العنف يهجّر الملايين في الساحل الأفريقي

تشهد منطقة الساحل الأفريقي أزمة نزوح غير مسبوقة، حيث اضطر نحو أربعة ملايين شخص إلى مغادرة منازلهم بسبب تصاعد أعمال العنف وانعدام الأمن، وسط دعوات أممية إلى تدخل دولي عاجل لدعم الدول المتضررة ومواجهة التحديات الإنسانية المتفاقمة.

مركز الأخبار ـ تتعدد الأسباب التي تدفع سكان منطقة الساحل الأفريقي إلى النزوح القسري، حيث يشكل تصاعد العنف المسلح، وتدهور الأوضاع الأمنية إلى جانب تأثيرات التغيرات المناخية، عوامل رئيسية تجبر الملايين على مغادرة منازلهم بحثاً عن الأمان والحد الأدنى من مقومات الحياة.

أفادت الأمم المتحدة أمس الجمعة العاشر من تشرين الأول/أكتوبر، بأن منطقة الساحل الأفريقي تشهد نزوحاً جماعياً، حيث اضطر نحو أربعة ملايين شخص إلى مغادرة ديارهم نتيجة تصاعد أعمال العنف وتدهور الأوضاع الأمنية. وأعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين يوم الجمعة أن الدول المتأثرة غير قادرة على مواجهة هذه الأزمة بمفردها، مطالبة المجتمع الدولي بتقديم دعم أكبر لمساعدتها في التصدي للتحديات المتفاقمة.

وأوضح المدير الإقليمي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في غرب ووسط أفريقيا، أن عدد النازحين في بوركينا فاسو ومالي والنيجر والدول المجاورة بلغ قرابة أربعة ملايين شخص، ما يمثل زيادة تقارب 66% مقارنة بما كان عليه قبل خمس سنوات، وأرجع هذا التصاعد إلى تفاقم انعدام الأمن، وتراجع إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية ومصادر الرزق، بالإضافة إلى التأثيرات المتزايدة لتغير المناخ.

وأشار إلى أن نحو 75% من النازحين في منطقة الساحل لا يزالون داخل حدود بلدانهم، إلا أن وتيرة التنقل عبر الحدود تشهد تصاعداً ملحوظاً، مما يزيد من الضغط على المجتمعات المضيفة التي تعاني من نقص كبير في المساعدات، مضيفاً أن النساء والأطفال يشكلون قرابة 80% من إجمالي النازحين قسراً في المنطقة "أن عدد المتأثرين بالعنف بين صفوف النازحين قد شهد ارتفاعاً كبيراً خلال العام الجاري".

وشدد المدير على أن انعدام الأمن في منطقة الساحل يعرض السكان لمخاطر متعددة من بينها التعرض للعنف، والانخراط في التجنيد القسري، وتقييد حرية التنقل، إضافة إلى الاحتجاز التعسفي، مما يزيد من تفاقم معاناة النازحين ويهدد استقرار المجتمعات المحلية.

وتشهد بوركينا فاسو ومالي والنيجر منذ أكثر من عشر سنوات موجة من العنف المستمر نتيجة نشاط الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة وداعش، وقد أدى هذا التصعيد الأمني إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، وزيادة معدلات النزوح، وتهديد استقرار المجتمعات المحلية في هذه الدول.

واتهمت منظمات حقوقية، من بينها "هيومن رايتس ووتش"، أطرافاً متعددة في بوركينا فاسو ومالي، من مقاتلين وقوات عسكرية وشركاء محليين، بارتكاب انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان، ولفت المدير الإقليمي للمفوضية إلى أن تفاقم انعدام الأمن الغذائي يدفع المزيد من السكان إلى النزوح، بينما تؤدي الصدمات المناخية إلى تصاعد التنافس على الموارد المحدودة، مثل المياه، مما يساهم في تأجيج التوترات بين المجتمعات المحلية.

وأشار إلى أن أكثر من 212 ألف لاجئ وطالب لجوء في بوركينا فاسو ومالي والنيجر لا يزالون غير مسجلين رسمياً، مما يعيق حصولهم على الخدمات الأساسية ويعرضهم لخطر الاحتجاز التعسفي، كما كشف أنه بحلول منتصف العام الجاري، أُغلقت نحو 15ألف مدرسة وأكثر من 900 منشأة صحية في المنطقة، في ظل تصاعد الأزمات الأمنية والإنسانية التي تعصف بالساحل الأفريقي، داعياً إلى التزام دولي متجدد ومُعزز لمعالجة هذه الأزمة، حيث لا يمكن لدول المنطقة مواجهة هذه التحديات بمفردها.