من خلال رسوماتهن... فنانات تشكيليات تدون التاريخ
أكدت فنانات تشكيليات أنهن تمكن من خلال رسوماتهن تدوين واقع المجتمعات والمرأة في كل مرحلة تاريخية لتخليده بين سطور التاريخ من خلال تناقله عبر الأجيال.
يسرى الأحمد
الرقة ـ منذ بداية العصور القديمة كانت المرأة حاضرة في كافة أشكال الفنون الإبداعية والملاحم الأسطورية ومنذ بداية القرن العشرين، حضرت في الآداب والفنون منها الفن التشكيلي على نحو أبرز قدرتها الحيوية كفاعل وشريك في كافة مكونات وأسباب الحياة خاصة في تجسيد وتدوين التاريخ والحضارات المعاصرة.
اكتسبت المرأة ميزات وخصائص أكدت فيها أن لها دور في كافة نواحي الحياة، وأصبح حضورها خاصة في الفنون التشكيلية يتجاوز تلك النظرة الضيقة التي تبرزها كجسد أنثوي، إلى حضور أكثر رصانة وحيوية يتجاوز النظرة النمطية التي تركز على كونها امرأة مبدعة وشريكة في كافة الأدوار التي تؤكد مكانتها الرئيسية في النهوض والتطور، فقد تمكنت من خلال الفن التشكيلي تدوين تاريخها ونقل واقعها المعاش على مر العصور.
ويعتبر الفن التشكيلي بنوعيه الرسم والنحت على الحجر شاهد تاريخي عريق على واقع الحضارات والعصور القديمة، لذا تعتبر الفنانات أن الفن التشكيلي وسيلة للعبير عن أفكارهن وما يجول داخلهن من مشاعر، واعتبرنه أحد أبرز الفنون وتمكن من خلاله تدوين صفحات التاريخ وتجسيد كل حقبة زمنية وما كانت تتضمن من حكم وأساطير وثقافات مختلفة.
وحول مساهمة الفن التشكيلي في تدوين واقع المجتمعات والمرأة قالت الفنانة التشكيلية رسمية العرسان، إن تاريخ الفن التشكيلي يعود إلى العصور القديمة حيث استخدمه الفنانون ليدونوا أحداث الحضارات والحروب التي حدثت في كل مرحلة تاريخية، إضافة إلى تدوين قضايا الشعب والمرأة ومعاناتهم في الماضي عبر رسوماتهم لينقلوه على مر العصور.
وأشارت إلى أن الفن التشكيلي يعتبر المرآة الأساسية التي تعكس كل حقبة زمنية، بعد كشفه حقيقة ما عاشته كل منطقة في العالم "نرى اليوم العديد من المنحوتات على الجدران في مدينة دمشق والتي جسدت حضارة وعراقة المنطقة، إضافة إلى التماثيل والمنحوتات المرسومة في الكهوف والمعابد والتي لها دلالات ورموز عديدة فمنها ما يدل على كيفية حكم الملك على شعبه آنذاك، ومنها ما يدل على نمط وأسلوب الحياة التي كانوا يعشونها وطقوسهم وتراثهم وثقافتهم".
وحول أهمية الفن في إظهار حقيقة الثورات وتداعياتها السلبية على المجتمعات والمرأة أكدت أنه "لولا وجود هذه الرسومات في يومنا الحالي، والتي تعتبر تراث تاريخي لما تمكنا من معرفة ما شهده العالم على مر العصور من ثورات وأزمات وحروب وماهي التداعيات السلبية التي تركتها على المجتمع والمعاناة التي خلفتها".
وعن رسالتها من خلال رسوماتها أوضحت أنها تسعى لتدوين ما تعيشه المرأة اليوم من معاناة وظلم وحرمان لحقوقها وما تتعرض له من قبل الذهنية الذكورية من عنف جسدي ونفسي، وإقصاء لوجودها وتقييد لدورها بحكم العادات والتقاليد والمفاهيم المجتمعة الخاطئة "أركز في رسوماتي على قضايا المرأة في المجتمع ومقاومتها رغم ما تعانيه، وأسعى من هذا التناقض إبراز قوة المرأة وروح المقاومة في سبيل كسر القيود المفروضة عليها لتصل لأحلامها وأهدافها".
وقالت إنه يقع على عاتق المرأة الدور الأكبر في تولي مسؤولية تدوين وتخليد ما تعيشه في كل مرحلة من حياتها إذ أظهرت العديد من الفنانات التشكيليات على مر الزمن الدور البارز والمهم في تدوين تاريخهن وتمكن من نقل واقعهن المعاش على مر العصور، ولا تزالنا تنقلن مراحل التاريخ وأحداثه عبر رسوماتهن وتجسدهن واقعهن لتخليده بين سطور التاريخ من خلال تناقله عبر الأجيال".
ودعت النساء إلى كسر المفاهيم الخاطئة التي تمنعهن من البوح بما تشعرن به "على كل فتاة تمتلك موهبة كالرسم أن تبرزه وتطوره ولا تجعله محصور وفق نطاق ضيق، فالمرأة في ظل ما تتعرض له من عنف وظلم تبقى بحاجة ماسة للتعبير عما تشعر به وهذا لن يحدث إلا من خلال الفن الذي له دور مهم في إظهار ما تعانيه".
من جانبها أوضحت الفنانة سحر عبد الرحمن أن المرأة عُرفت منذ بداية المجتمع الطبيعي (المجتمع النيوليتي) بقوتها ورجاحة عقلها فكانت الريادية والمحاربة والمثقفة ولديها معرفة واسعة في كافة المجالات الفنية والطبية والهندسية، لكن هذه الصفات مع مرور الزمن وظهور ما يسمى بالدول الرأسمالية والديكتاتورية اختفت تدريجياً "اسعى عبر رسوماتي لأجسد ما كانت عليه المرأة في الماضي ودورها ومكانتها في المجتمع".
وأشارت إلى أن المحافظة على الفن التشكيلي يعتبر ضرورة ملحة ليكون شاهد لكل فترة زمنية وتاريخية تمر بها المرأة، ويقع على عاتقها الدور والمسؤولية الأكبر في المحافظة على مواكبة الفن التشكيلي والعمل على تطويره، بحكم أنه تمكن من تجسيد واقع المرأة على مر العصور حتى الوقت الراهن، والحقبات الزمنية التي مرت عليها والدور الريادي الذي لعبته والصفات التي تمتعت به".
وحول مساهمة الفن التشكيلي في دفع المرأة لتستمد طاقتها وتستعيد حقيقة كيانها ودورها أكدت أن الفن التشكيلي لعب دور مهم في تسليط الضوء على قوة المرأة وروح مقاومتها والصفات التي تحلت بها على مر العصور، وتمكن من تجسيد ثقافتها وحكمتها التي تميزت بهن، وهذا كان حافز ودافع لها لتستعيد حقيقة جوهرها وكيانها عبر التأمل بالرسومات التي تتحدث عن مدى قوة المرأة ودورها الريادي سواء ضمن منزلها أو في الحروب".