رنيم الأحمد

الطبقة ـ في وقت تتجه فيه غالبية النساء والفتيات للفن التشكيلي اختارت مرح حطاب ابنة منطقة الطبقة بشمال وشرق سوريا أن تلون الأحجار، لتحافظ بذلك على أقدم أشكال الرسم التي عرفتها البشرية.

في عام 2018 اكتشف العلماء أقدم رسمة خطها الإنسان على صخرة صغيرة جداً في جنوب إفريقيا، ويبلغ عمر هذه الرسمة نحو 73 ألف سنة، وتظهر فيها خطوط متقاطعة على الحجر بصبغة حمراء من أكسيد الحديد، لتمثل أول رسم تجريدي مكتشف، حيث استخدم الإنسان أداة تشبه قلم التلوين لنقش رسمته على الحجر.

تقول مرح حطاب (29) عاماً أنها خبأت القطع الفنية التي عملت عليها لسنوات عندما سيطر داعش على منطقة الطبقة، معتبرةً أن وجوده أثر على حياتها لكنه لم يؤثر على فكرها. مستذكرة بداية تعلقها بالرسم على الأحجار "لاحظ من حولي تعلقي بالرسم وحب الألوان منذ الطفولة، فكنت أقضي وقتاً طويلاً بالرسم على الجدران ورسمت على القماش أيضاً". مبينه أنه "شكّل فن الرسم على الحجارة شغفي الأول وبدأت العمل على تطوير نفسي وأكملت التعليم ودخلت معهد إعداد المدرسين ودرست الرسم".

وبعد تحرير منطقة الطبقة قبل 8 سنوات نظمت لنفسها معرضاً واحداً وحظي بإعجاب الكثيرين ممن يهتمون بالفن، مستذكرة الفترة التي سيطر فيها داعش على المنطقة قائلةً إنها حافظت على موهبتها وكانت ترسم سراً "داعش لم يؤثر على فكري فأكملت الرسم في منزلي ولم أتوقف عنه".

وبينت أنه بعد تأسيس الإدارة المدنية بالطبقة وفقاً لمشروع الأمة الديمقراطية الذي طرحه القائد عبد الله أوجلان، تم دعم المرأة وافتتحت العديد من المؤسسات التي تهتم بالفن ومن بينها المركز الثقافي الذي احتضن عدد كبير من النساء اللواتي تمتلكن مواهب.

وأضافت "بعد افتتاح المركز الثقافي أصبحت لدي الشجاعة للانضمام إليه وإظهار رسوماتي"، مشيرةً إلى أنه "أرسم على الأحجار لأشكل منها قصة كاملة".

دعم العائلة مهم جداً ولعل الأمهات هن أكثر من يهتم بمواهب الأطفال خاصةً إن كان للأم شغف بالفن، تقول مرح حطاب أن والدتها معلمة رسم وقد أخذت هذه الموهبة والحب للرسم منها، وتلقت الدعم لتطور من نفسها من خلال الالتحاق بدورات خاصة بالرسم في المركز الثقافي بالطبقة.

وأشارت إلى أنها لا تكتفي بذلك بل تعمل من أجل الوصول لمستويات عالية واكتساب مهارات مميزة، معتبرةً أنه "لا يمكن لأي شيء أن يقف عاتقاً أمام طريق النجاح والتميز".