المغرب… نساء المالية تستعرضن أهم المكتسبات وترفعن سقف التحديات

طالبت المشاركات خلال لقاء تواصلي نظمته الهيئة الديمقراطية لنساء المالية في مراكش، بوضع استراتيجية قطاعية لتفعيل المساواة بين الجنسين وترسيخها في الإدارة بمختلف مصالحها المركزية والجهوية، وكذلك تعزيز وصول النساء للمناصب القيادية وصنع القرار.

رجاء خيرات

مراكش ـ خلدت الهيئة الديمقراطية لنساء المالية اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من آذار/مارس من كل سنة تحت شعار "اليوم العالمي لحقوق المرأة: نضال مستمر لصون المكتسبات ومواجهة التحديات"، حيث نظمت لقاءاً تواصلياً جمع ثلة من العاملات في مختلف القطاعات والمصالح التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية من مختلف مناطق المغرب، أمس السبت 19 نيسان/أبريل بمدينة مراكش.

سلطت المشاركات خلال اللقاء، الضوء على التحديات الراهنة التي تواجه نساء القطاع وكذلك سبل تعزيز مكانتهن وصون المكتسبات، مطالبات بتحسين جودة العمل والاستفادة من الحماية الاجتماعية وعلى رأسها نظام التقاعد.

 

 

قالت رئيسة الهيئة الديمقراطية لنساء المالية زهيرة محسن، على هامش اللقاء، إن هذا الموعد جاء تخليداً لذكرى اليوم العالمي لحقوق المرأة، كما أنه يشكل محطة نضالية للوقوف على أهم الانجازات التي تحققت والمصاعب التي تعيشها النساء خاصة في مجال الحقوق الإنسانية للنساء.

وأضافت أن هذه المحطة سُطِرت بدماء العاملات وكفاحهن المستميت من أجل ضمان فضاء آمن للجميع ومن أجل حقوق متساوية للنساء والرجال، حيث العالم يضم النساء والرجال، وبالتالي فهذه المحطة تشكل فرصة لكي نعيد الحديث عن هذا التاريخ أولاً، وكذلك لرفع التحديات التي تواجه النساء المغربيات، خاصة في الأوراش الكبرى التي أطلقها المغرب والمتعلقة أساساً بقانون الأسرة، وإصلاح أنظمة التقاعد.

وأكدت "نحن جزأ لا يتجزأ من الحركة الحقوقية والنقابية والديمقراطية ككل والتي تناضل من أجل القضايا العادلة، نساهم بجزء بسيط في تأطير النساء العاملات في وزارة الاقتصاد والمالية حيث لا تسمح لهن ظروف العمل بأن تتناقشن بشأن حياتهن الخاصة والمهنية، ونحن اليوم بصدد التواصل مع ثلة منهن حيث سنقوم عند الانتهاء من أعمال هذا اللقاء، على تعميم التوصيات، سواء في الشق الخاص بالترافع بالقطاع أو الخاص بالحقوق الإنسانية ككل، من خلال تضمين هذه التوصيات في مذكرة سيتم توجيهها إلى الجهات المعنية".

 

 

وبشأن "حقوق المرأة: المكتسبات والتحديات"، اعتبرت الكاتبة العامة للاتحاد التقدمي لنساء المغرب أسماء الأمراني، أن هذا اللقاء يعتبر هام جداً، لأن من شأنه أن يسلط الضوء على كل المكتسبات التي راكمتها بلادنا، بفضل الإرادة التي عبرت عنها الحكومة المغربية في عدد من المحطات، سواء عبر الخطب الملكية، أو خلال مناسبات افتتاح البرلمان.

وأضافت أن ذلك تم من خلال تمرير مجموعة من القوانين وإقرار إصلاحات تشريعية وقوانين ووضع آليات مؤسساتية وتدابير إجرائية من أجل مراجعة كل السياسات العمومية في مجال حقوق المرأة.

ولفتت إلى أنه "بفضل الحركة النسائية ونضالات الحركة الحقوقية التي تراكمت لسنوات طويلة من أجل رفع هذا التحدي الحقوقي الذي جعلنا نقطع أشواطاً ومراحل، حيث ركزت المرحلة الأولى على المطالب والاحتياجات للنساء كالصحة والتعليم والعديد من الخدمات الاجتماعية التي ينبغي توفيرها للنساء، ثم انتقلنا إلى مرحلة أخرى تهم الحقوق الاستراتيجية المنبثقة من المواثيق الدولية والمرجعية الحقوقية الكونية التي صادقت عليها بلادنا والتزمت بها".

وأوضحت أن الحركة النسائية انتقلت اليوم إلى مرحلة جديدة، من خلال مسار نضالي حقوقي، يسعى إلى تحقيق الأهداف التنموية، حيث أصبحت النساء مطالبات برفع مجموعة من التحديات التي تخص التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، والتي لا تتم إلا بإشراك النساء وتمكينهن اقتصادياً، من خلال تسهيل وتسريع ولوج النساء إلى سوق العمل، وتوفير فضاءات عمل لائقة لهن، وفق تعريف منظمة العمل الدولية الذي ينص على توفير أجر مقابل عمل، تقليص ساعات العمل الطويلة، التصريح بالعاملات ضمن صندوق الضمان الاجتماعي، ومنحهن حقوقهن الاجتماعية كعطلة الأمومة، خاصة في القطاعات الهشة التي يتم فيها استغلال النساء بشكل ينتهك كرامتهن وحقوقهن الاجتماعية.

وفيما يتعلق بمشروع قانون التقاعد ووقعه على حقوق النساء، باعتباره مكوناً أساسياً للحماية الاجتماعية وصون كرامة الأجيرات،

 

 

أكدت نائبة الكاتبة العامة للهيئة الديمقراطية لنساء المالية سناء العلمي أن النساء هن الفئة الأكثر تضرراً من نظام الإصلاح، قائلة إن "نساء الوظيفة العمومية والتي أعمل فيها ووفق نظامها، تفرض على النساء أن تواصلن الخدمة إلى أن تبلغن من العمر 63 عاماً، وهو ما يدعو للسؤال كيف لنساء تعملن في قطاعات التعليم والصحة وغيرها أن تعملن إلى حدود 63 عاماً، مع كل ما يمكن أن يترتب عن ذلك من ظهور أعراض ومضاعفات صحية مثل هشاشة العظام وغيرها من الأمراض المرتبطة بالتقدم في السن والأمراض المهنية".

وأضافت أن العديد من النساء يكن مطالبات بالاعتناء بأسرهن وأحياناً بآبائهن من كبار السن، بالإضافة إلى صعوبات مهنية تظهر مع التقدم في العمر، مما يجعل مواصلة العمل بمردودية جيدة صعباً للغاية، موضحةً أن النساء اللواتي تعملن في الوظيفة العمومية ستخضعن لهذا الإصلاح، لافتة إلى أن النساء تواجههن إشكالات مضاعفة وانعكاسات أكثر حدة لهذه المنظومة المقلقة.

وأشارت إلى أن النساء هن الفئة الأكثر تضرراً بمقاييس الإصلاح التي تم اعتمادها في منظومة التقاعد، حيث لا يعقل أن تعمل موظفة في القطاع العام إلى حدود 65 عاماً، وفق مشروع الإصلاح المطروح، منتقدة سياسة ما وصفته بالمغالطات التي تحاول الحكومة تمريرها من أجل تبرير هذا الإصلاح الذي كان يفترض التهييء له عبر فتح قنوات للنقاش العمومي من أجل فهمه واستيعاب مراميه.

وطالبت بعض المتدخلات من مختلف القطاعات التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية (إدارة الجمارك، الضرائب، الخزينة العامة وغيرها) بتوحيد القوانين بين سائر الموظفات، منتقدات بعض الإجراءات التعسفية التي تطال عاملات بالقطاع من قبل مسؤولين، بسبب العقلية الذكورية المهيمنة على الوظيفة العمومية.

وأشار الناشطين إلى أهمية ضبط قانون الأسرة، وتأطير العاملات في القطاع من أجل ضبط هذا القانون، باعتباره نصاً قانونياً يهم المجتمع، ولما له من ارتباط وثيق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء، مطالبات بتحمل الحكومة لمسؤوليتها في ضمان الرعاية والحماية الاجتماعية أثناء الخلافات الزوجية.

وفي ختام اللقاء أوصت المشاركات بوضع استراتيجية قطاعية لتفعيل المساواة بين الجنسين، وترسيخها في الممارسات الإدارية بمختلف المصالح المركزية والخارجية، وكذلك تعزيز الآليات والتدابير لمكافحة كل أشكال التمييز والإقصاء ضد النساء، والحرص على تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بحماية الموظفة من أشكال العنف، ووضع خطط داخل الوزارة لمحاربة الأفكار النمطية التي تحول دون وصول النساء لمراكز صنع القرار وإعمال مقاربة النوع في هندسة وبرامج الوزارة وتحفيز النساء لولوج المناصب القيادية.