المجمع العلمي العراقي ببغداد يناقش تمكين النساء في الحياة السياسية
ناقشت منظمة كهرمانة لتمكين المرأة بالتعاون مع لفيف من المؤسسات النسوية، في جلسة حوارية، مدى مشاركة المرأة في العملية السياسية والمواقع القيادية والسلطة التنفيذية في المؤسسات ومواقع صنع القرار.

رجاء حميد رشيد
العراق ـ في ظل الجهود المتواصلة لتعزيز دور المرأة العراقية في الحياة السياسية وتحقيق التوازن الجندري في مواقع صنع القرار، نظمت جلسة "من الهامش إلى الصدارة: تمكين النساء في الحياة السياسية العراقية" لتسلّط الضوء على واقع مشاركة النساء في المؤسسات القيادية والسلطة التنفيذية.
ناقشت جلسة بعنوان "من الهامش إلى الصدارة: تمكين النساء في الحياة السياسية العراقية" التي أدارتها رأفة عباس مسؤولة قسم البحث والتطوير في منظمة كهرمانة بمشاركة عدد من عضوات ورئيسات المؤسسات النسوية اليوم الأربعاء 25 حزيران/يونيو، مدى مشاركة المرأة في العملية السياسية والمواقع القيادية والسلطة التنفيذية في المؤسسات ومواقع صنع القرار، ومناقشة واقع مشاركة المرأة العراقية في العملية السياسية والتحديات، مع طرح الرؤى العلمية والعملية والخطوات الفاعلة لضمان انتقال النساء من واقع التهميش والاقصاء إلى مواقع التأثير والمساهمة الحقيقية في صناعة وصياغة السياسات العامة مما يعزز الديمقراطية ويحقق المساواة في المجتمع العراقي.
من جانبها أشارت المهندسة رنا الجبوري إحدى عضوات مجلس محافظة بغداد، إلى أن عدد أعضاء المجلس يبلغ 52 عضواً، من بينهم 13 امرأة، وهو رقم لا يُستهان به في سياق التخطيط وصنع القرار ضمن الحكومة المحلية لبغداد، ورغم هذا التمثيل، إلا أن المرأة بحسب تعبيرها لم تنل بعد الدور الحقيقي الذي تستحقه داخل المجلس.
وأضافت "نطمح إلى نيل المرأة دور أقوى وتمثيل أوسع، خاصة فيما يتعلق بصنع القرار سواء داخل المحافظة أو المجالات الأخرى، فنحن الآن في عام 2025، وكان من المفترض أن نكون قد وصلنا إلى مراحل متقدمة من التطور والتعليم، لكن المرأة لا تزال تُحارَب، والرجل غالباً ما يسعى إلى تهميش دورها وتقليصه، خاصة أننا نعيش في مجتمعات عشائرية لا تزال تنظر إلى المرأة على أنها غير صالحة للقيادة، رغم أنها أثبتت نجاحها في العديد من المجالات".
وضربت مثالاً من واقع عملها في لجنة البلديات، حيث تُعنى اللجنة بمتابعة وتنفيذ الأعمال ميدانياً في مواقع العمل، وهي تكاد تقتصر على العنصر الذكوري، مؤكدةً أن بعض الرجال لا يزالون غير متقبلين لفكرة أن تتابع امرأة أعمالهم أو تقيّم أداءهم، ولا يتقبلون كذلك أن تكون مهندسة تمتلك الكفاءة العلمية والمهنية التي تخوّلها أداء ذات المهام.
وشددت على أن مشاركة المرأة يجب ألا تقتصر على نسبة الكوتا فقط، بل ينبغي أن تمتد إلى تمثيل حقيقي لا يقل عن 50% في مواقع اتخاذ القرار، لتكون جزءاً فاعلاً في العملية السياسية والإدارية، فالمرأة ليست مجرد رقم، بل يجب أن تكون شريكاً أساسياً في رسم السياسات واتخاذ القرارات.
فيما ترى الناشطة السياسية ورئيسة منظمة "دوموزيد" لشؤون المرأة آلاء الياسري، أن دعم المرأة ومشاركتها في مختلف المجالات هو أمر جوهري، ليس فقط لأنها تشكل نصف المجتمع، بل لأنها تمتلك طاقة عالية وقدرة على القيادة والإبداع تفوق في أحيان كثيرة نظيرها الرجل، فالمرأة كما أوضحت تسعى دائماً لإثبات ذاتها، وتتميز بالمثابرة والتميّز في كل ما تقوم به، بدءاً من إدارة شؤون الأسرة، وصولاً إلى تقلد المناصب القيادية كمديرة أو وزيرة أو مسؤولة في مواقع صنع القرار.
وأعربت عن أسفها لما تتعرض له المرأة من تهميش، مشيرةً إلى أنه في الفترات السابقة، كان يتم اختيار بعض النساء في الانتخابات فقط انطلاقاً من تصورات نمطية بأنها شخصية ضعيفة يسهل التحكم بها، وأوضحت أن دخولها هذا المجال كناشطة سياسية جاء بهدف تقديم صورة مغايرة للنمط السائد عن المرأة ككائن خاضع ومطيع، يتم اختياره فقط لاستكمال عدد الكوتا.
وأضافت أن الصورة قد بدأت تتغير، إذ أصبحت المرأة اليوم محللة سياسية وناشطة، وتحظى بتمكين واضح في المجالس والبرلمانات واللجان المحورية داخل المؤسسات، إلى جانب توليها مناصب وزارية، ورغم هذا التقدم، لا تزال بعض النساء يتعرضن لحملات ابتزاز وتشويه ممنهجة، وهو ما يجعل من الصعب عليهن عرض مشاكلهن أو تقديم الشكاوى، خصوصاً في حال كانت الجهة المسؤولة رجلاً.
وتابعت بالقول إنها شخصياً تعرضت للعديد من حملات التشهير والابتزاز، معربةً عن أسفها كون هذه الممارسات لا تزال حاضرة بقوة في المجتمع العراقي، عشائري ومحافظ، حيث تكون أسهل وسيلة للنيل من المرأة هي التشكيك في شرفها وسمعتها.
ورداً على حملات التشهير والابتزاز قالت "أشَجع النساء على المواجهة واللجوء إلى القضاء، لكن للأسف لا توجد خصوصية كافية في التعامل مع قضايا تشويه السمعة في المحاكم"، داعيةً النساء إلى التحلي بالقوة والثقة بالنفس، ومواجهة حملات الإساءة بأدلة واضحة، مشيرةً إلى أن من تقرر دخول المعترك السياسي يجب أن تكون مستعدة لمواجهة محاولات التسقيط والتشويه التي قد تطالها شخصياً أو تطال أسرتها.
كما أكدت أن النساء اللواتي يشغلن مناصب تنفيذية غالباً ما لا يعبّرن عن آرائهن الشخصية، بل يمثلن توجهات الأحزاب أو الكتل السياسية التي أوصلتهن إلى ما هن عليه اليوم، ما قد يجعلهن أحياناً على خلاف مع تطلعات الحركة النسوية، في المقابل، تكون الناشطات أكثر حرية واستقلالاً في التعبير عن آرائهن ومواقفهن.