الجزائر تُقصي صوت الذاكرة والعدالة... ترحيل تعسفي لناشطة في مجال حقوق الإنسان
تعرضت الناشطة ورئيسة جمعية عائلات المفقودين في الجزائر وعضوة الاتحاد الأورومتوسطي ضد الاختفاء القسري نصيرة ديتور، إلى ترحيل تعسفي من المطار رغم كونها مواطنة جزائرية ولم تكن محل أي قرار قضائي يمنعها من دخول البلاد.

الجزائر ـ يُعد ترحيل الناشطة الحقوقية نصيرة ديتور من الجزائر انتهاكاً واضحاً لحقها في التنقل كمواطنة جزائرية، ويعكس نهجاً متواصلاً للتضييق على المجتمع المدني، على الرغم من أنها ناضلت لسنوات ضد الاختفاء القسري بعد فقدان ابنها، وباتت تمثل ذاكرة تُحرج السلطات وترفض تجاهل الحقيقة.
في خطوة أثارت صدمة واستنكاراً واسعين، تعرضت نصيرة ديتور رئيسة جمعية عائلات المفقودين في الجزائر والاتحاد الأورومتوسطي ضد الاختفاء القسري، إلى ترحيل تعسفي من مطار هواري بومدين بالجزائر في 30 تموز/يوليو الفائت، رغم كونها مواطنة جزائرية ولم تكن محل أي قرار قضائي يمنعها من دخول البلاد.
نصيرة ديتور، وهي من أبرز الوجوه الحقوقية في المنطقة منعت من دخول وطنها الذي ناضلت من أجله طيلة ما يقارب ثلاثة عقود، بعدما اختُطف ابنها أمين عمروش في كانون الثاني/يناير 1997ولا يزال مفقوداً حتى اليوم.
وفور وصولها إلى الجزائر احتُجزت نصيرة ديتور في مركز حدود المطار لمدة ثلاث ساعات، حيث خضعت لاستجواب من طرف الشرطة دون توضيح الأسباب قبل أن تُرحل على متن رحلة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية إلى باريس، في خرق صارخ للدستور الجزائري والقانون المنظم لإقامة وتنقل الأجانب علماً أنها مواطنة جزائرية وتحمل الجنسية الجزائرية.
ولم يصدر عن السلطات أي تبرير رسمي لهذا الإجراء، الذي اعتبرته منظمات حقوقية محاولة صريحة لإسكات الأصوات المستقلة والتضييق على المجتمع المدني.
نصيرة ديتور ليست مجرد ناشطة، بل رمز لذاكرة جماعية ما تزال تناضل من أجل الكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة في واحدة من أعمق جراح الجزائر الحديثة، كرست حياتها للدفاع عن ضحايا الاختفاء القسري الذين يُقدر عددهم بأكثر من 8000 شخص اختفوا خلال سنوات العنف السياسي في التسعينيات، وسط صمت رسمي مستمر وإفلات تام من المحاسبة، وجود نصيرة ديتور في الجزائر يُربك السلطة لا لأنها تهدد الأمن بل لأنها ترفض طي صفحة لم تُقرأ بعد، وتحمل شهادات موجعة عن معاناة آلاف العائلات التي تنتظر الحقيقة منذ عقود.
وفي بيان مشترك، دعت جمعية عائلات المفقودين والاتحاد الأورومتوسطي ضد الاختفاء القسري إلى موقف دولي واضح تجاه ما وصفته بالانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان، وطالبت بالسماح لنصيرة ديتور بحرية التنقل داخل بلدها، واحترام التزامات الجزائر الدولية في مجال حماية المدافعين عن حقوق الإنسان.
وشدد البيان على أن مثل هذه الإجراءات لن تُسكت المطالبين بالحقيقة، بل تكشف حجم الخوف من الذاكرة التي تمثلها شخصيات مثلها، وتعليقاً على الواقعة قالت نصيرة ديتور "ابني مفقود وها أنا أُمحى بدوري لكن ما دمت قادرة على الكلام فسأفعل من أجله، ومن أجل الأخرين، من أجل ذكراه ومن أجل العدالة".