المرأة قوة التغيير... مقاومة العنف وبناء مجتمع المساواة
مقال بقلم عضوة منسقية مؤتمر ستار أليف حمو
في الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر، يقف العالم وقفة تضامن مع المرأة في يوم عالمي اتخذ رمزاً لمناهضة العنف ضدها. هذا اليوم ليس مجرد محطة زمنية عابرة، بل هو استدعاء لذاكرة نضالية طويلة، حيث سطّرت النساء عبر التاريخ صفحات من المقاومة والصمود في مواجهة الاستبداد والذهنية الذكورية. من الأخوات ميرابال اللواتي قدّمن حياتهن في سبيل الحرية، إلى آلاف النساء اللواتي حملن راية النضال، يتجدد العهد في كل عام على مواصلة الطريق نحو مجتمع أكثر عدلاً ومساواة.
إن إعلان الأمم المتحدة عام 1999 لهذا اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة لم يكن وليد لحظة، بل ثمرة نضال ممتد عبر العصور، فمن زنوبيا وكليوباترا إلى جان دارك والخنساء وهدى شعراوي، ومن مريم خان وليلى قاسم إلى سكينة جانسيز وآرين ميركان، تتجلى صورة المرأة كقائدة، مقاومة، ومؤسسة لمجتمعات أكثر إنسانية. هذه السلسلة التاريخية تؤكد أن حرية المرأة ليست قضية فردية، بل هي أساس حرية المجتمع بأسره.
في إقليم شمال وشرق سوريا، حيث تُعرف ثورة روج آفا بـ "ثورة المرأة"، اكتسب هذا اليوم معنى أعمق. هنا، لم يعد الخامس والعشرون من تشرين الثاني مجرد ذكرى، بل أصبح كل يوم يوماً للنضال ضد العنف الممنهج الذي يستهدف المرأة في جسدها وإرادتها وحقوقها حيث قاتلت ضد داعش وناضلت ضد الذهنية الذكورية، وأثبتت من خلال تنظيمها داخل الكومينات والمجالس، أن المقاومة ليست شعاراً، بل ممارسة يومية تُعيد صياغة المجتمع على أسس الحرية والديمقراطية والمساواة بين الجنسين.
العنف ضد المرأة ليس حدثاً طارئاً، بل منظومة متجذرة في البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، حيث تواجه عنف نفسي وجسدي، اقتصادي وسياسي، ثقافي وإلكتروني، يُمارس بشكل ممنهج لإقصاء المرأة عن دورها الطليعي، لكن في إقليم شمال وشرق سوريا يشهد العنف انحساراً، وتبرز المرأة كقوة تغيير، تنظّم نفسها وتبني مؤسساتها وتفرض حضورها في مراكز القرار عبر نظام الرئاسة المشتركة والعقد الاجتماعي للمرأة.
إن فلسفة القائد عبد الله أوجلان التي تقول "إذا لم تتحرر المرأة، لن يتحرر المجتمع"، لم تعد مجرد مقولة، بل تحولت إلى ممارسة ثورية، فبفضل الجنولوجيا (علم المرأة) وتنظيم الحركات النسائية، أصبح النضال النسائي في إقليم شمال وشرق سوريا مصدر إلهام عالمي، يفتح الطريق أمام بناء مجتمع أخلاقي سياسي طبيعي، قائم على العدالة والمساواة.
اليوم، ونحن نحيي ذكرى الأخوات ميرابال، نؤكد أن الخامس والعشرين من تشرين الثاني ليس يوماً عابراً، بل دعوة مفتوحة لكل لحظة من حياتنا لمناهضة العنف الممنهج. من إقليم شمال وشرق سوريا، نوجه رسالتنا إلى العالم "لا حرية بلا حرية المرأة، ولا عدالة بلا مساواة بين الجنسين". نضال المرأة سيبقى طليعياً، وسيظل بناء مجتمع ديمقراطي عادل قائم على المساواة مسؤولية النساء وإرادتهن.