زينب القادري: العنف عالمي ويمكن المساهمة في تغيير الصور النمطية للمرأة عبر المسرح

دقت مسرحية REFUGE الملجأ ناقوس الخطر حول ظاهرة العنف المتفشية في كل المجتمعات، والتي أكدت أن العنف ضد النساء لا يرتبط بمجتمع معين وإنما هو عالمي.

حنان حارت

 المغرب ـ أكدت الفنانة زينب القادري أن صورة المرأة في المسرح والسينما والتلفزيون لا زالت خاضعة للهيمنة الذكورية، لكن برغم ذلك هناك جيل جديد انخرط في عملية النضال عبر إخراج أعمال تساهم في تغيير العقليات ومناهضة العنف الذي تتعرض له النساء في المجتمع المغربي.

تشارك الفنانة المغربية زينب القادري في مسرحيةREFUGE)  الملجأ) لفرقة مسرح أرلكان، التي تتطرق للعنف الزوجي بمختلف أشكاله والمستوحاة من قصص واقعية مقتبسة من ملفات جمعية نسائية بلجيكية، وفي حوار مع وكالتنا أوضحت أن المسرح باعتباره أبو الفنون، فإن أهميته وتأثيره كبير على الناس، فمن خلاله يمكن إيصال رسائل لأصحاب القرار، وللمجتمع وللأسر من أجل تغيير الصور النمطية للمرأة المعاكسة لتيارات التطور.

وأكدت على أهمية التضامن النسوي، لأنه يساعد في معرفة نضالات النساء، وخاصة لدى النساء المعنفات لأنه يعزز قدرتهن على مقاومة العنف، لاسيما إذا كان هذا التضامن منظماً.

وترى أن قانون 13ـ 103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء برغم كونه مكسباً للمغربيات، إلا أنه لم يستطع وضع حد لظاهرة تعنيف النساء في المجتمع، فلا زالت المرأة تعاني من العنف بكل أشكاله، ولم تخف آمالها في تعديل هذا القانون بما يضمن الحماية والوقاية للنساء.

مسرحية "الملجأ" التي تقدمين فيها أدوراً متعددة، تختزل عوالم مجموعة من النساء اللواتي تتعرضن للعنف بمختلف أشكاله، هلا حدثتنا عن هذه المسرحية؟

مسرحية REFUGE هي لدق ناقوس الخطر حول ظاهرة العنف المتفشية في كل المجتمعات، فالعنف ضد النساء لا يرتبط بمجتمع معين وإنما هو عالمي، فهي مسرحية تنقل مرارة الواقع وجسامة الظلم ووحشية العذاب، الذي عاشته نساء في كنف الزوجية في أمكنة مختلفة من هذه الأرض، حيث تروى الحكاية على ألسنة شابات قضين أوقات متجزئة من طفولتهن رفقة أمهاتهن في ملجأ النساء ضحايا العنف، وتعاهدن على أن يعدن للمكان نفسه بعد خمس عشرة سنة وتروين للعالم أسرارهن كاملة حتى لا تبقى معاناة أمهاتهن رهينة الجدران.

وقد تم العمل في الكتابة على ملفات واقعية بقيت مغلقة لسنوات، وفتحت عن طريق الصدفة، وكانت ذات نقاش عابر بين مخرج المسرحية ونساء مناضلات في جمعية تعنى بقضايا النساء والهجرة ببلجيكا.

وقد تم العرض الأول للمسرحية، في 26 تشرين الأول الماضي من قبل فرقة مسرح أرلكان، بالشراكة مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية في المغرب.

هل يمكن أن نخدم قضايا النساء ونحارب العقليات الذكورية المستصغرة لهن بالفن؟

الفن بشكل عام له رسالة نبيلة، ومنها المسرح الذي له أهمية وتأثير كبيرا على الناس، فيمكن من خلاله إيصال رسائل لأصحاب القرار، وللمجتمع وللأسر من أجل تغيير الصور النمطية للمرأة المعاكسة لتيارات التطور، خاصة وأن المغربيات أصبحن اليوم تتولين مناصب قيادية فهن وزيرات ومسؤولات سياسيات وصانعات قرار.

فعلينا كفنانات ومثقفات المشاركة في عملية النضال سواء عبر المسرح أو عبر التلفزيون أو السينما، فالفنون بأشكالها العديدة هي في الحقيقة أدوات مهمة للإبداع ولديها القدرة على تغيير العقول والعقليات وعلينا الاستفادة منها من أجل إيصال الرسائل والدفاع عن حقوق النساء ومناهضة الحيف والعنف، لأنه من الممكن أن يتأثر المتفرج ويحاكي ما يعرض في أي شكل من أشكال الفنون وتصبح جزءاً من سلوكياته اليومية؛ فمثلاً إذ تعلق الأمر بالفنانين/ات الذين يناهضون العنف الممارس على النساء،  أو وجود مخرجين/ات يصفون مزايا التحلي بسلوكيات تعزز وترسخ روح ثقافة حقوق النساء من خلال تصرفات الأبطال، فإن هذه الجوانب ستكون بالطبع حافزاً نحو اعتماد المساواة في كل أنماط الحياة بين جميع الفئات العمرية وشرائح المجتمع كافة.

وجسدنا خلال المسرحية واقع مجموعة من النساء اللواتي تعرضن للعنف بمختلف أشكاله، وذلك لدق ناقوس خطر حول هذه الظاهرة، فكيف ونحن في عام 2023 لا تزال النساء تتعرضن للعنف بمختلف أشكاله، لهذا فإن مخرج المسرحية ارتآى اعتماد منهجية التوعية ودق ناقوس الخطر عما يسببه استمرار ظاهرة تعنيف النساء في المجتمع، وذلك من أجل إحداث تغيير في العقليات والسلوكيات، والتركيز على دور الأسرة في عملية التنشئة والتربية على قيم التعايش والمساواة، وإشراك الرجل ومختلف الفاعلين في التصدي لإشكالية سيادة العقليات الذكورية والتصدي لخطاب العنف والتمييز وعدم تكريس الصور النمطية للمرأة.

غالباً ما تكرس الأعمال الفنية للصور النمطية للمرأة، برأيك من المسؤول عن ذلك؟

عند الحديث عن واقع صورة المرأة في المسرح والسينما والتلفزيون، نلاحظ أن المرأة لا زالت خاضعة للهيمنة الذكورية، حيث تظهر في مختلف الأدوار تمارس نفس المهام التي حصرها المجتمع فيها، فقد نرى أن المرأة خائفة ولا تشعر بالأمان والحرية وهي في الشارع لأنها تخشى من التعرض للتحرش والعنف، وفي بعض الأعمال الفنية يختزل دورها في ربة البيت، وفي حال كانت عاملة فإنها تظهر وهي تواجه مشاكل مع شريكها، فلا يتم تقديم حلول للموازنة بين العمل والبيت، فهناك قوالب نمطية مبتذلة، لا تعطي للمرأة أدواراً رئيسية ولا تتناول قضاياها بشكل عادل.

أما حينما نتحدث عن المسؤول عن تكريس الصور النمطية للمرأة في الأعمال الفنية، أظن أن الأمر يتعلق بمشاكل في الكتابة، وبرغم ذلك لا يمكن إنكار أن هناك أعمالاً تم فيها تسليط الضوء على نساء ناجحات في مختلف جوانب حياتهن، وأن هناك جيلاً جديداً بدأ يتناول قضايا النساء ويناهض العنف والتحرش الذي تتعرض له النساء في المجتمع، من خلال مجموعة من الأعمال الفنية، والهدف بطبيعة الحال هو المساهمة في تغيير العقليات وترسيخ مبادئ المساواة والإنصاف في المجتمع.

هل يمكن للتضامن النسوي والتنسيق بين كل الفعاليات في مختلف المجالات النهوض بواقع النساء؟

انطلاقاً من أن المرأة تستحق في مجتمعاتنا حياة أفضل، فالتضامن النسوي والتنسيق بين مختلف الفعاليات المدنية والسياسة والفنية والثقافية وغيرها، مهم جداً من أجل النهوض بوضع النساء، لأن التضامن يساعدنا على معرفة نضالات النساء وكيف واجهن المشكلات، وبالتالي اكتساب الخبرات، كما أن التضامن مع النساء المعنفات يعزز قدرتهن على مقاومة العنف، لاسيما عندما يكون هذا التضامن منظماً في إطار عمل جماعي وإطلاق حملات تحسيسية وتوعوية واضحة، من أجل إزالة كل العوائق التي صنعتها الثقافة المجتمعية القائمة على الحيف و التمييز.

وحين حديثنا عن التنسيق فإن عرض مسرحية REFUGE لم يكن ليحدث لو لم يتحقق ذلك التنسيق بين مخرج المسرحية ومختلف الفاعلين الذين ساهموا في إخراج المسرحية للوجود.

من هذا المنطلق فإن التنسيق والتضامن ضروريان وأمران ملحان من أجل تسليط الضوء على قضايا النساء ومعالجتها ومن ثم النهوض بوضعية النساء في كل بقاع العالم.

 فتحقيق الانتصار في قضايا النساء، يتطلب منا أن نبذل جهوداً كبيرة من أجل التغلب على التنشئة الاجتماعية القائمة على التمييز والحيف لتطوير أدوات التضامن وتشكيل شبكات وتنسيقات وطنية ودولية مع أطراف متعددة.

ونحن على أبواب حملة 16 يوماً لمكافحة العنف ضد النساء، برأيك هل يعتبر سن القوانين كافياً للقضاء على العنف؟

قانون 13ـ 103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، والذي صدر عام 2018 يعد مكسباً للنساء المغربيات، وبرغم إقراره إلا أنه لم يستطع وضع حد لظاهرة تعنيف النساء في المجتمع المغربي، فلا زالت المرأة تعاني من العنف بكل أشكاله، وذلك لوجود صعوبات كثيرة تواجه تطبيقه على أرض الواقع.

فعندما نتحدث عن الإغتصاب الزوجي والذي تطرقنا له في مسرحية  REFUGEفإن قانون محاربة العنف لا يذكر بشكل شفاف الاغتصاب الزوجي ولا يوفر الحماية القانونية من الإغتصاب الزوجي، حيث لا يتم تجريم هذا النوع من الاغتصاب بنص خاص.

وبما أن المغرب يتجه نحو تحسين وضعية النساء المغربيات وضمان حقوقهن، وفتحه لورش مراجعة وتعديل مدونة الأسرة، نأمل أيضاً أن يتم تعديل قانون محاربة العنف، وأن تعمل المنظمات الحقوقية والنسائية على بذل المزيد من الجهود عن طريق الترافع والضغط على صناع القرار من أجل العمل على تعديل هذا القانون بما يضمن الوقاية والحماية لهن.