الخوف من الترحيل... لاجئات أفغانيات بلا وثائق في باكستان

مع تزايد ضغوط الحكومة الباكستانية، يُرحّل العديد من المهاجرين الأفغان حتى مع امتلاكهم وثائق قانونية، ففي الوقت نفسه، تُبرز قصص المهاجرين المعاناة الإنسانية التي تُسجّلها الإحصاءات.

بهاران لهيب

باكستان ـ لطالما أشارت التقارير والتحليلات إلى أن بداية معاناة الشعب الأفغاني كانت في السابع من عام 1978؛ فرغم عدم وجود حكام ذوي شعبية في السلطة قبل ذلك، لم يواجه الشعب كوارث واسعة النطاق كالحرب والجريمة والتشرد بهذه الطريقة.

بعد انقلاب عام 1978 والغزو السوفيتي لأفغانستان، بدأت موجة هجرة هائلة، فبالإضافة إلى الهجرة إلى الدول الأوروبية والأمريكية، لجأ الأفغان بشكل رئيسي إلى الدول المجاورة، خاصة إيران وباكستان، حيث شكّلت هاتان الدولتان العمود الفقري للحرب في أفغانستان، ومنذ ذلك الحين، أُجبر الناس على الهجرة إلى هذه الدول لأسباب مختلفة، لا سيما لإنقاذ حياتهم، ومنذ البداية، كان المهاجرون الأفغان يُهرَّبون إلى إيران وباكستان دون وثائق قانونية.

ومع انتشار انعدام الأمن والبطالة والفساد في مختلف الحكومات، ازدادت الهجرة بشكل كبير، وأثارت عودة طالبان إلى السلطة موجة هجرة جديدة، مما أجبر آلاف الأفغان، وخاصةً المتظاهرات ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين وأفراد قوات الأمن الحكومية السابقة وغيرهم، على مغادرة البلاد، ونظراً لارتفاع تكلفة التأشيرات الإيرانية والباكستانية، لا يستطيع العديد من الأفغان تحمل تكاليف الحصول عليها، ويضطرون إلى دخول هذه البلدان بشكل غير قانوني، ويأمل بعض هؤلاء المهاجرين في الانتقال إلى دول أوروبية أو الولايات المتحدة، لكن غالبيتهم لجأوا فقط لإنقاذ حياتهم.

في السنوات الأخيرة، مارست حكومتا باكستان وإيران ضغوطاً متواصلة على المهاجرين غير المسجلين ورحّلتهم، ومع ذلك، خلال العامين الماضيين، رحّلت باكستان حتى الأفغان المقيمين في البلاد منذ سنوات، والذين تزوجوا من مواطنين ومواطنات باكستانيين ويحملون وثائق قانونية.

ووفقاً لتقارير إعلامية أفغانية وأممية، رُحّل أكثر من 800 ألف أفغاني من باكستان منذ الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وفي الأسابيع الثلاثة الماضية وحدها، طُرد أكثر من 100 ألف شخص من مناطق مختلفة من باكستان؛ وكان عدد منهم يحمل وثائق قانونية أيضاً.

ويعتقد الخبراء أن سبب هذه الإجراءات القاسية ضد المهاجرين هو التوتر بين الحكومة الباكستانية وحركة طالبان، ويشير البعض أيضاً إلى قرب طالبان من الحكومة الهندية كعامل في هذه الضغوط، وفي هذا السياق، صرّح وزير الخارجية الباكستاني "إن سبب طرد المهاجرين الأفغان هو مساعدتهم لحركة طالبان الباكستانية وتفاقم انعدام الأمن في البلاد".

لمعرفة المزيد عن وضع اللاجئين، قالت لاجئة أفغانية تعيش في باكستان تدعى سونيا كريمي، ناشطة في مجال حقوق الطفل في أفغانستان، إنها اضطرت لمغادرة البلاد بسبب تهديدات أمنية "عبرنا حدود تورخام بدفع أموال لمهرب متواطئ مع طالبان والشرطة الباكستانية، زعموا أننا مرضى ونحتاج إلى علاج لعبور الحدود"، مضيفةً "اضطررنا لمغادرة أفغانستان لأن حياتنا كانت في خطر، ظننا أننا قد نحيا حياة أكثر حرية وأماناً، لكننا الآن نعيش كسجناء في باكستان، لا نغادر منازلنا خوفاً من الشرطة، واجهنا صعوبة في العثور على مسكن للإيجار، ولأننا لم نكن نملك وثائق، استأجر لنا صديق منزلاً، والآن نعيش معه في ذات المنزل، كما أنه مضطر لتجديد تأشيرته شهرياً، وهو أمر صعب عليه".

قالت سونيا كريمي عن معاملة الشرطة الباكستانية "إنها تداهم المنازل، وتعتقل السكان، ثم تعيدهم إلى أفغانستان أو تطلق سراحهم مقابل مبالغ طائلة"، مؤكدةً أنه "حتى أولئك الذين يحملون وثائق قانونية لا يجدون بسهولة منزلاً أو وظيفة، يعيش الناس في خوف وتوتر من الترحيل، الهجرة صعبة للغاية، والحياة في المنفى مستمرة في ظل صعوبات اقتصادية وتهديدات مستمرة".

 

قصة سونيا كريمي ليست سوى واحدة من آلاف قصص الهجرة القسرية للأفغان إلى الدول المجاورة؛ قصص مرتبطة بالألم والخوف والظلم وعدم اليقين، وبينما التزم المجتمع الدولي الصمت إلى حد كبير في مواجهة هذه الأزمة الإنسانية، لا يزال اللاجئون الأفغان يعيشون على حافة العجز والتهديد؛ بأمل خافت ولكنه حي في حياة أكثر أماناً وحرية وإنسانية.