رغم صغر سنها... تجيد العزف على آلة القانون

تسعى مريم شكردة من خلال ولوجها إلى عالم الموسيقى بعزفها على آلة القانون على دعم حقوق المرأة.

حنان حارت

المغرب ـ تعتبر مريم شكردة أصغر عازفة على آلة القانون، أن الموسيقى والفن بشكل عام وسيلة لإيصال أي رسالة إلى كل الفئات بشكل أسرع، ويمكن الاستفادة منها من أجل دفاع النساء عن حقوقهن.

تبدع الشابة مريم شكردة البالغة من العمر 16 عاماً، في العزف على آلة القانون، التي طالما كانت حكراً على الرجال في المغرب.

وعن شغفها بعالم الموسيقى واختيارها للعزف على آلة القانون تقول "حبي للموسيقى بدأ منذ الصغر، ومع مرور السنوات زاد اهتمامي بها، وبمجرد وصولي لمرحلة الإعدادية قررت الانضمام إلى المعهد الجهوي للموسيقى والفن الكولغرافي بمدينة فاس المغربية، وبينما كنت أستعد للتسجيل بالمعهد، شد انتباهي أحد الملصقات التي كانت تحتوي على صور وتاريخ الآلات الموسيقية، وكان من ضمنها آلة القانون، حيث كانت تختلف عن باقي الآلات لاحتوائها على عدد كبير من الأوتار، كما سمعت أن العزف عليها صعب، وأنها كانت عبر التاريخ حكراً على الرجال، ما دفعني إلى التحدي وتعلم العزف عليها".

وعن الصعوبات التي واجهتها في بداية مشوارها أوضحت "من يود تعلم العزف على آلة القانون يبدأ باستكشافها أولاً لخلق علاقة ما بين العازف/ة والآلة، ثم يأتي بعدها التدريب المتواصل، فالعزف عليها شديد الصعوبة، فهي تحتاج لمهارات دقيقة لضبط أوتارها، فكل نغمة يتم ضبطها على ثلاثة أوتار بذات التردد، حتى تصبح متناغمة مع الصوت المصاحب لها سواء كان غناء أو آلة موسيقية أخرى"، مشيرةً إلى أن هذه البدايات كانت صعبة، خاصة أنه كان عليها الموازنة بين دراستها والفن الذي تسعى إلى تعلمه.

وبينت حرصها على حضور كل الحصص في المعهد من أجل ضبط الإيقاعات، حيث تمكنت من تنظيم وقتها حتى لا تتأثر دراستها ولتحقق هدفها وحلمها "لا يزال الطريق أمامي صعب حتى أصل إلى إتقان اللعب على أوتار القانون كما أريد، فالعزف على هذه الآلة الموسيقية ليس هيناً ويتطلب تركيزاً كبيراً، وقد مضى نحو ست سنوات وأنا أتدرب وأطمح لإكمال مسيرتي بشكل احترافي".

وأشارت إلى أن الوصول إلى مرحلة القدرة على التعبير عن المشاعر والأحاسيس الداخلية من خلال العزف تتطلب سنوات من الجهد والتدريب والممارسة، فكل دقيقة عزف هي حصيلة تمرين يوم "بالإضافة للتدريب في المعهد أخصص ما لا يقل عن ساعتين للتدريب في البيت يومياً، بحيث أجلس بمفردي لسماع الموسيقى والتأمل والتفكير".

وعن الدعم المعنوي الذي تلقته من المشرف على تعليمها، وكذلك عن دعم أسرتها الذي كان حافزها الأكبر نحو تطوير ذاتها تقول "تربيت في أسرة فنية، فجدتي فنانة تشكيلية، ووالدتي حريصة على توفير كل الأجواء في البيت من أجل الإبداع"، لافتةً إلى أن الأسرة هي المسؤولة الأولى عن تنمية المواهب الإبداعية عند الأبناء، فالعملية تحتاج إلى نوع من امتلاك الفراسة الممكنة للوصول إليها واكتشافها وبالتالي الاهتمام بها وتنميتها.

وبرغم صغر سن مريم شكردة فإنها تحقق خطوات جيدة كعازفة قانون، تقول "نجاح أي عازف مرتبط بموهبته القوية في السمع، فمن يسمع جيداً يعزف جيداً، ولكن الموهبة تصقلها الدراسة، فالتمرين اليومي والدراسة المستمرة تدعم الموهبة وتطورها وتمنحها أفكاراً جديدة".

وأكدت على أهمية وجود الفتيات والنساء في عالم الموسيقى لنشر الأفكار النسوية ودعم حقوق المرأة، وتعتقد أن عزف الفتيات والنساء بشكل عام الموسيقى يلعب دوراً كبيراً، وبذلك تثبتن أنهن حاضرات في كل المجالات، موضحةً أن "الفن كيفما كان بات اليوم أداة ووسيلة لإيصال الرسائل، بحكم أن الفن قريب من جميع الفئات، وحين نرغب بإيصال رسائل عن طريق الفن، فإن الرسالة تصل بكل وضوح وبشكل أسرع، وهناك عدة أفلام سينمائية وعروض موسيقية جسدت العنف الذي تتعرض له النساء مثلاً وأخرى تحدثت عن بعض قضايا النساء ومساهمتها في تغيير العقليات".

وعن أحلامها الطفولية تقول "أطمح لاستكمال دراستي وحصولي على شهادة البكالوريا، لأتمكن من ولوج الجامعة، ومن ثم تحقيق ذاتي في هذا الفن الذي أخترته، فالعزف على آلة القانون يشكل تحديات كبيرة بالنسبة لي، وأتمنى أن أصبح عازفة آلة قانون مشهورة ليس فقط على المستوى المحلي، بل أيضاً على المستوى الدولي".

وفي ختام حديثها وجهت رسالة مفادها "على الشابات ألا تيأسن، وأن تسعين إلى ممارسة هوايتهن رغم كل الظروف التي تحول دون تحقيق أهدافهن، فممارسة الإنسان لما يحب هو مصدر سعادته ودافعه نحو الإبداع واستكشاف الذات".