك يمكننا أن نتعلم منهم أشياء كثيرة، لقد أعجبت بذلك كثيراً وتأثرت به، كلتا المرأتين تناضلان منذ سنوات عديدة، لقد مرتا بالكثير من الصعوبات والتحديات، لكنهما لم تستسلما أبداً، بل استمرتا دائماً".
تركيز واهتمام نهج دار المرأة بالأسرة
ولفتت جوديث كوتز الانتباه إلى اهتمام دار المرأة بالأسرة وبالنضال الذي يخوضونه في أوروبا "أكثر ما لفت انتباهي في عمل وجهود دار المرأة هو قربها من الأسرة، ففي أوروبا، من منظور نسوي، لا نناضل إلا من أجل المرأة، لا يُنظر إليها أو يؤخذ بالاعتبار أنها جزء من الأسرة أو جزء من سياساتها، هنا، وُضعت أساليب وإجراءات لتعزيز وحماية حقوق المرأة استناداً إلى قانون الأسرة".
وأوضحت أنه "يُبذل جهد لتثقيف الرجال وإقناعهم، وفي الوقت نفسه، أصبح دار المرأة مكاناً لدعم الرجال أيضاً، هنا يُنفذ العمل على أساس الحل، يمكن لجميع الأطراف المختلفة التواصل مع المؤسسة في حالة وقوع حوادث عنف، ويعمل الجميع هنا لإيجاد الحل".
وبينت جوديث كوتز أن هناك نساء شجاعات وقويات ومؤثرات في إقليم شمال وشرق سوريا، مبديةً اهتماماً كبيراً بالنضال الدائر "لن أنسى أبداً وجود العديد من النساء الشجاعات والقويات والمؤثرات هنا، ورغم كل العنف وعدم الاستقرار المستمر، لم تستسلم هؤلاء النساء ولم يتخلين عن نضالهن. ورغم الصعوبات والتحديات التي تواجهها نساء إقليم شمال وشرق سوريا، إلا أنهن يقمن بأعمال وأنشطة سياسية بالغة الأهمية في جميع المجالات".
تعزيز وتطوير ديمقراطية المجتمع وبناء نظام ومجتمع جديد ومستقل
وعن تطوير ديمقراطية المجتمع والنظام الذي يمكن استخلاص الدروس منه، قالت "لكي نطور ديمقراطية المجتمع، يمكننا التعلم من ثورة روج آفا، على سبيل المثال من أنظمة المجالس المختلفة، ومن الأمور الأخرى التي أبهرتني المؤسسات التي تسعى إلى جمع مختلف مكونات المجتمع من أمم وأديان ومعتقدات مختلفة".
وأشارت إلى إن "أهالي إقليم شمال وشرق سوريا يولون أهمية أكبر لما يجمعهم بدلاً من التفرقة والتقسيم، ويسعون إلى تطوير المشروع معاً، وليس فقط من أجل مصالح مجموعة أو مكون خاص، وبناء هذه الاتحادات والتحالفات أمر بالغ الأهمية، ويجب عدم إفساح المجال إلى تقسيمها، إنهم يحاولون التركيز على ما يجمعهم وعلى بناء نظام ومجتمع جديدين مستقلين، هذه كلها أمور يمكنني الاستفادة منها والتعلم منها".
أهمية الاستقلال الاقتصادي
جوديث كوتز، التي تعتبر الاستقلال الاقتصادي للمرأة بالغ الأهمية، لفتت الانتباه إلى الوضع الاقتصادي للمرأة "على المرأة أن تتحرر من مختلف أنواع القيود لكي تتمكن المرأة من العيش، لا ينبغي أن تعتمد على الرجل لإعالتها".
وتأمل أن تتاح للمرأة الفرص في المستقبل القريب، وأن تصبح أكثر استقلالية في القطاع الاقتصادي، وبالتالي الحصول على حريتها واتخاذ قرارات مستقلة على هذا المستوى "من المهم أن يكون هناك المزيد من الأماكن والبيئات التي يمكن للمرأة أن تعمل فيها، فعلى سبيل المثال، في مناطق مثل أمريكا الجنوبية، تحصل النساء على قروض صغيرة تسمح لهن ببناء مشاريعهن الخاصة، أو يتم تزويدهن بمعدات الإنتاج، وكثيراً ما نسمع عن نساء يتلقين تدريباً متخصصاً في الخياطة، هذا أمر جيد، ولكن إذا لم تكن لديهن الآلات، فسيكون من الصعب تأسيس مصنع أو مشغل مستقل".
ولفتت جوديث كوتز الانتباه إلى وضع المرأة وحقوقها في ظل التغيرات الاجتماعية "من المهم توفير الموارد المالية، أعتقد أنه يمكن إرساء منهجية من خلال المساعدات الخارجية كالمنح والمشاريع، ولكن على المدى البعيد، يجب أن يمتلك إقليم شمال وشرق سوريا موارد مالية كافية، وأن يتمكن من التركيز على هذه القضايا بنفسه، كان هذا مهماً بالنسبة ليّ لأننا نتابع ما يحدث في سوريا".
"سأدعم المرأة"
اختتمت جوديث كوتز حديثها بالتطرق إلى الدعم الواجب تقديمه "أكد لنا الجميع أنهم لن يقبلوا التطورات السياسية ما لم تُشرك فيها المرأة وتُحترم حقوقها، وهذه أيضاً قضية سأتابعها، فبهذه المعرفة والإيمان تواصل النساء هنا كفاحهن رغم كل الصعوبات والتحديات الجديدة المرتبطة بالعملية السياسية الحالية، هناك شعار "الدعم سلاح"، وأنا أؤمن به، ومن المهم أن يتعرف المرء على الوضع السياسي في أماكن وبيئات أخرى، وتقديم الدعم حيث أمكن، آمل أن أكون أنا أيضاً قطرة في بحر هذا الدعم".