المشاركات في القمة النسوية الثامنة تؤكدن على أهمية تعزيز العدالة والسلام
ناقشت القمة النسوية الثامنة، التي استمرت أعمالها في عدن على مدى يومين محاور العدالة الانتقالية وبناء السلام، إلى جانب قضايا الاقتصاد بما فيها اقتصاد الحرب والسلام، كما أبرزت أهمية مشاركة المرأة في القيادة وريادة الأعمال.
فاطمة رشاد
عدن ـ أكدت المشاركات في القمة أن هذه الحدث يعكس واقع النساء اليمنيات اللواتي ما زلن يواجهن التهميش والعنف، ويعد خطوة مهمة نحو استعادة حقوقهن المشروعة وضمان حضورهن الفاعل في مسار العدالة والاستقرار.
اختُتم أمس الاثنين الثامن من كانون الأول/ديسمبر أعمال القمة الثامنة، التي امتدت على مدى يومين وتناولت عدة محاور أساسية، وقد ناقش المشاركون خلالها سبل الوصول إلى توصيات ومخرجات تساهم في رسم سياسات تعزز دور المرأة، وتفتح أمامها الطريق نحو تحقيق العدالة الانتقالية في ظل الأوضاع السياسية المعقدة التي يعيشها اليمن.
وُتعد هذه القمة انعكاساً لواقع النساء في اليمن، حيث ما زلن يعانين من التهميش والإقصاء عن العملية السياسية، إضافة إلى حرمانهن من حق العيش الكريم، واستمرار تعرضهن لإشكال متعددة من العنف، ومن هنا، جاءت القمة لتؤكد ضرورة تمكين المرأة وإيجاد مسارات واضحة تضمن مشاركتها الفاعلة في بناء مستقبل أكثر عدلاً وإنصافاً.
"لقاء سنوي يجمع أصوات النساء"
وقالت آمال الشميري إحدى المشاركات في القمة "تمثل القمة النسوية تجمعاً واسعاً وحضوراً قوياً لنساء من مختلف المدن اليمنية شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، هذا اللقاء السنوي جمع أصوات قياديات وناشطات مجتمعيات، نأمل أن تترجم توصياته إلى خطوات عملية لدى الجهات المعنية، سوءاً كان داخل اليمن أو خارجه، أو حتى على المستوى الإقليمي والدولي، كما أننا ناقشنا خلاله قضايا جوهرية تتعلق ببناء السلام والاقتصاد بما في ذلك اقتصاد الحرب والسلام، كنساء نقول كفى حرباً على اليمن، ونطمح إلى تحقيق الأمن والاستقرار والسلام".
مشاركة تنظيمية
أما نسيبة الحسن إحدى المشاركات من السودان، وتُعد من المنظمات للقمة منذ انطلاقتها الأولى وحتى القمة الثامنة، قالت إن "الموضوعات التي تم مناقشتها خلال القمة هذا العام حملت أهمية كبيرة، ليس للمجتمع اليمني فحسب، بل تُعد درساً قيماً للمرأة اليمنية والسودانية والعربية بشكل عام، أنا من المهتمين بقضايا العدالة الانتقالية وسياساتها وتفاصيلها، لأنها تمثل مرحلة مفصلية نحو التغيير، الجميل في العدالة الانتقالية أنها أثبتت قدرتها على تحويل دول كثيرة إلى نماذج أكثر استقراراً، وإذا طبقناها بكل تفاصيلها، فإنها ستقودنا إلى السلام والاستقرار والأمان".
صوت المرأة في المطالبة
ومن جانبها أوضحت أشواق طه التي قدمت ورقة حول صورة النساء في مدينة عدن قبل أشهر، قائلة "جمعت القمة نساءً من مختلف المدن، ومن اتجاهات وأحزاب وكيانات متعددة، وتهدف إلى تمكين المرأة من الوصول إلى مواقع القيادة والواجهة السياسية، بما يتناسب مع دورها الكبير في المجتمع، أتوقع أن تخرج القمة بتوصيات تعزز حضور المرأة ومشاركتها الفاعلة، فهي نصف المجتمع، وهي أيضاً شريك أساسي في الإعداد والتنمية".
مشاركة أولى
ولأول مرة، شاركت المذيعة منية مسعود في أعمال القمة لهذا العام، وأكدت أن "ما يميز هذه الدورة من القمة هو إدراج محور ريادة الأعمال، وإشراك صاحبات المشاريع الصغيرة ضمن فعالياتها، نتوقع أن يكون للمرأة العاملة دور متنامٍ في المجتمع، إذ إن مشاركتها في القمة تعكس أهمية دورها في الاقتصاد المنزلي، خاصةً مع توجه الكثير من النساء إلى تأسيس مشاريع خاصة بهن".
التوصيات
وفي ختام أعمال القمة، تمت قراءة التوصيات من قبل القاضية إشراق المقطري، التي أوضحت في ملخصها "إن العدالة الانتقالية تمثل ضرورة قانونية وأخلاقية لاستعادة الثقة بين المجتمع ومؤسساته، كما أن تحقيق السلام يتطلب وجود اقتصاد قوي ومستقر، لقد جسدت القمة روح الحركة النسوية، بوصفها كتلة صلبة تعمل من أجل تعزيز دور المرأة في اليمن وإبراز حضورها في مسار العدالة والسلام".
وأكدت على ضرورة إشراك النساء في جميع مراحل العدالة الانتقالية، وضمان الاعتراف الكامل بحقوقهن، ومحاسبة الانتهاكات المرتكبة بحقهن والذي يمثل أساساً لتحقيق العدالة، إضافة إلى تصميم آلية وطنية فعّالة تُدمج النساء فيها لضمان سلام قائم على المساواة الفعلية، إلى جانب إدماج المسؤولية الاجتماعية ضمن خطط التنمية الحكومية، والعمل على توعية النساء في المناطق الريفية بمخاطر الألغام وخطوط التماس.
ختام القمة
جميع محاور القمة التي جرى تناولها واستعراضها تعكس إصرار النساء اليمنيات على تجاوز العراقيل التي تحاصرهن، رغم أن أعباء الحرب ما تزال تثقل كاهلهن، ومع ذلك تواصل المرأة محاولاتها لتكون أداة فاعلة من أدوات السلام.
إن هذه القمة ليست سوى تجسيد لحق مشروع في استعادة ما سُلب من النساء بفعل تجار الحروب وهيمنة السلطة الذكورية، وما نتج عن ذلك من تهميش وقمع لأصواتهن المطالبة بحقهن في الشراكة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.