'ألا يكفيكم الصمت عن مآسينا؟ تحركوا لأجل أطفالنا وصرخاتنا'
استهداف مراكز الإيواء من قبل القوات الإسرائيلية لا يزال مستمراً، حيث يقتل العشرات من المدنيين يومياً غالبيتهم من النساء والأطفال في مشهد يعكس فداحة الأوضاع الإنسانية.
نغم كراجة
غزة ـ فاجعة مروعة شهدها قطاع غزة أمس السبت 21 أيلول/سبتمبر، قتل خلالها العشرات من المدنيين جلّهم من النساء والأطفال، إثر غارة جوية عنيفة شنتها القوات الإسرائيلية على أحد مراكز الإيواء في حي الزيتون شرقي القطاع دون سابق إنذار.
أودت الغارة الجوية التي شنتها القوات الإسرائيلية على أحد مراكز الإيواء بحياة ما يزيد عن 15 طفلاً وسبع نساء على الأقل ولا زال العدد مرشح للزيادة.
ومن بين الشهادات المؤلمة التي ارتفعت أصواتها هدى طافش، والدة أحد الأطفال الذين قتلوا في مجزرة حي الزيتون، تقول وهي تبكي بحرقة "كنت قريبة من الطوابق المستهدفة، وأطفالي الثلاثة كانوا يلعبون في ساحة المدرسة فجأة، تحول المكان إلى سحابة من الغبار الأبيض الكثيف، وامتزجت رائحة البارود بالهواء، فيما بدأت الحجارة تتساقط علينا كالمطر وسط صراخ الأهالي النازحين في المدرسة".
وأشارت إلى اللحظة التي تحولت فيها حياتها إلى مأساة لا تنتهي، حيث هرعت بشكل مذعور لتبحث عن أطفالها وسط الفوضى والدخان الكثيف، لتكتشف لاحقاً أن ابنها أحمد قد فارق الحياة على الفور بعد أن إصابته بشظايا قاتلة في جسده الصغير.
عندما استوعبت أن فلذة كبدها قد ذهب إلى غير رجعة، بدأت تسير بلا وعي وهي تردد "راح أحمد… راح أحمد"، وكأنها تحاول إقناع نفسها بشيء لا يمكن لعقلها ولا قلبها تصديقه، وحملت جثمان ابنها بيدين مرتجفتين إلى المستشفى، المكان الذي احتضن جسده الصغير بعدما توقف قلبه إلى الأبد "ابنتيّ أيضاً أصيبتا بجروح خطيرة، وهما الآن ترقدان في العناية المركزة، ولا أعلم ما إذا كانتا ستعيشان أم لا"، هذا ما قالته بصوت متهدج مملوء بالحزن والقلق على مصير طفلتيها.
وتعتبر هذه المجزرة التي ارتكبت بدم بارد جريمة تفوق في وحشيتها كل تصور، حيث لم تفرق القذائف بين طفل صغير أو امرأة، مستهدفة من هم في أمس الحاجة إلى الأمان والحماية، وتحولت مشاعر الحزن العميق إلى غضب عارم بين سكان المنطقة الذين يرون أن هذا الاعتداء لا يمكن أن يمر دون محاسبة.
"لن نصمت عن هذه الإبادة الجماعية" قالت هدى طافش في رسالة مشحونة بالغضب والألم، مطالبة العالم بالتحرك الفوري لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، والوقوف في وجه هذا العدوان السافر، لقد طفح الكيل، متى سيتوقف هذا الظلم؟ "الأمر لا يتعلق فقط بفقدان الأرواح، بل بتدمير الأمل في جيل كامل، الأطفال الذين كان من المفترض أن يعيشوا حياة مليئة بالأحلام والطموحات، تحولوا إلى ضحايا لصراعات أكبر منهم، ولم تترك لهم فرصة ليكبروا ويشاركوا في بناء مستقبلهم، هذا الهجوم الشنيع يسلط الضوء على وحشية تتجاوز الحدود، وتتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي لوقف هذا النزيف المستمر".
واختتمت هدى طافش حديثها بنداء موجه للعالم بأسره "ألا يكفيكم الصمت عن مآسينا؟ تحركوا لأجل أطفالنا وصرخاتنا، لا نريد سوى العيش بكرامة، وأن يتوقف هذا القتل العبثي الذي لا يرحم".