متحف الرقة... مرآة تعكس تاريخ المدينة العريق
تضم مقاطعة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا مواقع أثرية عديدة وتحتل مكانة بين أقدم المعالم الأثرية في العالم نظراً لتاريخها العريق، أبرزها متحف الرقة الذي يضم آلاف القطع العائدة لحقب تاريخية وعصور مختلفة.
سيبيلييا الإبراهيم
الرقة ـ يحتوي متحف الرقة على أكثر من 800 قطعة أثرية من أصل ما يقارب 8000 قطعة، نهب مرتزقة داعش جلها خلال فترة سيطرتهم على المدينة، وتعكس هذه القطع دور المرأة وتاريخ وحضارة المنطقة.
متحف الرقة المبني من الحجر المشوي أبرز الأماكن التي تعكس تاريخ مقاطعة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا، ضم آلاف القطع الأثرية التي تعرض غالبيتها للتخريب والنهب خلال فترة سيطرة مرتزقة داعش على المدينة، لكن بعد تحريرها على يد قوات سوريا الديمقراطية عام 2017 تم ترميمه وإعادة عدد من القطع إليه بينما تم تهريب عدد كبير منها إلى بعض دول الجوار منها تركيا.
وعن تاريخ المتحف قالت مديرة مكتب الأثار في الإدارة المدنية الديمقراطية في مقاطعة الرقة وسام باشا "المتحف بني عام 1861 واستخدم داراً للسرايا خلال فترة الاحتلال العثماني وفي فترة الاحتلال الفرنسي بني على انقاض السرايا سرايا أخرى عام 1926 وبعد أكثر من نصف قرن تحولت السرايا لمتحف ضم ما يقارب 8000 قطعة أثرية تعود لفترة قبل وبعد الميلاد كون الرقة مدينة تتميز بوجود العديد من المواقع الأثرية جرى التنقيب عنها لذلك كان لا بد من وجود مكان تحفظ فيه التنقيبات، المتحف مؤلف من طابقين الأول يضم العديد من القطع الأثرية تعود لحقب زمنية مختلفة منها البيزنطي والروماني، أما الطابق الثاني ضم القطع الأثرية العائدة للعصور العربية الإسلامية منها الأواني وخزف الرقة وغيرها".
وعن واقع المتحف بعد تحرير المقاطعة قالت "قامت الإدارة المدنية الديمقراطية بإزالة كافة المواد المتفجرة التي زرعها مرتزقة داعش في أماكن متفرقة من المتحف، وبالتعاون مع عدد من المنظمات المحلية تم إعادة ترميمه وجمع القطع المسروقة والحفاظ عليها، بعض القطع عائدة لتل الخويرة موقع أثري يقع على أرض سهلية بالإضافة للعديد من القطع العائد لتل البيعة (توتول) الشهير بأهميته التاريخية في منطقة الجزيرة الواقعة عند ملتقى نهر الفرات برافده نهر البليخ، من هذه القطع لوحات فسيفساء موجودة في الطابق الأرضي منه تعود للقرن الخامس الميلادي بعضها كانت أرضية للكنائس وبعضها معلقة بجدرانها، فكل حجرة فسيفسائية تروي طبيعة المنطقة التي كانت فيها، بالإضافة للوحات مصنوعة من الجص الأبيض مأخوذة من القصور العباسية الموجودة العائد تاريخها إلى القرن الثامن والتاسع تعكس مدى الاهتمام بتزين وتجميل المكان".
وأضافت "هناك قطع كيرو كوت عبارة عن دمى صغيرة وأواني فخارية صغيرة وكبيرة ولوحات جصية وتوابيت وقطع استخدمت في الصيد وأدوات لخياطة الملابس وقطع مصنوعة من البرونز تروي التاريخ العريق للمدينة، وقد تعرضت اللوحات الفسيفسائية في تل حلاوة ولوحة الغزالة للتخريب على يد مرتزقة داعش بحجة مخالفتها لمعتقداتهم، وللمتحف حديقة خلفية فيها حوض استحمام وتماثيل مقطوعة الرأس قام مرتزقة داعش بتشويهها، إلى جانب قطع كبيرة عليها كتابات بالخط المسماري، لذلك من المهم جداً الحفاظ على الآثار فلدينا مثل شعبي يقول من ليس له قديم لن يكون لديه جديد، بمعنى من ليس له تاريخ لن يكون له مستقبل، فهي تعكس أهمية المكان وأي مدينة جمالها يكتمل بوجود متحف فيها حيث يدرك الزور أهميتها من خلاله".
وعن القطع التي تدل على عظمة مكانة المرأة في العصور القديمة قالت وسام باشا "من خلال الدمة الموجودة في المتحف نرى مدى المكانة التي وصلت إليها المرأة وخير مثال على ذلك الإلهة عشتار إلهة الخصب والحب اعتبرت أنها الحياة وهي التي تعطيها الاستمرارية، وهناك تمثال لامرأة يعود لمنتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد، إلى جانبها تمثال لامرأة تحمل طفلاً لتقدمه قرباناً للإلهة، بالإضافة للعديد من القطع الأثرية التي تعكس تاريخ المرأة وحضارتها خلال مختلف العصور، فأي مكان تتواجد فيه تضيف إليه رونق وحياة".
وأضافت أن "تحتضن مدينة الرقة بين طياتها ما يقارب 700 موقع أثري، تم الكشف عن قرابة 600 منها فقط بسبب توقف عمليات التنقيب في بعض المواقع، حيث خارج سور المدينة تقع الرقة القديمة وداخله المدينة الحديثة فهذا السور هو بحد ذاته تاريخ عظيم، وهنالك قصر البنات والجامع القديم وغيرها"، مضيفةً "عندما أقمنا معرض في المتحف تفاجئ الزوار خاصة أنه تعرض للكثير من التدمير والتخريب على يد مرتزقة داعش، بدورنا نحاول الحفاظ على ما تبقى والعمل على إعادة القطع المسروقة".