المغرب… ناشطات يطالبن بفضاءات آمنة للعاملات في مجال السينما

نظمت جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان بالتعاون مع عدد من المؤسسات، مائدة مستديرة سلطت الضوء على العنف الذي تواجهه النساء العاملات في مجالي السينما والسمعي البصري، سواء في الفضاءات المفتوحة أو المغلقة أو حتى في فضاءات الترفيه الثقافي.

رجاء خيرات

المغرب ـ دعت مشاركات في المائدة المستديرة إلى حماية النساء العاملات في مجالي السينما والسمعي البصري، وتوفير فضاءات آمنة، مطالبات بالمساواة والمناصفة، سواء في المناصب العليا أو مراكز صنع القرار. مؤكدات على أهمية وضع حد للعنف المبني على النوع في كل المهن التي ترتبط بالسينما، سواء كانت مهناً تقنية "مونتاج، هندسة الصوت والصور، أكسسوار، تصفيف الشعر" أو مهناً تتعلق بالتمثيل.

في ظل حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، وتزامناً مع الدورة الـ 22 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، نظمت جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة ووزارة الشباب والثقافة والتواصل والمركز السينمائي المغربي، المدرسة العليا للفنون البصرية بمراكش، مائدة مستديرة، أمس الخميس الرابع من كانون الأول/ديسمبر تحت عنوان "مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي والمساواة في قطاع السينما: أفضل الممارسات الدولية" في المدرسة العليا للفنون البصرية.

ناقشت ناشطات وخبيرات في هذا المجال العنف الذي تواجهه العملات في قطاع السينما والمجال السمعي البصري، سواء في الفضاءات المفتوحة أو المغلقة "المكاتب" أو حتى في فضاءات الترفيه الثقافي "مهرجانات، السيرك، قاعات سينمائية".

وشددن على ضرورة تجنب الصور النمطية حول النساء وعدم التطبيع مع العنف، داعيات إلى المزيد من النضال من أجل تفادي تكرار حوادث الاعتداء على النساء العاملات في المجال السينمائي. مطالبات بتوفير خط ساحن لتلقي شكاوى النساء اللواتي يتعرضن للعنف والتحرش في المجال السمعي البصري، دون الكشف عن هوياتهن، من أجل إنجاز تقارير والترافع لدى الجهات المسؤولة بشأنها.

ولفتن إلى وجود اعتداءات جنسية وتحرش بالنساء في "بلاتوهات التصوير" وأثناء إجراء اختبار الممثلات (الكاستينغ)، حيث أكدت عدد من المشاركات، استناداً على شهادات كنّ قد حصلن عليها أثناء إنجاز تقرير حول هذا الموضوع، أن عدد من الممثلات أفدنّ بأن منتجين طلبوا منهن "الكشف عن جزء معين من أجسادهن"، إلا أنهن لا يجرأن على البوح بذلك، إلا للأقرباء، دون التمكن من تقديم شكاوى.

وأشارت المشاركات إلى أنه على الرغم من وجود تشريعات وقوانين تحمي النساء من العنف في عدد من المناطق، إلا أنها تبقى غير مفعلة لأن تنفيذها يتطلب ميزانيات ينبغي الرفع منها لتفعيلها.

وأوضحن أن العديد من النساء اللواتي يعملن في السينما لا يجرأن على كسر جدار الصمت، حول ما يتعرضن له من عنف، وغالباً ما يصمتن ولا يقدمن شكاوى حول حوادث الاعتداء تجنباً لوصمة العار التي يمكن أن تلاحقهن وتمس بسمعتهن أو خوفاً من فقدان وظائفهن كممثلات، إذ يتم إبعادهن من المجال من طرف المخرجين والمنتجين.

 

"80 % من مهنيات السينما تعرضن للعنف"

وحول المائدة، أوضحت رئيسة جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان فدوى مروب أنها تعد الأولى من نوعها لتسليط الضوء على العنف ضد النساء في مجال صناعة السينما بالمغرب، والتي جاءت بعد دراسة أنجزتها الجمعية حول هذا الموضوع، وقدمتها في كانون الثاني/يناير الماضي، وكذلك من أجل تبادل التجارب والخبرات بين مختلف الفاعلات في هذا المجال للتعرف على الممارسات التي تبنتها بعض الدول المتوسطية في محاربة العنف ضد النساء.

وبينت أن هذه المائدة تندرج في إطار الحملة، وهي واحدة من البرامج التي نظمتها الجمعية يشمل فقرات أخرى، كحملات التوعية في المدارس، وإطلاق مباراة للفيلم القصير، وكذلك الحملة التوعوية في جميع القاعات السينمائية في المغرب، عبر عروض توعوية قبل عرض أي فيلم.

وأشارت إلى أن هذه المبادرة تستند إلى أول دراسة استكشافية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في قطاع السينما بالمغرب والتي نشرتها جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان، والتي كشفت أن أربع مهنيات من أصل خمسة، أي 80 %، صرحن بأنهن تعرضن أو شهدن على الأقل شكلاً من أشكال العنف، خاصة النفسي والاقتصادي والجنسي، بالإضافة إلى عدم المساواة في الأجور بين النساء والرجال، كما أن الدراسة كشفت أن الشابات في بداية مسارهن المهني هن الأكثر تعرضاً للعنف.

ولفتت إلى أن الإشكالية تكمن في كون النساء لا يجرأن على البوح وتقديم شكوى حول ما يتعرضن له خوفاً من فقدان وظائفهن.

وخلصت إلى أنه من خلال جمع المؤسسات العمومية والجمعيات المهنية ومدارس السينما والمنظمات الدولية، تهدف المائدة إلى تعزيز الحوار الوطني حول الوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي في قطاع السينما، وتثمين المبادرات القائمة وتشجيع تبني إجراءات ملموسة مستوحاة من الممارسات الدولية.

 

من أجل فضاءات آمنة للنساء

من جانبها أكدت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب مريم نصيري أن هذه المائدة التي نُظمت بالتعاون مع جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان ووزارة الشباب والثقافة والتواصل حول مناهضة العنف ضد العاملات في الحقل السينمائي والقطاع السمعي البصري، تندرج في إطار حملة "لونوا السينما بالبرتقالي" وذلك في سياق حملة الـ 16 يوماً من النضال ضد العنف الموجه ضد النساء.

وأوضحت أن "هذه المائدة تشكل مناسبة لتبادل الخبرات بين مختلف الفاعلات حول الآليات الحمائية المعتمدة من أجل توفير فضاءات آمنة معززة بالمساواة وثقافة حقوق الإنسان في قطاع السينما والسمعي البصري"، معتبرةً أن "السينما ليست فناً فقط، وإنما فضاء للعمل والتعلم والإبداع، وإذا لم تكن هذه الفضاءات آمنة بالنسبة للنساء، فلن تكون هناك حرية إبداع وحرية تعبير".

وأضافت أن هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب تعمل على إطار أكثر شمولية، بحيث ينبغي أن يكون المجال بجميع مكوناته، بما فيه المجالين الثقافي والفني عموماً معززة للمساواة بين الجنسين والوقاية من العنف "نؤمن بأن السينما يمكن أن تكون عاملاً أساسيا في التغيير، لكن ذلك يتطلب التزاماً ملموساً، وإرادة جماعية من أجل تطوير القطاع".

واختتمت حديثها بالقول إن "المغرب خطى خطوات مهمة في مجال التشريع والقوانين، لكن العنف والتمييز ضد النساء لا زال واقعاً يثقل كاهلهن ويتطلب الكثير من الجهود لمحاربته".
 

التوعية بأهمية التدريب

من جهتها أكدت كاتبة السيناريو البلجيكية مايا ديكامبس على أهمية التدريب في أوساط المنتجين والمنتجات والتقنيين والتقنيات وكل مهنيّ قطاع السينما والمجال السمعي البصري، موضحةً أن فرنسا تبقى نموذجاً يحتذى به في هذين المجالين.

وحول المساواة بين الجنسين في السينما، أوضحت أنها ما زالت لم تتحقق، لافتةً إلى أن المهتمين بهذا الشأن قاموا بوضع بعض الآليات من أجل الحد من العنف الموجه للمهنيات، وكذلك من أجل إقرار مبدأ المناصفة في الوصول إلى الفرص المتاحة.

ودعت إلى تعيين لجان مختصة تعمل على مراقبة ما يجري في الفضاءات المغلقة "مكاتب المنتجين" بعد التأكد من عدم وجود أيّة مصالح مشتركة مع المعنيين، من أجل مساعدة الضحايا في تقديم شكاوى بشأن الاعتداءات التي يتعرضن لها.

كما شددت على أهمية التوعية في المؤسسات التعليمية بخطورة العنف بجميع أشكاله، وكذلك في أوساط النساء ضحايا العنف في قطاع السينما، واعتبار أنهن ضحايا ولسن مذنبات، مع توفير الحماية اللازمة لهن من قبل المشغلين.