المغرب... تصاعد حملات التشهير يثير مخاوف حقوقية ودعوات للتحرك القضائي

أعربت دينامية إعلان الرباط عن قلقها من توسع حملات التشهير الرقمية الممنهجة ضد المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، والنساء، والصحافيين والصحفيات بالمغرب، معتبرةً أنها آلية منظمة لإسكات الأصوات الناقدة وتقويض المشاركة الديمقراطية.

المغرب ـ يشهد المغرب في الآونة الأخيرة تنامياً لافتاً في حملات التشهير الرقمية التي تستهدف النساء الفاعلات في الشأن العام والسياسة، والمدافعات عن حقوق الإنسان، والصحافيات، ما أثار موجة قلق حقوقي واسع، ودفع منظمات مدنية إلى المطالبة بتدخل قضائي عاجل لوقف هذا الانزلاق الذي يهدد حرية التعبير وسلامة الفضاء العام.

أعربت دينامية إعلان الرباط، شبكة مدنية تضم أكثر من 2000 جمعية ومنظمة حقوقية مغربية، عن "قلق بالغ" تجاه وصفته بـ "توسع حملات التشهير الممنهجة" التي تشهدها الساحة الرقمية في المغرب، معتبرةً أن هذه الظاهرة باتت محط متابعة دولية متزايدة من قبل منظمات أممية وإقليمية معنية بحرية التعبير وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان.

وحذرت في بيان أصدرته مساء أمس الأحد 23 تشرين الثاني/نوفمبر، من إن الهجمات الرقمية التي تستهدف المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، والنساء الفاعلات في الشأن العام، والصحافيين والصحافيات المستقلين، والفاعلين السياسيين، تحولت إلى "آلية منظمة" تستعمل لإسكات الأصوات الناقدة وتقويض المشاركة الديمقراطية، في وقت يشهد فيه العالم ارتفاعاً في مخاطر العنف الرقمي ضد النشطاء والصحافيين.

وشددّ البيان على أن نمط الاستهداف الرقمي في المغرب بات ينسجم مع موجة عالمية من حملات التشهير الرقمية التي تستخدم للضغط على الأصوات المستقلة، غير أن خصوصية الحالة المغربية، على حد تعبيره، تكمن في تواتر هذه الحملات وتطبيعها داخل الفضاء العام، ما يضع البلاد في دائرة اهتمام الآليات الأممية المعنية بحماية حرية الصحافة وحقوق الإنسان.

وأشار البيان إلى أن الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الاستهداف تشمل المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان، والنساء المنخرطات في الدفاع عن المساواة، والصحافيات والصحافيين المستقلون، المدافعين عن حقوق الصحافة، والفاعلين السياسيين أصحاب المواقف النقدية.

وترى دينامية إعلان الرباط أن استمرار هذه الحملات يمس بشكل مباشر التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، خصوصاً تلك المرتبطة بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والالتزامات الأممية المتعلقة بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان.

وأضافت أن اتساع دائرة التشهير الرقمي من شأنه التأثير على تصنيف المغرب في مؤشرات حرية الصحافة وحقوق المرأة وشفافية الفضاء الرقمي، وهي مؤشرات تتابعها جهات دولية وشركاء مانحون ومنظمات مراقبة حقوقية.

وأكد البيان أن الظاهرة أصبحت موضوعاً تتابعه آليات الأمم المتحدة، مثل المقرر الخاص بحرية الرأي والتعبير والمقرر الخاص بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، إلى جانب منظمات دولية كـ "هيومن رايتس ووتش" و"مراسلون بلا حدود".

ويعكس هذا الاهتمام، حسب البيان، تصاعد القلق الدولي بشأن آثار هذه الحملات على الحريات الأساسية وعلى قدرة النشطاء والصحافيين المغاربة على العمل في بيئة آمنة.

وطالبت دينامية إعلان الرباط السلطات القضائية المغربية باتخاذ إجراءات عاجلة للتحقيق في حملات التشهير الرقمي، ومتابعة مرتكبيها، وضمان حق الضحايا، معتبرةً أن حماية الفاعلين المدنيين والسياسيين من التشهير "جزء من التزامات المغرب الدولية بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان"، داعيةً إلى محاربة الإفلات من العقاب، وأن ترك هذه الممارسات بلا محاسبة "يضر بصورة المغرب كبلد يقدّم نفسه شريكاً دولياً في الإصلاح الحقوقي".

وحثت دينامية إعلان الرباط المجلس الوطني لحقوق الإنسان على تفعيل آلية وطنية لرصد الانتهاكات الرقمية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين، وإصدار تقارير دورية يمكن اعتمادها في التقييمات الدولية، وتعزيز التعاون مع الآليات الأممية المختصة، مع التركيز بشكل خاص على العنف الرقمي الموجّه ضد النساء.

وختمت بيانها بالتأكيد على أن حملات التشهير الممنهجة ليست فقط انتهاكات فردية، بل هي "تهديد مباشر لمقومات الديمقراطية، ولصورة المغرب كشريك دولي في مجال حقوق الإنسان"، مشددةً على أن حماية الفضاء العام من العنف الرقمي أولوية وطنية ودولية لضمان نقاش عمومي حر ومسؤول.