المرصد السوري يوثق استمرار الانتهاكات في سوريا بعد سقوط النظام السابق

شهدت سوريا خلال الفترة الممتدة من كانون الأول/ديسمبر 2024 وحتى مطلع كانون الأول/ديسمبر الجاري موجة واسعة من الانتهاكات والفوضى، أسفرت عن مقتل أكثر من 11 ألف شخص بينهم آلاف المدنيين ونساء وأطفال.

مركز الأخبار ـ على الرغم من التطلعات التي صاحبت سقوط حقبة الاستبداد وبداية مرحلة يُفترض أن ترتكز على الأمن وسيادة القانون، إلا أن المشهد الميداني في سوريا كشف عن استمرار واسع للانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين، وعودة أنماط العنف المنظم والجرائم ذات الطابع الانتقامي والطائفي.

خلال الفترة الممتدة من الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024، وحتى الخامس من كانون الأول/ديسمبر الجاري، سجّل المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 11 ألف و439 شخصاً بينهم 8 آلاف و835 مدنياً، بينهم 512 طفلاً و676 امرأة، وقد جاءت هذه الحصيلة في إطار موجة من الفوضى والانتهاكات التي ارتكبتها أطراف محلية وإقليمية، في ظل غياب شبه كامل للمساءلة وضعف ملحوظ في أداء مؤسسات العدالة.

واشار المرصد اليوم الاثنين الثامن من كانون الأول/ديسمبر، إلى استمرار أنماط خطيرة من الانتهاكات شملت القتل خارج نطاق القانون، الإعدامات الميدانية، الخطف والتعذيب، الاستهداف العشوائي، التفجيرات والهجمات المسلحة، والقصف التركي والإسرائيلي، إضافة إلى هجمات التنظيمات المتطرفة والفصائل المسلحة، مؤكداً أن هذه الانتهاكات أدّت إلى تفاقم معاناة المدنيين، ولا سيما النساء والأطفال.

وفيما يتعلق بظروف مقتل المدنيين، سجّل المرصد حالات ناجمة عن رصاص عشوائي واقتتال، انفجار ألغام وعبوات، قصف تركي وإسرائيلي، هجمات داعش، إضافة إلى جرائم قتل برصاص مجهولين أو على يد فصائل مختلفة، كما وثّقت حالات وفاة تحت التعذيب في سجون عدة، إلى جانب ضحايا فقدوا حياتهم بسبب مخلفات الحرب أو ظروف مجهولة، وسط تصاعد واضح للانقسامات الطائفية والدينية.

وأفاد المرصد، أن الفترة المشمولة بالتوثيق شهدت موجات واسعة من الاعتداءات على دور العبادة والمزارات والرموز الدينية، شملت كنائس ومساجد ومزارات دينية ورموزاً روحية وثقافية، ومن أبرز الهجمات الاعتداء الإرهابي على كنيسة مار إلياس في دمشق الذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى وأثار حالة من الخوف بين السكان، فيما امتدت الاعتداءات إلى عدة مدن أخرى وتنوعت بين الهجمات المسلحة والتخريب والنهب والتدمير المباشر، ما يعكس اتساع الشرخ الطائفي وتنامي الانقسامات الاجتماعية.

كما رصد المرصد، تصاعد حملات تضليل وتحريض إعلامية ممنهجة أطلقتها أطراف موالية للحكومة السورية المؤقتة، بهدف التشويش على عمليات التوثيق الحقوقي، تضمنت خطاباً طائفياً وتحريضياً، واتهامات جماعية لطوائف بأنها "فلول النظام" أو "عملاء"، إضافة إلى استهداف ناشطين وصحفيين ومنصات إعلامية مستقلة، إلى جانب حملات تشويه عبر "الذباب الإلكتروني" أو ما يعرف بشبكات من الحسابات الآلية أو الوهمية، والتلاعب بالترند لخدمة مصالح سياسية، الأمر الذي ساهم في تأجيج الانقسامات المجتمعية وعرقلة مسار العدالة الانتقالية.

وفي ملف المعتقلين والمفقودين، أكد المرصد السوري، أن آلاف الأشخاص لا يزالون محتجزين في السجون دون أي مسوّغ قانوني، بينهم ضباط سابقون وأطباء ومدنيون، بعضهم اعتُقل بعد سقوط النظام وآخرون خلال المداهمات أو على الحواجز، لافتاً إلى أن كثيراً منهم محتجزون تعسفياً دون توجيه تهم أو عرض على القضاء فيما يبقى مصير عدد كبير من المفقودين مجهولاً حتى اليوم.