"الفئات المهمشة، واقع وتطلعات" عنوان مؤتمر النفسانيين الثالث في لبنان

تناولت مشاركات في مؤتمر النفسانيين الثالث في لبنان، المعاناة التي تمر بها الفئات المهمشة من مسنين وذوي إعاقة والأقليات الجندرية والجنسية وضحايا العنف الأسري، وما يمكن العمل به للتوصل إلى حلول ناجعة لهذه المعاناة على المستوى الشخصي والمجتمعي.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ عقدت نقابة النفسانيين في لبنان مؤتمرها الثالث تحت عنوان"الفئات المهمشة، واقع وتطلعات" بمشاركة أكثر من 500 معالج ومعالجة نفسية ومن كافة المناطق اللبنانية، والذي عقد تحت رعاية وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد، وقد تضمن المؤتمر أربعة محاور، ناقش فيها المشاركين واقع وتطلعات الفئات المهمشة ضمن الظروف التي يعانون بها، وصولاً إلى حلول وتدخلات يمكن أن تحسن أوضاعهم وسط الظروف المحيطة.

بدأ المؤتمر بتقديم من مسيرة المؤتمر ميسم صعب، ثم بكلمة ترحيبية من نقيبة النفسانيين في لبنان ليلى عاقوري ديراني، وبكلمة لوزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد، ليبدأ المحور الأول حول "دعم كبار السن، من التقييم إلى الرعاية"، أما المحور الثاني فكان حول "الأمراض النفسية والعصبية النمائية، التحديات الأخلاقية والنفسية"، والمحور الثالث حول "التحديات الصحية النفسية للأقليات الجنسية والجندرية"، أما المحور الرابع والأخير فقد تمحور حول "العنف المنزلي: واقع الضحايا والمعتدين".

قالت ليلى عاقوري ديراني نقيبة النفسانيين وهي أول امرأة تحتل هذا المنصب في لبنان "نقابتنا نقابة فتية تأسست في آذار 2022، وحالياً لدينا 1300 عضواً في النقابة بالفرعين عيادي وتربوي، ونعمل في الشأن النفسي والمداخلات ومساعدة الأطفال الذين يواجهون صعوبات تعليمية، فكل ما له علاقة بالتهميش له علاقة بالصحة النفسية".

وأضافت "يشعر الأفراد بالتهميش لأسباب متعددة، وقد ركزنا على كبار السن الذين يعانون من إعاقات واضطرابات ذهنية، بالإضافة إلى أولئك الذين يواجهون تحديات في هويتهم الجندرية. فهذه الفئات، إلى جانب شعورها بالتهميش الذاتي، تعاني من تهميش مجتمعي أكبر، مما يزيد من تفاقم اضطراباتهم النفسية ومعاناتهم من حالات نفسية صعبة للغاية. ونسعى من خلال عملنا كأخصائيين نفسيين في بلادنا إلى تسليط الضوء على هذه القضايا، كجزء من جهودنا للتغيير نحو حياة أفضل لكل فرد في مجتمعنا".

وعن العنف الأسري في لبنان، لفتت إلى أن المرأة تلعب دوراً أساسياً في المجتمع، لكنها تتحمل مسؤوليات أكبر من الرجل بسبب عدم توزيع المسؤوليات بشكل عادل، مؤكدة أن التقاليد والعقليات البالية تزيد من معاناة المرأة، خاصة فيما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية التي تهمش حقوقها.

وأشارت ليلى عاقوري ديراني إلى ضرورة معالجة الرجال الذين يمارسون العنف، وضرورة تغيير الأفكار المجتمعية التي تبرر التعنيف، لتتمكن المرأة من المطالبة بحقوقها دون خوف أو خجل.

 

 

من جانبها قالت المعالجة النفسية غادة الهواري خلال المؤتمر الثالث لـ "نفسانيون" الذي يركز على الفئات المهمشة في لبنان، إن المؤتمر يستهدف كبار السن وذوي الإعاقات والنساء المهمشات.

تشارك غادة الهواري بصفة معالجة نفسية وبخبرة في العمل مع النساء، حيث بدأت مع جمعية "كفى" وركزت دراستها للماجستير على النساء المغتصبات في الطفولة وتأثير ذلك على ردود أفعالهن في الرشد، وأجرت دراستها في عدة مناطق لبنانية، وعبّرت عن صدمتها من نتائج الدراسة التي أظهرت مستويات مرتفعة من العنف الجسدي والجنس في المجتمعات التي تعتبر محافظة.

وأشارت إلى أن العنف لا يقتصر على الضرب، بل يشمل أيضاً العنف الاقتصادي الذي يمارس ضد النساء، خاصة في القرى، موضحةً أن بعض النساء يعملن لكنهن لا يحتفظن برواتبهن، حيث يتم استغلالهن من قبل الأقارب، وليس فقط الأزواج.

خلال ندوات التوعية، اكتشف العديد من المشاركين أن مفهومهم للعنف كان محدوداً، حيث اعتقدوا أنه يقتصر على الضرب، وتدعو غادة الهواري النساء إلى إدراك حقوقهن والمطالبة بالعدالة في المجتمع.

 

 

بدورها أشارت أخصائية طب العائلة جنان الأسطة إلى انتشار العنف ضد المرأة في المجتمعات، والذي يتخذ أشكالاً متعددة مثل العنف الجسدي والاقتصادي.

تناولت جنان الأسطة في مداخلتها دراسة أجرتها مع "صندوق الأمم المتحدة للسكان" حول قلة الخدمات النفسية المتاحة للنساء، وارتفاع تكلفتها مما يمنعهن من الاستفادة منها، مؤكدة على أهمية تعزيز مفهوم "المرونة" لدى النساء، حيث أن العنف يؤثر على نفسيتهن وصحتهن الجسدية، وقد يؤدي إلى أعراض جسدية مثل آلام البطن والصداع، موضحةً أن تعزيز هذه المرونة قد يساعد في تخفيف معاناتهن في ظل الظروف الصعبة التي يواجهنها.

وتابعت "تظهر الدراسة أن المرونة لدى النساء تحميهن من التأثيرات الجسدية للعنف، حيث تعمل كدرع واقٍ. تشمل وسائل الحماية الرياضة، العمل، التعليم، وتحديد الأهداف، مما يساعدهن على التفكير بشكل أوسع والتكيف مع ظروفهن. الهدف الشخصي يعزز من قدرتهن على التعامل مع التجارب الصعبة دون الوصول إلى صلابة في التفكير".

 

 

وتحدثت الدكتورة ريتا مرهج عن مشاركتها في مؤتمر حول تأثير الوصمة الاجتماعية على ذوي الإعاقة العقلية في لبنان، مشيرة إلى أهمية دمجهم في سوق العمل بعد إنهاء دراستهم، مؤكدة على وجود نظام تربوي دامج في المدارس، لكنها سلطت الضوء على التحديات التي يواجهها هؤلاء الأفراد في الحصول على وظائف، حيث يواجهون تمييزاً في سوق العمل.

واستعرضت ريتا مرهج في محاضرتها "نظرية التواصل" في علم النفس الاجتماعي، مشددة على ضرورة تعزيز التواصل بين ذوي الإعاقة العقلية وأقرانهم من غير المعاقين منذ الصغر لضمان دمجهم الفعّال.

ولفتت إلى أن "المرأة في لبنان تعاني من وضع ضعيف، وهو حالها في معظم أنحاء العالم، وليس فقط في بلادنا. فكيف سيكون الوضع بالنسبة للمرأة التي تعاني من إعاقة عقلية؟ هنا تتضاعف المشكلة. ما أود طرحه هو أهمية تعزيز التواصل مع هؤلاء الأفراد وزيادة ظهورهم في المجتمع، بمعنى أن نراهم ونتفاعل معهم، وهذا لا يتطلب أي تكاليف مالية. إذا تمكنا من تحقيق هذين الهدفين، سنكون قادرين على بناء مجتمع أكثر تقبلاً لهم، مما يسهل عليهم الاندماج في سوق العمل".