آلاف التونسيين يطالبون بصون الحريات العامة والفردية
ينظر للاحتجاج كونه مؤشراً على التوتر بين السلطة والمعارضة والمجتمع المدني بعد انقطاع الحوار بشكل نهائي بينهم منذ تموز/يوليو 2021 عقب تجميد البرلمان ما أدى إلى هذا الانسداد السياسي في البلاد.
تونس ـ احتج آلاف التونسيين مساء أمس السبت 22 تشرين الثاني/نوفمبر، بالعاصمة تونس، مطالبين السلطة برفع الظلم وبعودة الديمقراطية وصون الحريات العامة والفردية وذلك ضمن مسار من التحركات الواسعة التي تعيشها البلاد منذ فترة.
كان هذا الاحتجاج هو الاحتجاج الثالث في غضون أسبوع فقط، حيث ارتدى المتظاهرون ملابس سوداء حداداً على ما اسموه بتقهقر الوضع ورفعوا شعارات على غرار "حريات حريات دولة البوليس وفات"، "يكفي من القمع والاستبداد" "الشعب يريد إسقاط النظام" "الحرية للمساجين والسجينات". واستنكر هؤلاء تحول البلاد إلى "سجن كبير" مفتوح.
وايضاً شدد المحتجين على أهمية تأمين محاكمات عادلة للنشطاء والناشطات المسجونين، وإطلاق سراح المعتقلين، وتنقلب المسيرة إلى أمام المجمع الكيميائي بالعاصمة ورفعت شعار "الشعب يريد تفكيك الوحدات" في إشارة للأزمة البيئية وأزمة التلوث بولاية قابس.
التنكيل بالمعتقلين
وقالت إسلام شامخي، وهي زوجة معتقل سياسي، لوكالتنا، إن الراية التي جمعت الآلاف اليوم هي تونس وشعار "إطلاق سراح المعتقلين، لنبني وطننا معاً"، لافتةً إلى أن زوجها معتقل منذ عامين ونصف ولم يتمكن كل هذه المدة من رؤية أطفاله "ترك ابنه وهو في سن الرابعة من عمره واليوم بلغ السبع سنوات، لا يعرف ملامحه حتى".
وأشارت إلى سياسة التنكيل بالمعتقلين، علاوة على ظروف سجنية صعبة للغاية لا تراعي الاتفاقيات الدولية ولا القوانين الوطنية "إقامة سجنية صعبة، زوجي بات مريضاً، يعاني من آلام في الظهر ومشاكل في الساق اليسرى ويتألم دون متابعة طبية ولم يتلقى العلاج برغم تدخل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان".
وتطرقت إسلامي شامخي إلى ظروف الاعتقال ومنعه حتى من التنزه داخل السجن، داعية إلى التدخل وانجاد زوجها الذي يعاني من وضع صحي ونفسي صعب بسبب المرض "رغم التنكيل بنا نحن أبناء تونس يوماً ما ستتحرر البلد".
"تونس أصبحت سجن مغلق"
بدورها اعتبرت الناشطة في المجتمع المدني ناجية عجمي، أن المسيرة الاحتجاجية وحدت صفوف المعارضة من اليمين إلى اليسار خاصة مع هذا الوضع الصعب الذي تمر به البلاد "تونس أصبحت مثل السجن المغلق، أبرياء يسجنون دون ذنب وبسبب كلمة وقضاء يسير بالتعليمات، إضافة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يقاسيها التونسي حيث بات عاجزاً عن توفير متطلبات الحياة الكريمة اليومية مع هذا الغلاء الفاحش وانهيار الدينار، وأصبحنا نتذيل قائمة الدول في كل شيء من ناحية الصحافة والعمل السياسي الحر".
وطالبت بإطلاق سراح الموقوفين والنظر في الملفات بعين القانون والقضاء الحقيقي خاصة مع وجود معتقلين في إضراب عن الطعام وهم على حافة الموت، مضيفةً "نقول يكفي من العبث وتكميم الأفواه".
تتهم السلطة الحاكمة منذ عام 2019 خصومها بالسعي إلى تفكيك الدولة من الداخل، والتواصل مع جهات خارجية، والتآمر على أمن البلاد. في المقابل، ترى المعارضة ومنظمات المجتمع المدني أن الرئيس قيس سعيد يمارس سياسة تقوم على ملاحقة الخصوم، التضييق على حرية التعبير، والتغاضي عن انتهاكات في السجون، وهي اتهامات تنفيها وزارة العدل. ومع ذلك، تواصل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التأكيد على أن السلطة تمارس ضغوطاً وتضييقات ممنهجة.