"المرأة الجديدة" تختتم مشروعاً لتعزيز العدالة وتوفير بيئة عمل آمنة للمرأة المصرية
سلّط مشروع مؤسسة "المرأة الجديدة" في المؤتمر الختامي لفعالياته الضوء على التحديات التي تواجهها النساء في سوق العمل، سواء في القطاع الرسمي أو في الاقتصاد غير المنظم، مع إبراز قضايا العنف في بيئة العمل، ومخاطر النقل التي تتعرض لها العاملات.
أسماء فتحي
القاهرة ـ أكدت المشاركات في المؤتمر الختامي لمشروع "المرأة الجديدة"، أن المشروع كان رحلة متكاملة لتعزيز العدالة وتوفير بيئة عمل آمنة للمرأة المصرية، مع ضرورة التشبيك بين المؤسسات لضمان استدامة المبادرات وربطها بأهداف التنمية المستدامة 2030.
على مدى ما يقارب ثلاث سنوات من الجهد المتواصل، نفذت مؤسسة "المرأة الجديدة" مشروعاً يهدف إلى تعزيز حضور النقابات العمالية والجمعيات الأهلية في أجندة التنمية المستدامة من منظور النوع الاجتماعي، وذلك في مدن القاهرة والإسكندرية وقنا، وركّز المشروع على إبراز التحديات الفعلية التي تواجه النساء في سوق العمل.
وقدم المشروع خلال السنوات الماضية، برامج تدريبية متخصصة لبناء القدرات، وساهم في تطوير منصات معرفية وتوثيقية تمكّن الباحثين والنقابيين من الوصول إلى بيانات دقيقة، ما عزز قدرة المؤسسات على متابعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء.
كما ركزت الفعاليات على العمل الميداني في القطاع الزراعي، حيث تعرّضت المشاركات لمخاطر النقل والانتهاكات اللفظية والجسدية، ما جعل المشروع نموذجاً حقيقياً لكيفية الجمع بين التمكين المعرفي والتدخل العملي في الميادين التي تحتاجها النساء أكثر.
واختتمت مؤسسة "المرأة الجديدة" أمس الخميس 25 كانون الأول/ديسمبر، فعاليات مشروعها من خلال مؤتمر ختامي حمل عنوان "تعزيز دور النقابات العمالية والجمعيات الأهلية في تفعيل أجندة التنمية المستدامة 2030 من منظور النوع الاجتماعي"، مسلطاً الضوء على التحديات الواقعية التي تواجه المرأة في سوق العمل، سواءً في القطاع الرسمي أو غير المنظم.
اللقاء الختامي لم يكن مجرد احتفال بنهاية المشروع، بل منصة لإعادة تقييم النتائج، وتبادل الخبرات، ووضع خطط لاستدامة المبادرات، بما يعكس جدية مؤسسة "المرأة الجديدة" في ربط العمل النسوي بالسياسات العامة واحتياجات الواقع المعيشي للمرأة المصرية.
وقدّمت المديرة التنفيذية لمؤسسة "المرأة الجديدة"، نيفين عبيد، رؤية نقدية حول وضع المرأة في سوق العمل المصري، مسلطةً الضوء على فجوات السياسات المخطط لها مقابل الواقع المعيشي، خاصةً في العمل غير المنظم، الذي يشمل العمالة اليومية والحرّة وصغار المنتجين خارج مظلة الحماية الرسمية.
وأكدت أن الجمعيات تلعب دوراً محورياً ليس فقط في تقديم الخدمات، بل في طرح البدائل والسياسات التي تضمن حقوق النساء، مع التأكيد على ضرورة تمكين المرأة في القطاع الزراعي لضمان الأمن الغذائي والمساواة الاقتصادية، مشددةً على أن مكافحة التمييز وتكافؤ الفرص ليس هدفاً مرحلياً، بل مسار مستدام يتطلب تكاتف جميع الأطراف لتحقيق أثر طويل المدى.
المشروع ركز على بناء القدرات
وأوضحت مي صالح، مديرة برنامج النساء والعمل والحقوق الاقتصادية، أن المشروع لم يكن وليد اللحظة، بل سبقه فترات طويلة من التحضير، وامتد تنفيذه الفعلي لثلاث سنوات ركزت على ثلاثة محاور رئيسية وهي، بناء القدرات، الإنتاج المعرفي، والتطوير التشريعي، مؤكدة أن هذه المحاور ساهمت في تعزيز مهارات العاملات وتمكين النقابيين والكوادر المجتمعية من أدوات علمية لرصد واقع العمل والتحديات المرتبطة بالقطاعين الرسمي وغير الرسمي.
واستعرضت مي صالح منصة "العمل والمساواة" التي صُممت لتكون مرجعاً شاملاً للباحثين والنقابيين والمهتمين بقضايا العمل من منظور النوع الاجتماعي، مشيرةً إلى أنها تضم تقارير رصد ميدانية، فيديوهات توثيقية، ومقالات كتبها النقابيون بأنفسهم، ما يجعلها مرآة لواقع العمل الحقيقي "هذه المنصة ليست مجرد مخزن للمعلومات بل أداة تفاعلية يمكن من خلالها متابعة التحديات والفرص بشكل مستمر، وتقديم محتوى معرفي موثوق للباحثين والناشطين".
وشددت على أهمية مرصد 190 المستوحى من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190، والذي أصدر ثلاثة تقارير نوعية تناولت العمالة في القطاع غير المنظم، والقطاع المنظم، بالإضافة إلى تقرير "أرواح في الهامش" الذي سلط الضوء على حوادث الطرق التي تتعرض لها العاملات في القطاع الزراعي، مؤكدةً أن هذه البيانات ساعدت في التعرف على المشكلات الحقيقية وتقديم توصيات ملموسة لتحسين بيئة العمل.
وشيدت مي صالح بالتعديلات التي طرأت على قانون العمل لتقليل معدلات العنف، مشيرةً إلى التعاون الوثيق مع "وحدات تكافؤ الفرص" و"وحدات المساواة بين الجنسين" لتعزيز دورها، وإصدار "دليل مبسط لتعزيز الآليات الوطنية للحماية من العنف والتمييز"، ليكون جسراً يربط العاملات بهذه الوحدات الوطنية.
ولفتت الانتباه إلى قصص نجاح ملموسة على أرض الواقع، أبرزها تجربة شركة "نايل لينين جروب" التي تم فيها تفعيل "سياسة حماية" وإنشاء "دار حضانة" داخل الشركة، ما يعكس تأثير المشروع العملي على حياة العاملات.
وفي السياق ذاته، تم التأكيد على كون منصة "العمل والمساواة"، مرجعاً أساسياً للباحثين والناشطين والنقابيين المهتمين بقضايا النوع الاجتماعي في سوق العمل، كونها تضم محتوى متنوعاً يشمل تقارير ميدانية، فيديوهات توعوية، أوراق بحثية ودراسات محكمة، وحملات مناصرة رقمية تهدف إلى تحسين بيئة العمل وضمان تكافؤ الفرص.
كما أن مؤسسة "المرأة الجديدة" طرحت من خلال مخرجات المشروع أهمية تفعيل "خريطة المسؤولية المجتمعية للشركات" لرصد التزام الشركات بالمعايير الاجتماعية والحقوقية ونشر معلومات محدثة تسهم في شفافية الأداء المجتمعي، وتفعيل دور المجتمع المدني في مراقبة السياسات الداعمة للمرأة داخل القطاع الخاص.
وركز المشروع أيضاً على تطوير السياسات والتشريعات، حيث ناقشت الفعاليات قانون العمل الموحد والاتفاقية الدولية رقم 190 المتعلقة بالقضاء على العنف والتحرش في بيئة العمل.
وأكدت مي صالح، أن المشروع لم يكن مجرد برنامج قصير الأمد، بل رحلة متكاملة تهدف إلى تعزيز العدالة وتوفير بيئة عمل آمنة للمرأة المصرية، مع التأكيد على أهمية التشبيك بين المؤسسات النسوية والجمعيات الأهلية لضمان استدامة المبادرات، وربط العمل الحقوقي بالتطبيق العملي على الأرض، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة 2030.
والجدير بالذكر أن التحديات التي تواجه المرأة في بيئة العمل لا يمكن التعامل معها بمعزل عن الجهود الجماعية والمؤسسية، وأثبتت التجارب السابقة أن التمكين الحقيقي يبدأ من بناء القدرات، واستثمار المعرفة، وتطوير السياسات بشكل مستمر، مع التأكيد على الشراكة بين مختلف الجهات المعنية، كما أن استدامة الإنجازات مرتبط بالعمل المتواصل، والمراقبة الدقيقة للواقع الميداني، والالتزام بتوفير بيئة عادلة وآمنة للمرأة في جميع القطاعات، بما يعزز المساواة ويدعم التنمية المستدامة على المدى الطويل.