النساء المحافظات على ثقافات الشعوب الأصلية... مطبات الرأسمالية
قد يؤدي وصول ثقافات جديدة والتغيرات الاقتصادية التي تديرها الرأسمالية، إلى إضعاف وتدمير الهوية الثقافية والأصلية تدريجياً، لكن المرأة تساهم بشكل كبير في المحافظة على ثقافتها وهويتها وتتناقلها من جيل إلى آخر.
افسون أفشاري
تتسبب الرأسمالية في نمو المشاريع الصناعية الكبرى في العالم، وفي هذا النظام تبحث الشركات والأفراد عن الربح والكفاءة الاقتصادية من خلال الاستثمار في المشاريع الصناعية الكبيرة، وهذه المشاريع هي أداة لتعزيز وصيانة النظام الرأسمالي القائم على استغلال العمال وعلى حساب الشعب المضطهد.
تؤدي هذه المشاريع إلى تركيز أكبر للثروة في أيدي أفراد معينين وتسبب عدم المساواة الطبقية والتنمية غير المتكافئة للمناطق. تعدل الرأسمالية مشاريعها الاقتصادية على أساس قدرة كل منطقة (الموارد الطبيعية، الاتصالات، الموارد الخام، إلخ) لتحقيق المزيد من الربح.
ومن العوامل التي تتأثر بها بشكل مباشر هي الثقافة المحلية والأصلية لكل منطقة. تنتقل ثقافة كل منطقة من جيل إلى الجيل التالي من خلال مجموعة السلوكيات والتفاعلات الاجتماعية وتؤدي إلى ظهور الهوية الفردية والجماعية لكل منطقة، لكن الرأسمالية تهاجم هذه الهوية بشكل مباشر.
إن الرأسمالية بمشاريعها الاقتصادية لها تأثير كبير على الثقافة المحلية لكل منطقة. بعض هذه التأثيرات هي:
فقدان الهوية الثقافية: قد يؤدي وصول ثقافات جديدة وتغيرات اقتصادية إلى إضعاف وتدمير الهوية الثقافية والأصلية تدريجياً. قد تكون تغييرات في اللغة والملابس والعادات والتقاليد.
التغير الاجتماعي والديموغرافي: المشاريع الاقتصادية الكبيرة عادة ما تنطوي على هجرة أشخاص جدد إلى المنطقة، ويمكن أن تؤدي هذه الهجرة إلى تغييرات اجتماعية وديموغرافية، والتي قد تتعارض مع القيم والتقاليد المحلية.
تدمير البيئة: تعتمد العديد من الثقافات الأصلية بشكل كبير على البيئة والموارد الطبيعية. هذه المشاريع تدمر البيئة التي هي جزء من الثقافة المحلية.
التغيير في نمط الحياة: إدخال التكنولوجيا والتغيرات الاقتصادية يمكن أن يؤدي إلى تغيير في نمط حياة السكان الأصليين.
زيادة التفاوت الاقتصادي: هذه المشاريع تزيد من التفاوت الاقتصادي، ويمكن أن يؤدي هذا التفاوت إلى توترات اجتماعية وانخفاض في التضامن الاجتماعي.
التسويق الثقافي: يؤدي التسويق إلى فقدان الأصالة والمعنى الثقافي وتحويل الثقافة المحلية إلى سلعة تجارية، فذلك يعني ضياع القيم الثقافية وتصبح سلعة بسيطة. تفقد المجتمعات هويتها الثقافية تدريجياً وتجد بدلاً من ذلك هوية تجارية موجهة نحو المستهلك. الاستخدام غير السليم للعناصر الثقافية يؤدي إلى تشويه وتغيير المعنى الثقافي، وتسبب هذه العوامل تأثيراً اقتصادياً غير متساوٍ، وهو لصالح الشركات ورؤوس الأموال الكبيرة.
كما كان لهذه المشاريع الرأسمالية تأثير كبير على ثقافة الناس في إيران، مثل مشاريع النفط والغاز في جنوب إيران، والتي تسببت في تغييرات كبيرة في نمط الحياة ومعيشة السكان المحليين والكوارث المتكررة في كردستان في تهجير وهجرة سكان الريف القسري والمزارعين وتدمير الأماكن الخاصة والمقدسة وتدمير البيئة، وقد أحدث ذلك تغييرات كبيرة في نمط حياة وثقافة السكان المحليين.
إن دور المرأة في الثقافات الأصلية واسع ومتنوع للغاية، وفي العديد من هذه الثقافات، تلعب المرأة أدواراً مهمة في الحفاظ على التقاليد والعادات والمعارف المحلية ونقلها. كثيراً ما يُعترف بالنساء كمحافظات على المعارف الأصلية والتقليدية، وتشمل هذه المعارف المهارات الزراعية، والطب التقليدي، والحرف اليدوية، والأدب الشفهي، وما إلى ذلك.
وفي العديد من ثقافات الشعوب الأصلية، تلعب المرأة أيضاً دوراً رئيسياً في الأسرة والمجتمع، وتقع على عاتقها مسؤوليات مهمة مثل تربية الأطفال، وإدارة المنزل، والمشاركة في صنع القرار الأسري ومن ناحية أخرى، يعملن في المجتمعات المحلية كقوة عاملة مهمة في مختلف القطاعات الاقتصادية، مثل الزراعة والحرف اليدوية والتجارة المحلية.
في العديد من ثقافات السكان الأصليين، تلعب المرأة أدواراً مهمة في الاحتفالات والطقوس الدينية وتكون حاضرة دائماً في الاحتفالات التقليدية.
وتواجه النساء العديد من القيود في المجالات الثقافية، إلا أن هؤلاء النساء هن حاملات ثقافتهن الإقليمية، وتشمل هذه القيود عدم المساواة بين الجنسين (انخفاض الأجور، وفرص العمل المحدودة، وعدم الوصول إلى الموارد والمرافق)، والقيود الاجتماعية والثقافية، والافتقار إلى الدعم المالي والقانوني، التحديات الأسرية، ويمكن أن تشمل هذه التحديات الموازنة بين العمل والحياة الأسرية والضغوط الناجمة عن مسؤولية الأسرة.
المشاريع الاقتصادية الكبرى المذكورة أعلاه كلها في أيدي الرأسمالية، وبغض النظر عن استغلال العمال والمضطهدين، فإن الرأسمالية تسبب أيضاً عدم المساواة بين الجنسين واضطهاداً مزدوجاً للنساء.
وتؤثر هذه المشاريع على النساء في مناطق السكان الأصليين. العامل الأول هو التأثيرات الثقافية، فالتغيرات الاقتصادية يمكن أن يكون لها العديد من التأثيرات الثقافية التي تؤثر على الدور التقليدي للمرأة في الحفاظ على ثقافة السكان الأصليين ونقلها. العامل الثاني هو التأثيرات البيئية حيث يؤثر التدهور البيئي الناجم عن المشاريع الاقتصادية الكبيرة على حياة المرأة وسبل عيشها. أما العامل الثالث فهو زيادة عدم المساواة، أي قد تكون فرص النساء في الحصول على فرص العمل والموارد الاقتصادية أقل، مما قد يؤدي إلى زيادة عدم المساواة الاجتماعية. العامل الرابع هو تغير الأدوار الاقتصادية، فمع وصول المشاريع الكبيرة، يتغير الدور الاجتماعي للمرأة.
وعلى الرغم من كل هذه العوامل، فإننا نعلم أن الرأسمالية كان لها آثارها على المجتمع، حيث تتزايد الفوارق الطبقية يوماً بعد يوم ويتزايد اضطهاد النساء والعمال، كما تسببت الرأسمالية في تفاقم ظاهرة الفقر واندلاع الحروب والاستغلال والإبادة الجماعية في جميع أنحاء العالم.